تقدم المحامي فاضل المديفع بالطعن بعدم دستورية نص المادتين (11) و (89/2) من القانون رقم (21/89) بشأن الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة. مبرراً طعنه على المادتين سالفتي الذكر إلى مخالفتهما للعديد من مواد ونصوص الدستور، وخصوصاً تلك المواد المتعلقة بصون حرية التعبير والتجمعات وتكوين الجمعيات.
وقال: «إن النص القانوني الطعين انطوى على عبارات مجملة فضفاضة أعطت للإدارة سلطة تقييد هذا الحق بما ينطوي على إهدار للحق الدستوري والمساس بمضمونه وجوهره وتفريغاً له من محتواه، كما أنه خالف روح وجوهر هذا الحق الدستوري، و جاء مناهضاً ومخالفاً للدستور بقدر ما أهدره من هذا الحق الدستوري الأصيل للأفراد في تكوين الجمعيات».
وتنص المادة (11) من القانون رقم (21/89) بشأن الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضية على أنه «للجهة الإدارية المختصة حق رفض تسجيل الجمعية إذا كان المجتمع في غير حاجة لخدماتها أو لوجود جمعية أو جمعيات أخرى تسد حاجة المجتمع في ميدان النشاط المطلوب أو إذا كأن إنشاؤها لا يتفق مع أمن الدولة أو مصلحتها أو لعدم صلاحية مقر الجمعية أو مكان ممارسة نشاطها من الناحية الصحية أو الاجتماعية أو تكون الجمعية قد أنشئت بقصد إحياء جمعية أخرى سبق حلها».
كما تنص المادة على أنه «يخطر مقدم طلب التسجيل بخطاب مسجل بقرار الجهة الإدارية المختصة برفض تسجيل الجمعية وأسباب الرفض، وذلك في الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة».
وقال المديفع: «يعتبر فوات الميعاد المشار إليه في المادة السابقة دون إتمام التسجيل أو إخطار مقدم الطلب برفضه بمثابة رفض ضمني لطلب التسجيل». إضافة إلى أنه «لذوي الشأن التظلم إلى الجهة الإدارة المختصة من قرار رفض التسجيل صراحة أو ضمناً خلال ستين يوماً من تاريخ وصول الخطاب المشار إليه، أو مضي الميعاد دون إتمام التسجيل أو إخطار ذوى الشأن برفضه».
واحتوت المادة المطعون على عدم دستوريتها على أنه «ويجب البت في التظلم بقرار مسبب خلال ستين يوماً من تاريخ وصوله إلى الجهة الإدارية المختصة، ويعتبر فوات ستين يوماً دون أن تجيب عنه الجهة الإدارة المختصة بمثابة رفضه». أما المادة (89/2) من القانون ذاته الذي جرى بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز خمسمائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، فتنص على أن: «كل من باشر نشاطاً بجمعية أو مؤسسة خاصة أو ناد ثقافي أو اجتماعي أو هيئة خاصة عاملة في ميدان الشباب والرياضة قبل نشر بيان تسجليها في الجريدة الرسمية طبقاً لأحكام هذا القانون».
وقال المديفع في بيان تقدمه بالطعن على عدم دستورية مواد القوانين المشار إليها سلفاً: «إن النص المطعون عليه قد خالف العديد من النصوص الدستورية، ومنها نص المادة (27) من الدستور الذي جرى بأن «حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سليمة، مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، بشرط عدم المساس بأسس الدين والنظام العام، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة والاستمرار فيها؛ بالإضافة إلى نص المادة (28/أ وب) من الدستور والتي نصت على (أ) أن «للأفراد حق الاجتماع الخاص دون حاجة إلى إذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن العام حضور اجتماعاتهم الخاصة، (ب) الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة».
وأضاف «كما نصت المادة (23) من الدستور على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية، والمادة (31) من الدستور التي نصت على «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور إلا بقانون أو بناءً عليه ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
وأشار المديفع في شرحه لعدم دستورية المواد المطعون عليها، إلى أن «مادة الاتهام هي المادة (89/2) من القانون المشار إليه أعلاه والتي تعاقب بالحبس أو الغرامة على ممارسة نشاط بجمعية قبل نشرها في الجريدة الرسمية، وإن هذا النشر لا يتم إلا بموافقة الجهة الإدارية وزارة التنمية الاجتماعية على تأسيس الجمعية وإشهارها طبقاً لنص المادة سالفة الذكر، وبما أن الوزارة تملك طبقاً لذلك حق رفض تسجيل وإشهار الجمعية في الحالات الواردة بالمادة (11) من القانون المذكور وفي الحالات التي عينها القانون في تلك المادة، فإن إعطاء الإدارة الحق في رفض إنشاء الجمعية ومن ثم إشهارها في تلك الحالات هي مخالفة لنص وروح الحق الدستوري الذي كفله الدستور بموجب المادة (27) منه في حرية تكوين الجمعيات لأهداف مشروعة وبوسائل سلمية ويفرغ هذا النص من مضمونه وجوهره والمقاصد التي توخاه المشرع الدستوري حين حرص على ضمان الحريات والحقوق المكفولة للمواطنين بالمخالفة لنص المادة (31) من الدستور».
وأوضح «الدستور صرح بأن مزاولة الأفراد لحقهم الدستوري في تكوين الجمعيات، وأن يتم ممارسة هذا الحق طبقاً للأوضاع التي يقررها القانون، إلا أن ذلك مشروط بألا يترتب على هذا القانون عند تنظيمه لمزاولة حق تكوين الجمعيات إفراغ هذا الحق الدستوري من مضمونه أو المساس بجوهره، وإلا كان مخالفاً لنص المادة (31) من الدستور، فالقانون يجب أن يقتصر على تنظيم إجراءات تكوين الجمعية لا أن تمتد إلى منح الإدارة الحق في رفض طلب تكوين الجمعية طالما لم يكن الهدف من الجمعية المساس بالنظام السياسي أو الدين أو الآداب العامة أو النظام العام، وطالما كان الغرض من إنشاء الجمعية مشروعاً وليس هناك أكثر مشروعية من نشر ثقافة حقوق الإنسان، فإن تجاوز نص المادة (11) من القانون إلى إعطاء الإدارة سلطة رفض تكوين الجمعية لأسباب لا تبرر هذا الرفض وسلب الحق الدستوري المقرر للمتهم وغيره في تكوين الجمعيات، فإن نص المادة (11) يكون قد استطال لينال من حق دستوري أصيل يشكل أحد الأسس الأصلية لقيام المجتمع والدولة الديمقراطية وأهدر لنص المواد (23 و27 و28 و31) من الدستور بلا مبرر».
واستند المديفع في هداف الدفع إلى حكمٍ صادر من المحكمة الدستورية المصرية، مستخلصاً منه أنه «من المقرر قانوناً أن حق المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية هو فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، فاعتبرها - بنص المادة (19) من الحقوق الطبيعية، وكفل - أسوة بالدساتير المتقدمة - صونها وعدم المساس بها، ولم يجز الإخلال بها من خلال تنظيمها».
وأردف «إن ضمان الدستور - بنص المادة (23) التي رددت ما اجتمعت عليه الدساتير المقارنة - لحرية التعبير عن الآراء، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، ولا تكون لها من فائدة».
واعتبر المديفع «حرية التعبير أبلغ ما تكون أثراً في مجال اتصالها بالشئون العامة، وعرض أوضاعها تبياناً لنواحي التقصير فيها، فقد أراد الدستور بضمانها أن تهيمن مفاهيمها علي مظاهر الحياة في أعماق منابتها، بما يحول بين السلطة العامة وفرض وصايتها علي العقل العام، وألا تكون معاييرها مرجعاً لتقييم الآراء التي تتصل بتكوينه ولا عائقاً دون تدفقها».
وقال: «من المقرر كذلك إن حرية التعبير، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخي قمعها، إذ يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها - وعلانية - تلك الأفكار التي تجول في عقولهم ويطرحونها عزماً ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثاً من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوباً، ومن ثم وجب القول بأن حرية التعبير التي كفلها الدستور هي القاعدة في كل تنظيم ديمقراطي، فلا يقوم إلا بها، ولا ينهض مستوياً إلا عليها».
ولفت إلى أن «حق الاجتماع المقرر بنص المادة (28) من الدستور سواء كان حقاً أصيلاً أم بافتراض أن حرية التعبير تشتمل عليه باعتباره كافلاً لأهم قنواتها، محققاً من خلاله أهدافها - أكثر ما يكون اتصالاً بحرية عرض الآراء وتداولها كلما كوّن أشخاص يؤيدون موقفا أو اتجاها معيناً جمعية تحتويهم، يوظفون من خلالها خبراتهم ويطرحون آمالهم ويعرضون فيها كذلك لمصاعبهم، ويتناولون بالحوار ما يؤرقهم، ليكون هذا التجمع المنظم نافذة يطلون منها على ما يعتمل في نفوسهم، وصورة حية لشكل من أشكال التفكير الجماعي، وكان الحق في إنشاء الجمعيات - وسواء كان الغرض منها اقتصاديا أو ثقافيا أو اجتماعيا أو غير ذلك – لا يعدو أن يكون عملا اختياريا، يرمي بالوسائل السلمية إلي تكوين إطار يعبرون فيه عن مواقفهم وتوجهاتهم».
وأفاد «ومن ثم فإن حق الاجتماع يتداخل مع حرية التعبير، مكوناً لأحد عناصر الحرية الشخصية التي لا يجوز تقييدها بغير اتباع الوسائل الموضوعية والإجرائية التي يتطلبها الدستور أو يكفلها القانون، لازماً اقتضاء حتى لو لم يرد بشأنه نص في الدستور، كافلاً للحقوق التي أحصاها ضماناتها، محققاً فعاليتها، سابقاً علي وجود الدساتير ذاتها، مرتبطاً بالمدنية في مختلف مراحل تطورها، كامناً في النفس البشرية تدعو إليه فطرتها، وهو فوق هذا من الحقوق التي لا يجوز تهميشها أو إجهاضها. بل إن حرية التعبير ذاتها تفقد قيمتها إذا جحد المشرع حق من يلوذون بها في الاجتماع المنظم، وحجب بذلك تبادل الآراء في دائرة أعرض بما يحول دون تفاعلها وتصحيح بعضها البعض، ويعطل تدفق الآراء التي تتصل باتخاذ القرار، ويعوق انسياب روافد تشكيل الشخصية الإنسانية التي لا يمكن تنميتها إلا في شكل من أشكال الاجتماع».
وقال: «إن النص القانوني الطعين انطوى على عبارات مجملة فضفاضة أعطت للإدارة سلطة تقييد هذا الحق بما ينطوي على إهدار للحق الدستوري والمساس بمضمونه وجوهره وتفريغاً له من محتواه فإن النص الطعين يكون قد خالف روح وجوهر هذا الحق الدستوري أي جاء مناهضاً ومخالفاً للدستور بقدر ما أهدره من هذا الحق الدستوري الأصيل للأفراد في تكوين الجمعيات والمقصود من هذا الحق وغاياته التي توخاها المشرع الدستوري طبقاً لما نص عليه في المادة (31) منه من لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق والحرية، فإذا ما تنكب النص القانوني الطعين ذلك فإنه يكون مشوباً بمخالفته الدستور مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته».
العدد 2999 - الأحد 21 نوفمبر 2010م الموافق 15 ذي الحجة 1431هـ
المحامي أ.فاضل المديفع
تحية اجلال على جهودك أيها المدافع عن حقوق الإنسان - وأشكرك على طعنك أمام المحكمة الدستورية بخصوص قانون الإستملاك السيء الذي يصادر الأموال الخاصة وأبارك نجاحك في كسب الدعوى وإدل ذلك على شيء فإنما يدل على انك محامي من الطراز الأول - فبارك الله جهودك وكثر الله من أمثلك.
قوانين على الكيف على المواطن تجر حد السيف
كل كم يوم إصدار قانون جديد بدون دراسة ولا فحص علمي... وكأن إصدار القوانين بات هوايه لمن أراد على هواه... يعني متى راح نتقدم.. ما ندري؟!!