بقيت الصحف الأميركية ترصد تداعيات فوز حركة «حماس» على رغم الإقرار بأن هذه إرادة الفلسطينيين الحرة فإن المطلوب هو عزل فلسطين التي تقودها «حماس» لأن ذلك سيجبرها على مراجعة حساباتها. وأطل أحدهم على «حماس» من البوابة اللبنانية فأكد ان أمين عام حزب الله السيدحسن نصر الله أثبت انه الأكثر دهاءً وحزماً من بين مختلف قادة الحركات الإسلامية في المنطقة.
«واشنطن بوست»: نصر الله ودعوته لأميركا بممارسة الحرية
ونشر ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست» مقالة تحت عنوان «المسلمون الأصوليون في السلطة»، إذ أورد مقتطفات من حديث أجراه مع أمين عام حزب الله السيدحسن نصر الله على خلفية وصول بعض الحركات الإسلامية إلى السلطة. ولفت نصر الله إلى نموذج «حماس» في فلسطين وقال: ان حصول الحركة على نفوذ سياسي يؤدي إلى بعض التعديل في سياستها، إذ انه يلقي على عاتقها مسئوليات سياسية كبرى. غير انه أكد ان «حماس» ستبقى ملتزمة بمبادئها لكن سلوكها يتأثر إلى حد ما بالمسئوليات الحكومية. وتعليقاً على خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش الأخير، لاحظ نصر الله ان كلام بوش عن الحرية جميل وجذاب لكن المهم هو السماح للشعوب بالتصرف بحرية متسائلاً عمن سيمسك بالسلطة الحقيقية في العراق: الحكومة الجديدة أم الـ 100 ألف جندي أميركي المنتشرين هناك؟. غير ان نصر الله استدرك بأن حملة بوش لدمقرطة المنطقة تخفف من غضب المسلمين تجاه أميركا، إذا ما أثبتت ان حملتها جدية. فأحد الأسباب الرئيسية لهذه العدائية تكمن في ان الإدارات الأميركية طوال العقود الماضية قدمت الدعم والحماية للديكتاتوريات في العالم العربي والإسلامي. وشعوب المنطقة تحمّل الولايات المتحدة مسئولية كل ما ارتكبته الأنظمة بحقهم من انتهاكات وإهدار للطاقات. وأكد ضرورة أن تتعامل أميركا إيجابياً مع نتائج الانتخابات التي تجرى في المنطقة فإفساح المجال أمام انتشار الديمقراطية هي الخطوة الأولى نحو إزالة جدران الكراهية تجاه الولايات المتحدة.
«واشنطن بوست» :دمقرطة بوش أنتجت نظماً مخالفة لأميركا
من جانبه رأى إغناطيوس، «واشنطن بوست» ان نموذج حزب الله في لبنان أثبت أنه مهما اشتدت حماسة الحركات الإسلامية للسلطة إلاّ انه من الصعب أن تتخلى هذه القوى عن أسلحتها. لافتاً إلى ان نصر الله قرر منذ شهر تقريباً سحب وزيرين من حزبه وثلاثة وزراء شيعة آخرين من الحكومة اللبنانية احتجاجاً على طلبها من الأمم المتحدة تشكيل محكمة دولية في اغتيال الحريري والاغتيالات التي تبعته. غير ان السبب الرئيسي برأي إغناطيوس، وراء اعتكاف هؤلاء هو قلق نصر الله على وضع حزب الله كمقاومة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي. لذلك لم يتراجع الحزب عن موقفه إلى أن انصاع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأكد في البرلمان ان حزب الله يشكل مقاومة مشروعة ضد الاحتلال. وفي الختام لاحظ ان حملة بوش لنشر الديمقراطية في المنطقة أتت بمجموعة غير مرغوب فيها (أميركياً) إلى السلطة أي «حماس» في فلسطين والإخوان المسلمين في مصر ورجال الدين الشيعة في العراق وحزب الله في لبنان، غير انه أكد ان نصر الله أثبت انه الأكثر دهاءً وحزماً من بين هؤلاء جميعاً.
«واشنطن بوست»: «فتح» تعلمت الكذب و«حماس» الملتزمة بالصدق
واعتبر شارل كروثامر في «واشنطن بوست» ان انتصار «حماس» في الانتخابات هو تحول نحو الأفضل رافضاً توصيف هذا الحدث بأنه كارثي. ودعا إلى التوقف عن التعامل مع الفلسطينيين على أنهم أطفال، فهم اختاروا «حماس» بكل مواقفها المعروفة. والشعب الفلسطيني بغالبيته مازال يرفض حق «إسرائيل» في الوجود على رغم ان «فتح» ومنظمة التحرير اعترفتا بالدولة العبرية.
وأعرب عن استغرابه لبكاء البعض على سقوط «فتح» وتهميش زعيمها الرئيس محمود عباس، فالانتخابات أثبتت أمراً كان معروفاً وهو ان الرجل لا يتمتع بأية شعبية. متسائلاً ما إذا كان من الصائب أن تواصل أميركا والاتحاد الأوروبي ضخ الأموال إلى الإدارة الفلسطينية الفاسدة؟ وتابع ان التحسر على اعتدال «فتح هو أمر مستغرب أيضاً، فعن أي اعتدال يتحدثون؟.
ان اعتراف الرئيس الراحل ياسر عرفات في العام 1993 بـ «إسرائيل» كان ضرباً من الاحتيال مثله مثل تنديده بـ «الإرهاب» في أوسلو. فعرفات استمر برعاية «الإرهاب» سراً بعد الاتفاق قبل أن يطلق حرباً «إرهابية» جديدة دامت أربع سنوات (يقصد الانتفاضة الثانية المباركة).
وخلص إلى ان «فتح» العلمانية والحكيمة تعلمت الكذب على الغرب، فيما تبدو «حماس» العفوية والملتزمة دينياً أكثر صدقاً. غير انه أعرب عن مخاوفه من وصول «حماس» بمبادئها المعروفة إلى السلطة لأن ذلك يعني استمرار النزاع. لذلك على المجتمع الدولي أن يحمّل الفلسطينيين تبعات خيارهم الحر، بوقف المساعدات الدولية وعدم الاعتراف بحكومة «حماس» وتعليق جميع أشكال التعامل معها. مؤكداً ان عزل فلسطين التي تقودها «حماس» سيجبرها على مراجعة حساباتها.
العدد 1248 - السبت 04 فبراير 2006م الموافق 05 محرم 1427هـ
