يوسف الكويليت (صحيفة "الرياض" السعودية – 14 يناير/ كانون الثاني 2011)
تحديث: 12 مايو 2017
مأزق الحرية بالوطن العربي صار هاجساً عاماً، فثورة المعلومات أعطت بعداً كونياً قرّب مسافات التواصل مع العالم الخارجي، ورؤيته من قرب، كيف يتطور وبأي أسلوب يدير شؤونه، ولماذا القانون فوق المحسوبيات، والتشريعات التي تحمي الحقوق من أي سلطة حكومية أو إدارية؟..
وطننا العربي الذي مر بمبايعة الزعيم الأوحد وبطل التحرير والحرية والمنتخب بأعلى الأرقام وحبيب الشعب، إلى آخر ما أعطاه الإعلام الرسمي من تضخيم وتكبير وزرع صوره في واجهات الشوارع والميادين ودكاكين تجارة الخردة وغيرها، أصبح في نظر الأجيال الراهنة بخلاف الصورة القديمة، فلماذا يتغير في العالم رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء باقتراع حر يقيد أي مسؤول بسنوات محددة في البقاء على كرسي السلطة، بينما في العالم الثالث، والوطن العربي تحديداً، لا يذهب إلا بانقلاب أو موت، والمنادي بالحرية شخص ارتدادي، عميل ومشاغب، بينما العالم الحر يعاكس هذه الرؤية ويراها حقاً قانونياً، ولعل الفاروق العظيم هو من أوجز الحرية بكلماته الخالدة «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»، وهو ينطلق من بيئة وثوابت التربية الإسلامية عندما ظلت هذه العقيدة هي رمز الحرية التي يجب الدفاع عنها وترسيخها..
المشهد العربي يرينا قلقاً عاماً، فروح اليأس من الاصلاح السياسي والعبث الاقتصادي، والتوجيه القسري للشعوب، هي دوافع ضغط الشارع عندما انفجرت المظاهرات المطالبة بحقوق المواطنين في تونس والجزائر والأردن، وهي مقدمات قد تزحف على بلدان عربية أخرى، فلم يعد المواطن حبيس جدران بيته ومحيطه الذي لا يتعدى الحي، والمدرسة والأقارب، بل صار مشروع إنسان عالمي يتداخل مع الشؤون العالمية؛ ثقافاتها وحرياتها وقوانينها، ولم يعد يهمه البطل العظيم والرجل الثوري، بل من يحقق له مطالبه المشروعة بالأمن وسيادة القانون التي تكفل له العيش والوظيفة والسكن والتعليم والصحة وغيرها..
كل الشرائع والقوانين تعطي للإنسان حق التعبير السلمي، لكن من غير المنطقي أن تصل هذه الحالة إلى التخريب والنهب وإشعال الحرائق، فهذا احتجاج مدمر، وهو ما لم نشهده بالعالم المتطور إذا كانت الغاية تحقيق العدالة الاجتماعية وفصل السلطات وإقرار المساواة، وأن الكفاءة الشخصية في شغل المراكز والوظائف العليا أو الدنيا، هي رفع لمستوى المواطنة العادلة..
نخشى على هذا الوطن الكبير الممتد من الخليج إلى الأطلسي أن تتدرج المآزق من التفتيت للوطن الواحد، إلى انقسام المجتمعات وتشرذمها والمؤشرات لا توحي بحلول طالما الركود سيد المواقف..
:)
مقال رائع