يلعب مردود النقل التلفزيوني دورا محوريا في بطولة العالم لسباقات سيارات فورمولا واحد.
في عام 2008، تجاوز عدد متابعي المنافسات خلف شاشات التلفزة حول العالم حاجز ال600 مليون مشاهد، وذلك للمرة الاولى منذ انطلاق السلسلة سنة 1950، مع العلم ان نسخة 2007 اجتذبت 597 مليونا.
ولا شك في ان "المنافسة الحامية" التي شهدتها نسخة 2008 من البطولة، تحديدا بين البريطاني لويس هاميلتون سائق ماكلارين مرسيدس، والبرازيلي فيليبي ماسا سائق فيراري، لعبت الدور الرئيسي في تسجيل الرقم الجديد.
وعقد القيمون على الرياضة الميكانيكية النخبوية العزم على تحطيم رقم ال600 مليون في بطولة 2009 من خلال قرارات عدة ابرزها ينص على تأخير موعد انطلاق اول سباقين منها (استراليا وماليزيا).
ولا يخفى على احد ان هذه الخطوة افضت الى ارتفاع نسبة المتابعة التلفزيونية في "القارة العجوز"، السوق الابرز والاهم للبطولة، اذ لم يعد لزاما على عشاق فورمولا واحد فيها ان يستيقظوا في الصباح الباكر لمتابعة السباقين كما كان الحال في السابق نتيجة فارق التوقيت بين اوقيانيا واسيا من جهة، واوروبا من جهة ثانية.
معلوم ان بطولة 2008 شهدت اقامة اول سباق ليلي في تاريخ السلسلة، وحظيت سنغافورة بذاك الشرف، وانطلق الحدث ابتداء من الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، الامر الذي انعكس ايجايا على المتابعة التلفزيونية في اوروبا.
وفي الوقت الذي يتراجع فيه عدد الحضور في مدرجات معظم الحلبات التي تستضيف السباقات، فإن الامر يختلف تماما عندما يأتي الحديث عن المتابعة التلفزيونية، وتحديدا في 2010 الذي تفوق على الارقام المسجلة في 2009.
وبحسب مؤسسة "اي اف ام" للاحصاءات التسويقية الرياضية، بلغ المجموع المتراكم لعدد المشاهدين الذين تابعوا سباقات بطولة العام الماضي خلف شاشات التلفزة 8ر1 مليار مشاهد بارتفاع بلغت نسبته 17.2 في المئة مقارنة بعام 2009 (64ر1 مليار) مع العلم ان 2010 شهد 19 جائزة كبرى مقابل 18 للسنة التي سبقت.
وفي اوروبا، عرفت نسبة المتابعة التلفزيونية المباشرة للسباقات ارتفاعا قياسيا من سنة الى اخرى بلغ 22 في المئة.
ولا شك في ان هذا الارتفاع يعود، في جانب من جوانبه، الى زيادة الاهتمام بالفئة الاولى في بولندا وروسيا تحديدا بفضل تألق السائقين البولندي روبرت كوبيتسا والروسي فيتالي بتروف، فضلا عن الاعلان عن اقامة جائزة كبرى في روسيا ابتداء من 2014.
وكما درجت العادة، ارتفعت نسبة المشاهدة في الاسواق التقليدية الرئيسية ونعني بها المانيا وايطاليا واسبانيا وبريطانيا.
فقد اجتمعت عناصر عدة لتحقيق هذا الارتفاع ابرزها ان المنافسة على اللقب في 2010 كانت حامية الوطيس بين الماني (سيباستيان فيتل - ريد بول)، وانكليزيين (لويس هاميلتون وجنسون باتون - ماكلارين مرسيدس)، واسباني (فرناندو الونسو) يقود سيارة ايطالية (فيراري).
الجدير ذكره ان اوروبا تستحوذ على نسبة 65 في المئة من اجمالي المتابعة التلفزيونية في العالم.
في المقابل، تراجعت نسبة المشاهدة في بعض المناطق الاخرى، تحديدا الصين حيث لم يجر نقل سباقات كندا، اوروبا (فالنسيا) والمانيا مباشرة على الهواء بسبب تزامنها مع بث مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم التي اقيمت في جنوب افريقيا.
وساهم تنافس اربعة سائقين على اللقب في تعزيز نسبة المتابعة التلفزيونية للسباق الختامي الذي شهدته بطولة 2010 في ابو ظبي.
ففي اسبانيا، تابع حوالى 9 ملايين مشاهد النقل المباشر لسباق مرسى ياس، وتصدرت قناة "لا سيكستا" التلفزيونية اللائحة ب7.4 ملايين مشاهد محطمة الرقم القياسي السابق الذي سجل في السباق الختامي لبطولة 2007 في البرازيل عندما فشل الاسباني الونسو، سائق ماكلارين مرسيدس حينها، في احراز اللقب الذي استقر في سجل الفنلندي كيمي رايكونن، سائق فيراري السابق.
قناة "تي في كاتالونيا" المحلية اجتذبت في السباق الاخير اكثر من مليون مشاهد، مقابل 400 الف مشاهد سجلتها قناة "تي في فالنسيا" ومثلها القناة المحلية في مدينة استوريا، مسقط رأس الونسو.
قناة "ار تي ال" الالمانية اجتذبت اكثر من 10 ملايين مشاهد في مناسبة واحدة فقط خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي عام 2010 وحده، جرى تجاوز ال10 ملايين مرتين، الاولى في جائزة البحرين الكبرى، الجولة الاولى من البطولة، بفضل عودة الالماني ميكايل شوماخر، بطل العالم سبع مرات (رقم قياسي)، عن اعتزاله خلف مقود مرسيدس جي بي، والثانية في سباق ابو ظبي الذي سجل معدل متابعة تلفزيونية بلغ 3ر10 ملايين مشاهد، مع العلم انه وصل الى 1ر12 مليون عندما اجتاز فيتل خط النهاية ليصبح اصغر سائق يتوج بطلا للعالم.
في ايطاليا، حصدت احدى قنوات شبكة "راي" ما معدله 6ر10 ملايين مشاهد خلال سباق ابو ظبي، اي ضعف ما سجل في السباق نفسه عام 2009.
قناة "بي بي سي" البريطانية حققت رقما قياسيا في سباق ابو ظبي في ضوء تغطيتها لمراحل بطولة 2010 كافة مع 3ر5 مليون مشاهد، بيد ان هذا الرقم يبقى بعيدا عن ال6ر6 مليون مشاهد تابعوا تتويج باتون بطلا للعالم في سباق البرازيل 2009.
في فرنسا، حصدت قناة "تي اف 1" في بثها المباشر لجائزة ابو ظبي الكبرى 2010 ما معدله 4ر4 ملايين مشاهد، فيما سجلت النسبة الأعلى للمشاهدة خلال السباق نفسه 5ر5 مليون مشاهد.
يقول البريطاني بيرني ايكليستون، مالك الحقوق التجارية للسباقات: "رغم ان بطولة 2010 حققت ارقاما رائعة على مستوى البث التلفزيوني، فإن نسخة 2011 تعد بالكثير خصوصا انها تعتبر المدخل بالنسبة للفورمولا واحد نحو ولوج اسواق جديدة وبالتالي استقطاب مشاهدين جدد حول العالم".
الجدير ذكره ان بث السباقات سيتوافر ابتداء من نسخة 2011 بنظام ال"اتش دي" (عالي الكثافة) وذلك للمرة الأولى في تاريخ البطولة.