قال تقرير اصدره بيت التمويل العالمي «غلوبل» أمس إن الاقتصاد البحريني قد واصل قوته الدافعة للأمام في العام 2004 وهو في طريقه لعام آخر من النمو الكبير مستندا على ارتفاع أسعار النفط بالإضافة إلى التطورات الاقتصادية. وأوضح ان الإنفاق الحكومي الضخم والمدفوع من قبل إيرادات النفط القوية التي لم تحدث من قبل جديرة بتحفيز الاستهلاك الخاص وزيادة الثقة في وسط الأعمال. وقال لقد تسبب الدعم المتواصل من قبل الحكومة للإصلاحات الاقتصادية إلى التحسن في مختلف قطاعات الاقتصاد إلا أن أسعار النفط المرتفعة في العام 2005 لعبت دوراً أكبر بكثير في دفع الاقتصاد لمسيرة النمو العالية. واضاف ان اقتصاد البحرين مدعوم بالانضباط المالي المتعقل المميز بضبط الإنفاق الجاري وأرصدة الموازنة المحسنة إلى جانب وجود نظام كفء لتوزيع الموارد للصحة و التعليم ومشروعات البنية التحتية. إلا أنه لانزال نجد أن الاقتصاد يتمحور بشكل رئيسي على سعر النفط ومستوى الإنتاج الذي يجعلانه معرضاً للصدمات الخارجية. مشيرا الى أن البحرين تعتبر أقل اعتمادا نسبيا على النفط بالمقارنة بالدول الخليجية الأخرى ومن ثم ستكون البحرين أقل الاقتصادات ضعفا من بين دول الخليج إذا ما بدأ الانخفاض في أسعار النفط في المستقبل القريب. ووفقا لتقرير غلوبل الاقتصادي، فإن الاقتصاد البحريني نما بسرعة صحية بناتج محلي إجمالي اسمي يقدر نموه بحوالي 13,6 في المئة في العام 2004 ليصل إلى 4,14 مليارات دينار بحريني (99.01 مليارات دولار أميركي) في حين حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموا قدره 5,4 في المئة ليصل إلى 3,2 مليار دينار بحريني (95.8 مليارات دولار). ويقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لقطاع النفط بحوالي 7,07 في المئة. واضاف ان تركيز الحكومة على تقليل الاعتماد على النفط بدأت تظهر نتائجه حيث يقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للقطاع الخاص بحوالي 15,65 في المئة في العام 2004. وذكر ان حكومة البحرين انشأت شركتين جديدتين لإدارة حصتها في الشركات التجارية. ويتركز الهدف الأساسي لهذه الخطوة في عرض أسهم الحكومة في هذه الشركات لمستثمرين من الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، أعلنت الحكومة سابقا في منتصف العام 2005 تحرير قطاع الاتصالات. إذ ترغب حكومة البحرين في بيع كامل أسهمها التي تمثل 80 في المئة من شركة «بتلكو» بالإضافة إلى حصتها في شركة «ألبا» التي تمثل 77 في المئة من إجمالي أسهم الشركة التي تعد أكبر مصنع لتصنيع الألمنيوم في الشرق الأوسط. مؤكدا ان تحرير بعض القطاعات المذكورة سيسمح للبحرين بجذب المزيد من المستثمرين الأجانب في العام 2006 إذ يعرف عن البحرين أيضا أنها الأقل قيودا على الاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وقال لقد شجعت البحرين كلا من مستثمري القطاع الخاص والأجانب على الاستثمار وأن يصبحوا جزءاً من النمو في المملكة. سواء في القطاع المالي، الاتصالات أو القطاع العقاري، وشهدت البحرين مشاركة قوية للقطاع الخاص والأجانب خلال العامين الماضيين. لذلك فإن النمو القوي في الطلب والربحية المتزايدة دفعت الشركات للاستثمار في مشروعات جديدة أو توسيع استثماراتها القائمة. وقد شهدنا وجود رغبة حقيقية من قبل الشركات العالمية لإنشاء قواعد لها في البحرين خصوصاً في قطاع الخدمات المالية. و ذكر تقرير غلوبل أنه على نطاق الاستثمار الأجنبي، تعتبر البحرين البلد الوحيد من بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تسمح بملكية أجنبية كاملة (001 في المئة). بالإضافة إلى ذلك، تحتل البحرين أيضا المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط من حيث حجم الاستثمار الأجنبي المباشر. إلا أن البحرين باستثناء الملكية الأجنبية تتخلف عن بقية دول مجلس التعاون الخليجي وخصوصاً من حيث عائدات النفط والغاز التي تجعل من الظروف الاقتصادية في دول الخليج إيجابية بشكل كبير. وقال لقد واصلت سوق البحرين للأوراق المالية نموها بشكل جيد إذ أغلق مؤشر غلوبل للأسهم البحرينية بنهاية العام 2005 عند مستوى 172,44 نقطة وسجل معدل نمو بلغت نسبته 23,70 في المئة خلال العام 2005. وعزا هذا الارتفاع إلى أداء الشركات الرائع والسيولة العالية الناتجة عن أسعار النفط المرتفعة والتوقعات الإيجابية من قبل الأعمال والمستهلكين، بالإضافة إلى الاستقرار المتزايد في المنطقة. مضيفا ان سوق المال تميل إلى البقاء مستقرة في الأجلين القصير والمتوسط بفضل نية الحكومة تنويع الاقتصاد والأرباح القوية للشركات والثقة القوية للمستهلكين ورجال الأعمال. وذكر إلى جانب السيولة، هناك تغيرات أساسية مالية وهيكلية في الاقتصادات وأسواق المال والتي ستواصل قيادة الأسواق. وقال إن السوق الأولية رائجة بفضل الإصدارات الجديدة التي ستحدث في العام 2006 ما يعزز الأسواق الثانوية من حيث ازدياد عمق السوق وارتفاع حجم التداول. وقال بالنظر للأمام، نجد أن التحدي الرئيسي للحكومة يتضمن دفع التنويع بشكل أوسع ليشمل أكبر كم من الأنشطة ذات العمالة الكثيفة وتقليل الاعتماد على النفط بصورة أكبر. ومواجهة هذا التحدي يتطلب زيادة إيرادات الضرائب وتنفيذ آلية كفء لتحصيل الأموال. على جانب الحسابات الخارجية، على البحرين توسيع قاعدتها التصديرية وتحسين تنافسية أسعارها. وقال ان اتفاق التجارة الحرة الحالي مع الولايات المتحدة سيسمح للبحرين بتبني حسابات الميزان التجاري في المستقبل القريب. وبالمضي قدما، تبقى الكثير من التحديات التي تحتاج للمواجهة، إلا أن المملكة تبدو في وضع جيد للتغلب على هذه التحديات، بشرط مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية. ومن ثم، يعتقد تقرير بيت الاستثمار العالمي «غلوبل» أن اقتصاد البحرين سيواصل أداءه الصحي في العامين 2005 و2006 شريطة مواصلة الحكومة إصلاحاتها الاقتصادية والاجتماعية المختلفة. وفي الوقت نفسه، ستحسن حتما أسعار النفط المرتفعة روح التفاؤل في الاقتصاد وبيئة العمل في الأجل المتوسط.
العدد 1242 - الأحد 29 يناير 2006م الموافق 29 ذي الحجة 1426هـ