العدد 3060 - الجمعة 21 يناير 2011م الموافق 16 صفر 1432هـ

بعد ثورة تونس بات الحديث عن تهديد الإسلاميين أجوف

يضعف غياب الشعارات الإسلامية عن الثورة التونسية المؤيدة للديمقراطية حجة الكثير من الحكام العرب المستبدين الذين يقولون إنهم يحولون دون وصول الإسلاميين الأصوليين للحكم.

وأمضى الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي معظم فترة حكمه التي امتدت 23 عاماً في سحق الجماعات الإسلامية المعارضة التي كانت مناهضة للنظام العلماني الصرف الذي طبقته حكومته. بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 أصبح من الداعمين المتحمسين «للحرب على الإرهاب» التي شنتها واشنطن. لكن الأدلة التي ظهرت على مدى الأسبوع الماضي تشير إلى أن الشعارات التي ترددت قبل سقوطه لم تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية بل بإجراء انتخابات نزيهة وحرية التعبير.

وقالت المتخصصة في شئون شمال إفريقيا بكلية العلوم الاجتماعية (إي. إتش.إي.إس.إس) في باريس، أمل بوبكر «الدرس مما يحدث في تونس هو أن (الزعماء العرب) لن يستطيعوا أن يختبئوا أكثر من هذا وراء حجة تهديد الإسلاميين». ولم يتضح بعد ما إذا كان الإسلاميون التونسيون الضعفاء سيستطيعون كسب تأييد شعبي كبير في حال عدم حظر نشاطهم والسماح لهم بخوض انتخابات حرة.

وحتى الآن تركزت الشكاوى من الحكومة المؤقتة التي تشكلت بعد فرار بن علي إلى السعودية على أنها تضم وجوها كثيرة من النظام القديم وليس غياب الإسلاميين. وقال المحلل السياسي المصري، نبيل عبدالفتاح إن الإسلاميين لم يستطيعوا أن يحملوا هموم ورغبات الغالبية العظمى من الشعب التونسي وخاصة الطبقة المتوسطة التي اختارت الحرية والعدل.

ويسبب هذا إحراجاً فيما يبدو للحكومات الغربية التي قضت عشرات السنين في تبرير دعمها لبن علي وغيره من حكام العالم العربي العلمانيين الأقوياء من خلال الإشارة إلى أن البديل ثورة إسلامية على الطراز الإيراني. واستخدمت حكومات عربية خطر الإسلاميين لتبرير السياسات الأمنية الصارمة وتطبيق قوانين الطوارئ التي قوضت الحريات المدنية وأتاحت صلاحيات واسعة للتفتيش والاعتقال والسجن دون محاكمة.

ولطالما قال المدافعون عن الحريات المدنية أن تهديد الإسلاميين حجة واهية للتخلص ليس فقط من الإسلاميين بل من جميع التحديات لسيطرة النخب الحاكمة.

وقال خبير شئون شمال إفريقيا، هيو روبرتس «رأينا هذا في مصر حيث يجعل النظام من المستحيل على قوى المعارضة السياسية العلمانية تحقيق أي شيء ليخبر الغرب إما الإسلاميون أو نحن». ويقول محللون إن الحكام العرب ربما يردون بتهدئة الخطاب المناهض للإسلاميين والتحول إلى التحذير من خطر الفوضوي الاجتماعية من جراء ارتفاع نسب البطالة.

والإسلام السياسي يبدو ضعيفاً في تونس وهي دولة ثرية نسبياً تملك نظام تعليم قوياً وتربطها علاقات وطيدة بفرنسا العلمانية مقارنة بجيرانها العرب. وكان زعماء حركة النهضة وهي حركة إسلامية معتدلة في تونس قد عبروا عن استعدادهم للتعاون مع الحكومة المؤقتة وليس الإطاحة بالمؤسسات العلمانية بالبلاد.

وحظرت السلطات التونسية حركة النهضة في أوائل التسعينيات بعد اتهامها بتدبير مؤامرة عنيفة لإسقاط الحكم العلماني. وتمت محاكمة المئات من أنصار النهضة في تونس في التسعينات في حين فر آخرون إلى أوروبا.

وتنفى الحركة التي قال زعيمها الذي يعيش في المنفى راشد الغنوشي إنه يعتزم العودة إلى تونس، السعي إلى اللجوء للعنف. ويعتبر بعض المحللين أن فكرها يتفق مع فكر حزب العدالة والتنمية المعتدل ذي الجذور الإسلامية الذي تولى الحكم في تركيا في العام 2002.

وفي محاولة لاستغلال الاضطرابات في تونس دعا تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ومقره الجزائر، الشبان التونسيين إلى الانضمام للتدريب مع مقاتليه في الجزائر. لكن محللين يقولون إن الجماعة لا تتمتع بتأييد يذكر حتى في الجزائر.

وقال المحلل المتخصص في شئون تنظيم «القاعدة»، كميل الطويل إنه في حين إن أعداداً صغيرة من الشبان التونسيين الصغار الغاضبين ربما يشعرون بإغراء في نهاية المطاف فإن من الواضح أن المتظاهرين مواطنين عاديين يحتجون على الاستبداد وإن جاذبية «القاعدة» لن يكون لها أثر. وعزز الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين وغزو الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان الرسالة التي يروج لها المتشددون الإسلاميون في أنحاء المنطقة وهي أن الغرب يشن حرباً على المسلمين.

وحتى في تونس باتت المساجد ساحة للاحتجاج السياسي وتبنى بعض الشبان التونسيين لغة التمرد التي تستلهمها من الجماعات السلفية وجماعة «الإخوان المسلمين» المصرية. وقال مايكل ويليس من جامعة اوكسفورد «حدث نمو في تونس لما يمكن تسميتها مظاهر التقوى الشعبية». وأضاف «لكن الكثير من التونسيين يعتبرون هذا احتجاجاً على النظام لأن بن علي كان معارضا للحجاب».

وقالت بوبكر «المعارضة الإسلامية ليست مثلما كانت منذ 20 عاماً. الكثير من الشبان لا يعرفون من يكون راشد الغنوشي». وفي أجزاء أخرى من العالم العربي بات الإسلاميون المعتدلون جزءاً من الساحة السياسية ويروجون جميعاً لقيم الحرية والديمقراطية في العلن على الأقل.

وقال رئيس حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، الشيخ حمزة منصور «نأمل أن تتوج انتفاضة (تونس) الشعبية بنظام ديمقراطي تعددي يضمن للجميع حقوقهم». وقال حزب العدالة والتنمية المغربي معلقاً على الأحداث في تونس إن تحقيق الاستقرار والرخاء مرتبط باحترام الخيار الديمقراطي وإرادة الشعب.

ورحبت جماعة «الإخوان المسلمين» المصرية بالإطاحة ببن علي في تونس وقالت إن مصر تعاني من الكثير من المشاكل التي تعاني منها تونس. وترفض الجماعة التي هي أكبر قوة معارضة في البلاد ويرى بعض المحللين أنها قادرة على حشد آلاف المؤيدين مواجهة الحكومة في الشوارع.

العدد 3060 - الجمعة 21 يناير 2011م الموافق 16 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً