فازت مرشحة يسار الوسط ميشال باشليه في الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيراً في تشيلي لتصبح بذلك أول امرأة تصل إلى سدة الرئاسة بالاقتراع العام في بلادها وفي أميركا اللاتينية. وتؤكد الاشتراكية ميشال باشليه تميزها عن السياسيين المعهودين وهي شخصية خارجة عن كل المعايير التقليدية تنصت لمواطنيها وأم عزباء في بلد تطغى عليه النزعة الذكورية. تصف نفسها بأنها «تشيلية لا تختلف في شيء عن ملايين التشيليات الاخريات». وتقول «أعمل، ادير أسرتي وأترك ابنتي في المدرسة، لكنني أيضاً تشيلية تتوق إلى النضال والخدمة العامة». يتداخل مسار زعيمة «التشاور الديمقراطي»، (ائتلاف الاشتراكيين والديمقراطيين المسيحيين الحاكم منذ 16 عاماً)، مع تاريخ بلادها وتتخلله تجارب أليمة صقلتها واعطتها حساً إنسانياً أكثر مما طبعتها بالمرارة. يقول المقربون منها إنها في آن مدمنة على العمل قلما تنام ومحبة للحياة تهوى الرقص. شعبية هذه الأم العزباء لثلاثة أطفال من والدين مختلفين انفصلت عن كليهما في هذا البلد الذي لم يشرع الطلاق الا العام ،2004 ادهشت حتى الرئيس ريكاردو لاغوس. ولدت في 29 سبتمبر/ أيلول 1951 في سانتياغو وجابت في طفولتها كل أرجاء تشيلي، إذ كانت العائلة تتنقل طبقاً لانتقال مركز عمل الوالد الذي كان طياراً في الجيش. وفي 1970 بدأت دروسا في الطب وانتسبت إلى الشبيبة الاشتراكية. في 11 سبتمبر 1973 عند قيام الجنرال اوغوستو بينوشيه بانقلابه، اعتقل والدها الذي كان ترقى إلى رتبة جنرال في الطيران وكان مقرباً جداً من الرئيس سلفادور اليندي، وتوفي بعد ستة أشهر في السجن بعد خضوعه للتعذيب. بموازاة متابعة دروسها، كانت ميشال تساعد سراً أشخاصاً يتعرضون للاضطهاد على أيدي النظام العسكري. في 10 يناير/ كانون الثاني 1975 اعتقلت أجهزة الاستخبارات ميشال ووالدتها واقتادتهما إلى فيلا غريمالدي (أحد مراكز التعذيب في تشيلي). أفرج عنها ووالدتها في نهاية يناير فسلكتا طريق المنفى قاصدتين أستراليا ثم ألمانيا الشرقية، حيث واصلت ميشال تحصيلها الجامعي. عادت منذ العام 1979 مع طفلها سيباستيان المولود العام 1978 إلى تشيلي، إذ حصلت العام 1982 على شهادتها في الجراحة غير أنها لم تتمكن من الحصول على وظيفة في القطاع العام «لأسباب سياسية». استفادت من منحة دراسية سمحت لها بالتخصص في طب الأطفال والصحة العامة، وفي 1984 انجبت ابنتها فرانسيسكا. عملت ميشال بموازاة كل ذلك في منظمة غير حكومي تساعد أطفال ضحايا الدكتاتورية. بعد الانتقال الديمقراطي في البلاد العام ،1990 كثفت عملها كطبيبة في قطاع الصحة العامة وعضو في اللجنة الوطنية للايدز ومستشارة لمنظمة الصحة العالمية. وكانت تعتبر أن الحزب الاشتراكي الذي تنشط في صفوفه يهمل القطاع العسكري فباشرت دروسا في الاستراتيجيا العسكرية في سانتياغو وفي الدفاع القاري في واشنطن. في العام 2000 سلمها الرئيس لاغوس وزارة الصحة وكلفها بإجراء إصلاح واسع النطاق في هذا القطاع، كما كانت العام 2002 أول امرأة وزيرة للدفاع في أميركا اللاتينية، ودعت في الذكرى الثلاثين للانقلاب في تشيلي إلى مصالحة بين المدنيين والعسكريين. وعند هذه النقطة بالذات اتسعت شعبيتها وحلقت.
العدد 1231 - الأربعاء 18 يناير 2006م الموافق 18 ذي الحجة 1426هـ