تمثل استراتيجية خصخصة قطاع الموانئ في مملكة البحرين أحد الجوانب الأساسية لمشروع الاصلاح الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بهدف الدفع بالقطاع الخاص إلى المساهمة الفعالة في الاقتصاد الوطني عن طريق رفع الكفاءة الانتاجية للمشروعات وتحسين نوعية الخدمات المقدمة إلى المواطنين. وطرحت مملكة البحرين مشروع خصخصة ميناءي سلمان وخليفة بن سلمان وتشغيلهما لمدة 25 عاما إلى القطاع الخاص بعد دراسة قامت بها شركة محطات الموانئ البحرية الماليزية التي أكدت جدوى عملية الخصخصة. وتهدف خصخصة ميناءي سلمان وخليفة بن سلمان إلى زيادة الانتاجية ورفع الكفاءة وتوفير خدمة أفضل للمستثمرين والمصدرين من خلال تحسين الأداء وزيادة عدد السفن التي تتردد على موانئ المملكة وجعلها قبلة السفن العملاقة في منطقة الخليج والشرق الأوسط. وتقضي فلسفة خصخصة ميناءي سلمان وخليفة بن سلمان بأن تشغيل الميناء سيكون عن طريق التأجير وليس البيع إذ ستقوم الشركة (الفائزة بامتياز التشغيل) والتي لن تقل نسبة مشاركة القطاع الخاص البحريني فيها عن 40 في المئة بتشغيل مناولة الحاويات والبضائع العامة بالاضافة إلى توفير الخدمات البحرية مقابل حصول مملكة البحرين على مبلغ مقطوع مقابل الامتياز وايجار سنوي اضافة إلى نسبة مئوية من الدخل عندما يتجاوز الدخل السنوي مستوى معيناً، كما ستدفع الشركة 22 مليون دينار من قيمة كلفة ميناء خليفة بن سلمان والبالغة نحو 160 مليون دينار بينما تبلغ الكلفة الكلية 210 ملايين دينار. وتسلمت لجنة الخصخصة في المملكة عروضاً نهائية من ثلاث شركات عالمية لتشغيل ميناء سلمان وميناء خليفة بن سلمان في ابريل/ نيسان 2005 وهذه الشركات هي "محطات الميرسك الدنماركية، هتشنسون من هونغ كونغ ومحطات الحاويات الدولية الفلبينية" وتم اختيار هذه الشركات من بين 9 شركات شاركت في مرحلة طلب العروض التوضيحية. وتتم عملية التقييم بحسب اجراءات تم وضعها من قبل استشاري الخصخصة بحيث تضمن أكبر قدر من الشفافية والكفاءة، وتتكون اجراءات التقييم من ثلاثة مستويات تقوم بها لجنة الخصخصة وفريق التقييم وثلاثة فرق تقييم فرعية تختص بالشئون المالية والتجارية والاقتصادية والسوق والجوانب الفنية والشئون القانونية. وفي السياق ذاته دعت إدارة المشروعات الاستراتيجية في وزارة الاشغال والاسكان في مملكة البحرين المقاولين الذين تم تأهيلهم لمشروع مباني ميناء خليفة بن سلمان إلى تقديم عطاءاتهم في مناقصة محدودة في أكتوبر/ تشرين الأول 2005 علما بأن الكلفة التقديرية لتشييد مباني الميناء تبلغ نحو 17,5 مليون دينار بحريني وذلك بعد انتهاء اعمال الحفر والدفن والأعمال البحرية المتعلقة بمشروع الميناء في يناير الماضي بكلفة إجمالية بلغت 80 مليون دينار. وتشمل المباني المقرر انشاؤها البوابة الرئيسية ومبنى عمليات الميناء ومبنى المرفأ وبرج المراقبة ومبنى المسافرين ومبنى الجمارك والصحة والهجرة ومبنى الحجر الصحي ومراكز فحص الأطعمة ومستودعات تصدير الالمنيوم ومستودعات تفريغ وتوزيع حمولة الحاويات واعادة التصدير اضافة إلى تزويد هذه المباني بأحدث النظم الكهربائية والميكانيكية والالكترونية. وستكون فكرة مباني الميناء بمثابة معرض للزوار القادمين من البحر أو البر اذ يتخذ الموقع شكلاً منتظماً في حضن البحر ليشكل نقطة جذب لهذه المباني الحديثة وليعكس في الوقت نفسه التطور الحديث لمملكة البحرين وتقاليدها البحرية العريقة. وفي اطار التوجهات العامة إلى استكمال تنفيذ مشروع ميناء خليفة بن سلمان وقعت مملكة البحرين والكويت في أغسطس/ آب الماضي اتفاق قرض يقدم بموجبه الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية قرضا بقيمة 17,5 مليون دينار لاستكمال تنفيذ البنية الأساسية لمشروع ميناء خليفة بن سلمان والتي تبلغ كلفتها 41 مليون دينار. ويعتبر ميناء خليفة بن سلمان الجديد الذى دشنه رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة في 5 مارس 2002 نافذة بحرينية عملاقة للانفتاح على العالم ودفعاً لحركة التنمية في المملكة من خلال خلق بنية أساسية حديثة ومتطورة وقادرة على مواكبة العصر والتعاطي مع متطلبات المستقبل. كما يمثل ميناء خليفة بن سلمان ترجمة عملية وفعلية لتوجهات عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى وحكومته الرشيدة في توسيع قاعدة الاستثمار الصناعي في المملكة ووضع الأسس المتينة لاستقطاب الاستثمارات العالمية الكبرى. وبرزت الحاجة الى انشاء الميناء الذي تبلغ كلفته الكلية نحو 210 ملايين دينار بعد دراسات متعمقة أكدت انه في ظل التطور الاقتصادي في مملكة البحرين وما سينجم عنه من زيادة متوقعة في حجم التجارة الخارجية وارتفاع عدد السفن القادمة للمملكة فان ميناء سلمان لن يفي وحده بمتطلبات المرحلة المقبلة. وسيضارع ميناء خليفة بن سلمان أحدث ما وصلت اليه الموانئ العالمية والمنافذ البحرية إذ يضم الميناء الجديد في مرحلته الاولى ستة أرصفة لخدمة السفن والحاويات بمختلف أنواعها بطول كلي يبلغ 1800 متر بالاضافة الى الرافعات وساحات المناولة والتخزين وبرج المراقبة والخدمات المساندة وتجهيزه بأحدث المعدات اضافة الى انشاء ميناء صغير للزوارق والجرارات وانشاء جسر بطول 7 كيلومترات لربط الميناء بالمدينة الصناعية في منطقة الحد. كما روعي في وضع التصميمات الخاصة بميناء خليفة بن سلمان أن تهيأ له كل التجهيزات الضرورية ما يتيح له استقبال أكبر حاويات البضائع في العالم إذ يصل عمق الغاطس الخاص به 15 متراً ما يحقق له أقصى درجات الفعالية ويجمع بين متطلبات النقل الآمن وحماية البيئة وفقا للمعايير الدولية. ويضاعف من الأهمية الاقتصادية للمشروع كونه مجاوراً للمنطقة الصناعية بالحد التي تبلغ كلفتها التقديرية أكثر من 44,5 مليون دينار وتقع على مساحة تقدر بـ 247 هكتارا وتتوافر فيها جميع المرافق اللازمة للمشروعات الصناعية والخدمية والمتوسطة والصغيرة الحجم ما يساعد على زيادة استقطاب الاستثمارات الاجنبية والمحلية وتكريس مكانة البحرين بصفتها مركزاً اقليميّاً للخدمات في المنطقة. وسيساهم ميناء خليفة بن سلمان في تطوير البنية التحتية في المملكة وزيادة حجم الصادرات والواردات وتشجيع انشاء الخدمات المساندة للموانئ ما سيتيح فرص عمل كبيرة للمواطنين وتنويع مصادر الدخل القومي وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد البحريني وتمكين القطاعات الاقتصادية المختلفة من الإسراع في النمو والاندماج في الاقتصاد العالمي وخصوصاً مع بدء سريان اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن رفع القيود أمام انسياب حركة التجارة الدولية واقامة الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. يذكر ان عدة عوامل اعترضت د توسعة ميناء سلمان الذي تم افتتاحه العام 1962، اذ توجد طبقات صخرية تحتوي على مياه جوفية تمنع عمليات تعميق اضافية والحاجة الى مساحات للطرق المؤدية إلى جسر الشيخ خليفة بن سلمان اضافة إلى محدودية الغاطس الحالي الذي يبلغ 10,5 أمتار. ويمثل ميناء الشيخ خليفة بن سلمان أحد انجازات مملكة البحرين في مجال الملاحة البحرية التي تمتد الى تاريخ يربو على أكثر من 5 آلاف عام عندما كانت المملكة الملجأ والممر الآمن للقوافل التجارية بين حضارة ما بين النهرين والحضارة الهندية ما أهلها للريادة في هذا المجال على مر العصور.