هو أول فيلم يسجل على كاميرا فيديو بتقنية، وهو عمل يمتلئ بكثير من الوجوه والأسماء الفنية الشابة في فترة الثمانينات. .. وجوه لأسماء لايزال بعضها حاضرا على الساحة الفنية، يأتي على رأسها المخرج المتميز بسام الذوادي، والمسرحي عبدالله السعداوي. والاثنان غنيان عن التعريف فالذوادي هو من قدم للسينما البحرينية عددا لا بأس به من الأفلام القصيرة، الى جانب فيلمين روائيين طويلين، وهو الآن بصدد الاعداد لفيلمه الثالث الذي اختار له اسم "احلام صغيرة". أما السعداوي الكاتب والفنان والمخرج المسرحي الذي قدم ومازال يقدم من خلال مسرح الصواري أروع الأعمال المسرحية. اليوم يعود الذوادي بعمل ليس جديدا، عمره يزيد على العشرين عاما، فقد بعد تصويره مباشرة، وقبل أن يشرع الذوادي وطاقمه في عملية المونتاج، لكنه عمل شاء له القدر أن يرى النور... ولو بعد حين. هو فيلم "الاعتراف" وهو فيلم آخر ينضم الى قائمة أفلام الذوادي التي اعتاد أن يناقش فيها قضايا مجتمعية لكن بأسلوب مختلف. كما فعل في "الحاجز" حين سلط هالة من الضوء على بعض الأحوال السلبية مطلعا المشاهد عليها عبر عدسة شاب يجول حاملا كاميرته ويبدو كأنه الناقد والمستعرض والمحرك لكثير من وقائع الفيلم. ثم يعود في "زائر" ليناقش هموما أخرى، من خلال قصة خيالية تمتلئ بكثير من الرعب وتطرح كثيرا من الأسئلة وتواجه كثيرا من الأشخاص بواقعهم وبما ظنوه ماضيا لا يعود. يقول الذوادي "صورت فيلم "الاعتراف" في العام 1984 وحاولت مع فريق العمل حينئد أن أقوم بعملية المونتاج بشكل جيد، لكن تعذر علينا لأسباب كثيرة، وظللت أؤجل الموضوع حتى فقدت الفيلم أخيرا". ويواصل "عثرت على الفيلم بمحض المصادفة في شهر مايو/ أيار الماضي، وفي الحال باشرت في عملية المونتاج، ووجدت أن الفيلم بحاجة لدبلجة أصوات الممثلين، وفعلا قمت بالاتصال بجميع الممثلين لاتمام عملية الدبلجة كما استعنت بالممثل جمعان الرويعي للاستعاضة عن الفنان الراحل جعفر الحايكي"، والفيلم الذي يعد ثاني افلام الذوادي بعد تخرجه مباشرة، يعتمد على قصة للكاتب البحريني عبدالقادر عقيل جاءت ضمن أول مجموعة قصصية نشرت له في العام 1979 تحت عنوان: "استغاثات في العالم الوحشي". والقصة موضوع الفيلم تشير الى حادثة حقيقية والى حوادث واقعية عاشتها شخصية ما في العام 1966 تحديدا. تدور الوقائع خلال فترة الاحتلال البريطاني للبحرين في الستينات، بطلها هو عبدالله ابراهيم "خالد ابراهيم الشيخ". وعبدالله وإن بدا مواطنا بسيطا الا انه في واقع الأمر شاب يحمل في نفسه حنقا وغيظا شديدين سببهما الوجود البريطاني في البحرين. جرأته في التصريح بمشاعره أدت الى أن يشي به أحد أصدقائه ليجد نفسه معتقلا لدى الانجليز بتهمة كراهيتهم. يتوجب عليه الامضاء على اعترافات ملفقة تجعله مسئولا عن حادثة، لم يصرح بتفاصيلها في الفيلم، لكنها كانت موجهة ضد الانجليز بكل تأكيد. ينتهي الفيلم أخيرا بموت عبدالله بعد خروجه من السجن بسبب ما تعرض له من تعذيب وحشي على يد الانجليز. قصة الفيلم وان بدت عاكسة لفترة الستينات الا انها كما يعلق الذوادي حول أسباب اختياره لها "تعكس روحا معبرة الى حد كبير عن الروح السائدة بين شباب الثمانينات والذين كان معظمهم يحملون توجهات يسارية وقومية". الفيلم وان بدا متواضعا في امكاناته الفنية، على الأقل مقارنة بأفلام الذوادي الأخرى، وخصوصا فيلم "زائر"، الا انه يشكل تجربة مميزة ومحطة مهمة في تاريخ الذوادي السينمائي. كذلك يقدم الفيلم عددا من الوجوه الفنية المميزة التي هجر معظمها عالم الفن اليوم، لكن بقي منهم هاني الدلال مخرجا مسرحيا، وعلي السلمان كمسرحي بارز، وسالم سلطان الفنان المعروف، وأولا وأخيرا الكاتب والمخرج المسرحي الغني عن أي تعريف عبدالله السعداوي. أما لماذا يأتي عرض فيلم "الاعتراف" كالفيلم الافتتاحي في مسابقة أيام الأفلام البحرينية التي يتنافس فيها 17 فيلما، وتقام على هامش مهرجان الأيام الثقافي؟ يجيب الذوادي: "نريد ان نعرض للشباب المشاركين تجربتنا تلك ليعرفوا أننا كنا نركز دائما على أن يكون لكل عمل من أعمالنا هدف ما ورسالة معينة. نريد أن نعرفهم بضرورة أن يكون لهم توجه محدد، وأن يبحثوا عن قصة جيدة، ونص قوي". الفيلم من تمثيل خالد ابراهيم الشيخ في دور عبدالله، هاني الدلال في دور الضابط الإنجليزي، عبدالله السعداوي في دور الحاكم الإنجليزي، جعفر الحايكي في دور صديق عبدالله والجاسوس، سالم سلطان، أنور غلوم، عبدالرزاق النمشان، علي السلمان، نسيم عجاج. كتب السيناريو الخاص به وأخرجه كما قام بعملية المونتاج بسام الذوادي
العدد 1143 - السبت 22 أكتوبر 2005م الموافق 19 رمضان 1426هـ