العدد 3010 - الخميس 02 ديسمبر 2010م الموافق 26 ذي الحجة 1431هـ

الشورى... صداع النواب «النصفي» المتكرر !

انتقادات «المعارضة» باتت «ناراً» وأصبحت «رماداً»

لم يكن 2002، عام الجدل النيابي بعد أن شهد ولادةً متعسرة، لأول مجلس نوابٍ بحريني، بعد توقفٍ قسري للديمقراطية في البلاد مدة جاوزت الربع قرنٍ من الزمان، لكنه أيضاً كان عام الجدل على الغرفة الثانية التي أرادتها «المعارضة» الوطنية غرفة للاستشارة فقط، فيما أصبحت واقعاً، نصفاً كامل الصلاحيات التشريعية للمجلس الوطني، وظلت هذه الغرفة على الدوام، تحظى بانتقادات «شديدة»، واتهاماتٍ متكررة بأنها أوجدت، لتكون صاحبة الكلمة الأخيرة في سجال الديمقراطية البحرينية الوليدة.

قوى المعارضة الموجودة في البرلمان ومن هي خارجه، اعتبرت مجلس الشورى «عدوّا»، منذ إعادة تشكيله قبل ثماني سنوات، وظلت على مدى الفترة الماضية تعيش معه «حرباً باردة»، فلا لقاءات ولا تنسيقا ولا حتى ترحيب متبادل بينهما، ومن منظورٍ سياسي تبدو هذه الحالة «متوقعة» بعد أن خابت ظنون «المعارضين» في أن يكون الشوريون مستشارين فقط، فيما كان من الطبيعي أن يقابل الـ 40 المعينون هذا الفتور، بذاته.

بعد ثماني سنوات، وتشكيل ثالث مجلسِ شورى، يبدو أن «نار» المعارضة» المشتعلة حنقاً على «الشورى» خبت، وأصبحت «رماداً»، فلم يعد رموز هذا التيار يظهرون حماساً سياسياً ولا حتى إعلامياً واضحاً، إزاء الغرفة الثانية من المجلس الوطني البحريني، وإذا استثنينا البيان الوحيد الذي صدر عن «الوفاق»، فقد مرّت حركة التعيينات الشورية الثالثة التي جرت في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، أي قبل أيام قلائل، على قوى المعارضة مرور الكرام، على رغم أنها كانت في السابق تشكل حدثاً سياسياً تتجدد فيه انتقاداتها إلى هذا المجلس.

البيان الأخير الذي أصدره الوفاقيون، وهم الذين أعلنوا رسمياً مؤخراً أنهم يرفضون تعيين أحدهم في مجلس الشورى، تحدث باللهجة ذاتها التي ألفناها من المعارضة، إلا أنه لم يقدم موقفاً جديداً أو يشر إلى وجود حراكٍ جديد في التعاطي مع «الشورى»، فقد ذكرت «الوفاق» أن «مجلس الشورى يعبر عن الرؤية الرسمية ولا يعبر عن تطلعات المواطنين»، وأشارت إلى أنه «أفقد بعض القوانين قوتها وكان عقبة في إقرار العديد من القوانين والتشريعات التي تصب في الصالح العام»، ولفتت إلى «قيام المجلس المعين بالوقوف حجر عثرة أمام الإسراع في سن القوانين ليكون طريقها أطول طريق تشريعي قياساً ببرلمانات الدول الأخرى، وأعاق السكة التشريعية لتكون أطول سكة تشريعية على عكس التجارب الأخرى التي تكمل فيها الغرفتان بعضهما البعض».

وفي الجانب الآخر اليوم، وبعد ثماني سنوات، وتجربة مجلسي الشورى والنواب، يبدو المشهد السياسي أقرب للبساطة في تحديد ماهية العلاقة بين ركني الزاوية في المجلس الوطني، ويبدو أن قراءة المشهد السياسي، فيما يتعلق باستشراف أفق الصلة المشتركة بين الجهتين أقرب إلى الكتاب المفتوح، فبالرغم من حالة «السجال» السابقة واللاحقة بينهما، إلا أنه لا أحد باستثناء «نواب الوفاق» حالياً يتحدث عن رغبةٍ ولا حتى أمنيةٍ في إحداث تغيير في تركيبة وعدد وحجم ونوعية وتوجهات مجلس الشورى.

وعلى رغم ذلك، ومن خلال تجربة الفصل الثاني في السنواتٍ الأربع المنصرمة، بدا واضحاً للعيان أن كتلاً غير الوفاق المحسوبة على المعارضة، كالأصالة والمنبر وحتى بعض المستقلين تغير مزاجها تجاه «الشورى»، بعد أن أبدى الأخير حراكاً بخلاف ما كانت تمضي به تلك الكتل، ولايزال المتابعون يذكرون آخر جلسات مجلس النواب منتصف مايو/ أيار الماضي كيف حظي مجلس الشورى بانتقاداتٍ غير مسبوقة من قبل بعض نواب الأصالة والمنبر الإسلامي، في ملف حظر الخمور الذي وئد مشروعُ قانونٍ تقدم به النواب بعد اختلاف رؤية «الشورى» عليه معهم.

وبلغة الأرقام، يبدو أن الجدل النيابي/ الشوري، ليس غريباً عن الفهم، ففي حين أن الفصل التشريعي السابق، حظي بإقرار 37 قانوناً، كان هناك في المقابل 17 مشروع قانونٍ (الجدول المرفق يحوي 16 مشروعاً بالإضافة إلى مشروع قانون حظر الخمور) عطّل بسبب اختلاف الإرادتين، وبمجموع القوانين المقرة والمعطلة، نجد أن لدينا ثلث هذه المشروعات سقط بانتهاء ذلك الفصل.

وقد ظلت أغلب هذه المشروعات بقانون قابعة تحت قبة البرلمان بانتظار عقد جلسة للمجلس الوطني لاتخاذ قرار الحسم بشأنها، بعد أن فشل مجلسا الشورى والنواب في الوصول إلى توافق بشأنها، وبعض هذه المشروعات بقوانين كان معطلاً منذ دور الانعقاد الثاني (2008)، و6 مشروعات بقوانين محالة منذ دور الانعقاد الثالث (2009)، و10 مشروعات محالة في دور الانعقاد الرابع (2010).

وعلى رغم النص الدستوري الصريح، وفق المادة «85» على أنه «إذا اختلف المجلسان بشأن مشروع أي قانون مرتين، يجتمع المجلس الوطني برئاسة رئيس مجلس الشورى لبحث المواد المختَلف عليها، ويشترط لقبول المشروع أن يصدر قرار المجلس الوطني بأغلبية الأعضاء الحاضرين، وعندما يرفض المشروع بهذه الصورة، لا يقدَّم مرة ثانية إلى المجلس الوطني في الدورة نفسها»، إلا أن الجميع كان يسأل سؤالاً لم يحصل أحدٌ على إجابته «متى يجتمع المجلس الوطني لمناقشة المشروعات العالقة بين المجلسين؟».

وبسبب وجود المجلسين المنتخب والمعين، فإن التشريعات تأخذ دورةً طويلة جداً، وصلت أحياناً إلى أربع سنوات لإقرار قانونٍ واحد أو إحداث تعديلٍ عليه، وتشير المادة الدستورية رقم «84»، لهذه الدورة، بأنه «لمجلس النواب أن يرفض أي تعديل على مشروع قانون أقره مجلس الشورى، وأن يصر على قراره السابق من دون إدخال أية تعديلات جديدة على مشروع القانون. وفي هذه الحالة يعاد المشروع إلى مجلس الشورى مرة ثانية للنظر فيه. ولمجلس الشورى أن يقبل قرار مجلس النواب أو أن يصر على قراره السابق».

وتقاسمت الكتل النيابية السابقة في «مجلس 2006» الهموم في اختلاف مجلس الشورى مع مشاريعها، فالأصالة أبدت غيظها من رفض مجلس الشورى السابق على عدة مشاريع تقدمت بها، لعل أبرزها مشروع قانونٍ تقدمت به في 2008 بشأن رفع رواتب موظفي الحكومة المدنيين والعسكريين بمقدار 33 في المئة ورفع الحد الأدنى للرواتب إلى 300 دينار.

فيما كانت «المنبر الإسلامي» تشكو من أن «الشورى» تعمد تعليق مناقشته لقانون «الذمة المالية» لأكثر من عام وأبقاه حبيس الأدراج، قبل أن يعيده مرة أخرى باستثناء رئيس الوزراء منه، وهو ما وافق عليه النواب على مضض أواخر الدور الرابع خوفاً من سقوطه.

كذلك، سيظل مشروعا قانون، تعديل اللائحة الداخلية لمجلس النواب، وحظر الخمور شاهداً على توتر العلاقة بين مجلسي 2006، وعلى رغم كل ذلك، يظل السؤال :هل سيشهد المجلس الوطني 2010، مزيداً من التوتر بين الغرفتين، أم سنشهد توافقاً أكبر بينهما،وخاصة مع تحوّل عددٍ من النواب السابقين إلى شوريين جدد؟

العدد 3010 - الخميس 02 ديسمبر 2010م الموافق 26 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:40 ص

      يحيا الصداع وما احلاه

      دائما سيكون هذا الصداع بالمرصاد لكم يا نواب .. وانتم تعرفون حين دخلتم بشأن هذا الصداع وتعرفون ان لا دواء له اذا عليكم القبول او الخروج وانتم لن تخرجوا منه ابدا الا لتدخلوا الى الشورى .........

اقرأ ايضاً