عاش سيسك فابريغاس كابوسا حقيقيا بملعب «كامب نو» الثلثاء، ليس فقط لأن فريقه أرسنال الإنجليزي قد ودع هناك بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم من دور الستة عشر، بل لأنه اضطر إلى سماع صافرات الاستهجان من جماهير برشلونة الإسباني.
كان أمرا غريبا أن تودعه الجماهير بهذا الطريقة بعد أن ظلت طيلة الصيف الماضي تطالب بقدومه، وبعد أن فتح له لاعبو الفريق باب الانضمام إليهم مرات ومرات.
أغرب ما في رد الفعل ذلك أن من أطلقوا صافراتهم لم يتذكروا تصريحات سيسك نفسه، الذي سبق له أن أوضح أنه لو رحل يوما عن أرسنال فلن يلعب سوى في برشلونة، وذلك بعدما رفض في أكثر من مناسبة عروضا من ريال مدريد.
عاش قائد المدفعجية ليلة متناقضة، فعلى رغم أنه كان يلعب للمرة الأولى على ملعب أحلامه، لم يكن أداؤه بالصورة المنتظرة، إلا أن أعذاره كانت عدة.
أولها أن برشلونة سيطر على الكرة بشكل شبه مطلق، وهو ما لا يصب في مصلحة الدولي الإسباني فلم يكن قادرا على السيطرة على أي كرة، واقتصر دوره على أن يحول بين زملائه في الفريق ولاعبي برشلونة في أوقات التوتر، خصوصا مع تدخلات الهولندي روبن فان بيرسي العنيفة.
لكن ذلك لم يكن أسوأ ما حدث لفابريغاس خلال الليلة، فقبل لحظات من نهاية الشوط الأول، لم يفضل تشتيت إحدى الكرات بعيدا، بل اختار تمريرة قصيرة حاول تزيينها «بالكعب»، لكن سوء حظه جعل الكرة تصل إلى أندريس إنييستا، الذي مرر الكرة إلى النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ومنه إلى داخل الشباك.
وفتح ذلك الخطأ الباب خلال الاستراحة لقائمة ممتدة من التعليقات الساخرة على موقع «تويتر»، أغلبها كان قادما من بريطانيا، وقال أبرزها: «ربما كان فابريغاس يعتقد أنه يلعب في برشلونة بالفعل ومرر الكرة إلى زميله إنييستا».
بدورها كانت وسائل إعلامية متعددة مثل موقع صحيفة «جارديان» صريحة في اتهامها للاعب برشلونة المقبل، إذ اعتبرت الهدف الأول «خطأ واضحا لفابريغاس».
مباراته السيئة على ملعب «كامب نو»، خطأه في هدف برشلونة الأول، جعلاه يكسب العديد من الأعداء في إنجلترا. وربما يعجل هذا الوضع بموعد رحيله وبرشلونة يبدو هو الأقرب لضمه، لكن السؤال هو: من سيفيد من في تلك الحالة؟
منذ موسم 2005 عندما توج الفريق بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي، لم يحظ سيسك بأي لقب في لندن، ومنذ تولى شارة القيادة في الفريق لم يحز أكثر من مقعد الوصافة، بينما كان برشلونة – النادي الذي اعترف بأنه يعشقه – يتوج في الفترة نفسها بلقب 12 بطولة، بيد أن رحيل اللاعب إلى النادي الكاتالوني قد يغير قواعد تلك اللعبة.
حقيقة أن أرسنال الذي لم يحرز لقب الدوري الإنجليزي خلال المواسم الستة الأخيرة يعد فريقا طموحا. لكن طموحه ينتهي على ما يبدو بأزمة نفسية تنتاب الفريق عندما يصل إلى مباراة نهائية أو حاسمة، وبما أن سيسك هو القائد فإنه أول من يواجه الاتهامات دائما، وخصوصا بعد غيابه عن نهائي كأس «كارلنغ» وخطأه في هدف برشلونة الأول في إياب دور الستة عشر.
ربما كانت أكثر المرات التي اقترب فيها فابريغاس من أحد الألقاب في نهائي دوري الأبطال العام 2006 عندما خسر الفريق أمام برشلونة أيضا في باريس.
وقتها كان فابريغاس الشاب ذو العشرين ربيعا أشبه بشاهد على بدء عصر ذهبي للنادي الذي نشأ داخل أسواره، والذي يفتح ذراعيه أمام استعادته على رغم أنه يمتلئ بنجوم عدة في مركزه.
من ذلك الحين، يبرز بين الـ12 لقبا بطولات دوري وكأس ملك، والأهم لقبان في دوري الأبطال عامي 2006 و2009. بدوره حصل سيسك على لقبي أمم أوروبا وكأس العالم مع إسبانيا، بعد أن لعب دورا كبيرا إذ قاد الفريق في الأولى نحو التأهل إلى نصف النهائي وفي الثانية كان صاحب تمريرة هدف الكأس الذي سجله أندريس إنييستا، لكن النجاح على مستوى الأندية لا يزال مستعصيا عليه، وقد يكون برشلونة هو علاجه
العدد 3108 - الخميس 10 مارس 2011م الموافق 05 ربيع الثاني 1432هـ