يعتبر منتخبنا الوطني لكرة اليد من المنتخبات البارزة على مستوى القارة الآسيوية بعد تحقيقه المركز الثاني في التصفيات الأخيرة التي أقيمت في لبنان، ومنها اعتلى عتبة الوصول إلى النهائيات العالمية بمونديال السويد 2011 كأبرز إنجاز تحققه كرة اليد البحرينية منذ تأسيسها، وأكد أهم الإنجازات على مستوى الرياضة في المملكة على صعيد الألعاب الجماعية.
وتعد دورة الألعاب الآسيوية الحالية التي تنطلق رسميا اليوم وتستمر حتى 27 من الشهر الجاري في مدينة جوانزهو الصينية محكاً حقيقياً ومعتركاً سانحاً لمنتخب اليد لإثبات جدارته من جديد وتأكيد تواجده المستمر على الساحة القارية، وهو يجعله من المرشحين بقوة للظفر بإحدى الميداليات الثلاث لما يمر به من حالة استثنائية وفي ظروفٍ مؤاتية للوصول إلى ما يريد.
وعلى رغم قوة الترشيحات للمنتخب اليد في هذا الاستحقاق الآسيوي إلا أنه قد يتأثر بصورة نسبية بالمنعطفاتٍ المتعددة والتقلبات المتكررة التي شهدها لعل أبرزها مشكلة التعاقد مع المدرب المناسب والظروف المتذبذبة التي رافقته طوال فترة الإعداد.
وبدأ منتخب اليد استراتيجية التخطيط لآسياد جوانزهو منذ اللحظة التي أعلن فيها عن تأهله لنهائيات كأس العالم، إذ دخل الاتحاد مرحلة جديدة من العمل توازي الوضعية التي يعيشها، وتطلب الأمر منه رسم خريطة الطريق لإعداد المنتخب بالشكل الصحيح من خلال الاستعانة بالكوادر الفنية والإدارية والاستفادة من الخبرات السابقة لمزجها في بوتقة واحدة تصب لصالح المنتخب في نهاية المطاف.
وأعلن مجلس الإدارة عن تشكيل لجنة استشارية لوضع برنامج الإعداد الشامل والذي يبدأ بدورة الألعاب الآسيوية في الصين ويمتد إلى مونديال العالم بالسويد، وضمت هذه اللجنة رئيس الاتحاد علي عيسى، ومعه كل من عضو لجنة التدريب والأساليب بالاتحاد الدولي لكرة اليد عبدالجليل أسد والمحاضر الدولي نبيل طه واللاعب الدولي السابق وإداري كرة اليد بالنادي الأهلي مجدي ميرزا، والنائب الثاني لرئيس الاتحاد عبدالله الحاج إلى جانب حسين جعفر ومقرر اللجنة عيسى خميس.
وتمخضت الاجتماعات التي عقدتها اللجنة عن ترتيب برنامج زمني للمنتخب يشتمل على عدة مراحل للإعداد لا تقتصر على الجوانب التدريبية فقط وإنما هدفت إلى تأمين عدد معين من المعسكرات التدريبية ومجموعة من المباريات الودية بالإضافة إلى زيادة الكوادر الفنية وعدم الاقتصار على المدرب والمدرب المساعد فقط.
بقدر الدعم المتاح للمنتخب والموازنة المرصودة له اعتمد الاتحاد التوصيات المدرجة من اللجنة الاستشارية، وذلك بعد الحصول على الموافقة المبدئية من قبل اللجنة الأولمبية والمؤسسة العامة للشباب والرياضة، لتسير معها خطة العمل في أول مشاركة رسمية على نطاق الإعداد.
الهدف الأول لإدارة الاتحاد تمحور في تحديد هوية الجهاز الفني لقيادة المنتخب، وتم التفاوض مع المدرب الدنماركي أورليك لتجديد عقده بعد إنجاز لبنان، ولكن الشروط الكثيرة والمتطلبات المتعددة للمدرب أدت إلى صرف النظر عنه، والتوجه إلى خيارات أخرى اشتملت على مدربين عرب وأوربيين، وسارت المفاوضات على قدمٍ وساق لحسم هذا الملف، إلا أن مجلس الإدارة لم يجد لنفسه سبيلاً في الموافقة على جميع العناصر الفنية المرشحة له، إما لتواضع السير الذاتية وإما للكلفة المادية الكبيرة التي يتطلبها قرار الاختيار لأحد المدربين العالميين.
ومع المحاولات المتكررة لإيجاد المدرب ارتأت إدارة اللعبة إسناد المهمة مؤقتاً للمدرب الوطني علي العنزور لقيادة الفريق في تلك الفترة، وتسيير أموره إلى حين الاستقرار على الخيار المناسب، وأوكلت له المهمة للمشاركة في بطولة اليابان الودية والتي كانت الخطوة الأولى على ميدان التنفيذ، ومعها بدت الاستراتيجية التي ارتكز عليها القائمون على المنتخب بتوسيع رقعة القائمة بأكبر عددٍ ممكن من اللاعبين، واتضحت الرؤية الأولية باحتواء تلك القائمة على مجموعة فاقت الثلاثين لاعباً، تم اختيارها عبر ترشيحات غالبية مدربي الفرق المحلية والذين قدموا قوائم (سرية)، وتم تنقيحها بما تتناسب مع التوافق العام لاختيارات الجهاز الفني آنذاك والذي سعى إلى تعزيز مراكز النقص للمنتخب وزيادة فاعليتها لتفادي أخطاء التصفيات الآسيوية التي أثرت على الفريق بصورة واضحة في لبنان.
ولم تخضع آلية الاختيار إلى رابط العمر بقدر ما اشتملت على نحوٍ أكبر من ذلك، فقد تمت الاستعانة بالكثير من الوجوه السابقة التي نالت فرصة تمثيل المنتخب في مناسبات مضت، أبرزها لاعبو نادي النجمة السيدمجيد الموسوي وجاسم محمد ومحمد عبدالنبي ولاعب نادي البحرين فهد جاسم ومن الأهلي حسين فخر وعباس مال الله، بالإضافة إلى عددٍ من الوجوه الشابة التي تنضم للمرة الأولى إلى قائمة الكبار، فيما عدا ذلك تغيب عن المنتخب بصورة اضطرارية سعيد جوهر وجعفر عبدالقادر ومحمود عبدالقادر ومهدي مدن لظروف الإصابات، أما الوجوه الجديدة فقد ضمت لاعب نادي التضامن علي ميرزا ولاعب الشباب مهدي سعد ومن الأهلي الحارس صلاح عبدالجليل، وحسن محمود من نادي النجمة.
مع انتهاء المشاركة في بطولة اليابان الودية والتي شهدت تواجداً لمنتخبات اليابان (أ) و(ب)، والصين، بدأ الجهاز الفني المرحلة الثانية من برنامج الإعداد باستدعاء جميع اللاعبين الذين وقع عليهم الاختيار لإعادة جدولة برنامجه في أسرع وقت ممكن، وخصوصاً أن الفترة التي يمر بها كانت حرجة جداً لعدم تمكنه من حسم خيار المدرب، ولكن الفريق واصل تجمعه بإشراف العنزور في الوقت الذي استمرت فيه المفاوضات السرية على قدمٍ وساق بحثاً عن هوية المدرب الجديد.
وجد اتحاد اليد نفسه مضطراً للتعاقد مع المدرب المونتينغري «بيرو» لقيادة المنتخب وذلك بعد الإطلاع على سيرته الذاتية وبعد الاجتماع المباشر معه في بلاده لمعرفة فكره التدريبي ووضعه أمام الأمر الواقع قبل إسناد المهمة الرسمية له.
رافق وصول المدرب بيرو أرض المملكة الإعلان المباشر عن القائمة الأولية للمنتخب والتي ضمت 23 لاعباً اختارهم هو عبر المعرفة السابقة لبعض اللاعبين وعبر مشاهدته لأشرطة الفيديو في آخر البطولات الخارجية للمنتخب، وكذلك اطلع على أبرز مباريات الدوري المحلي في الموسم الماضي.
بدأ بيرو مرحلة الإعداد الجديدة بالتدريبات المحلية، وبعدها دخل في أول تجربة رسمية على صعيد المباريات الودية والمتمثلة في المعسكر البولندي والتي لعب فيها ما يقارب من 5 مباريات ودية تفاوت فيها الأداء بين المتوسط والجيد، ومن ثم شارك في بطولة الدوحة الودية مع نخبة من المنتخبات العربية والآسيوية، ولكن المنتخب لم يقدم ما يشفع له في تلك المشاركتين، ومعها طفت على السطح بعض المآخذ على أسلوب المدرب وطريقة عمله، وهو ما رسم علامة استفهام كبيرة وضعت الاتحاد أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الإقالة أو إبقاء الحال على ما هو عليه.
وبمجرد العودة من الدوحة بدأ الاتحاد في إعادة الأمور إلى نصابها من جديد لتصحيح مسار البوصلة - وفق رؤيته - وفي غضون ساعات قليلة اتخذ مجلس الإدارة قراراً هو من أصعب القرارات التي واجهته، وتمثل ذلك في إعفاء بيرو من مهمته والاستعانة بالمدرب الدنماركي أورليك من جديد لانتشال المنتخب من المرحلة الحرجة، وإعادة الروح المعنوية للاعبين في فترة قصيرة لم تتعد فيها انطلاقة الأولمبياد عن العشرة أيام.
تراجع أورليك عن الكثير من طلباته كان سبباً رئيسياً في خلق التوافق السريع مع الاتحاد، وبعد التعاقد معه تقرر أن يلتحق بالفريق في معسكره الأخير بالعاصمة الكورية سيئول ليتسلم بعدها دفة القيادة بعد غياب مؤقت امتد لأكثر من نصف عام.
كان واضحاً توجه الاتحاد إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في المعسكر الكوري، لخلق التجانس الفني بين اللاعبين في الوقت الحرج وزيادة الاستعداد البدني لهم قبل الخوض في مصير الآسياد.
واكتفى أورليك بثلاث مباريات ودية مع المنتخبات الكورية المختلفة، ومن ثم التوجه إلى جوانزهو الصينية لبدأ المرحلة المهمة وتحقيق هدف الخروج بأفضل نتيجة ممكنة.
وفي ظل ما رافق المنتخب من تحولات عدة، وعلى الرغم من السلبيات التي حدثت إلا أن الرهان على كرة اليد البحرينية يبقى رهاناً ناجحاً وهو ما يؤكده التاريخ العريق لهذه اللعبة والتي نأمل لها المزيد في آسياد جوانزهو.
العدد 2989 - الخميس 11 نوفمبر 2010م الموافق 05 ذي الحجة 1431هـ
القاضي 15 (محرقاوي )
بالتوفيق لليد الحمراء الانهم هم من نفتخر بهم وكذالك الكرة الطائرة هم من يبردون القلب ويريحون الخاطر