وقف شاب ملتح على ظهر شاحنة صغيرة مخاطباً المتظاهرين عبر مكبر للصوت «اريد أن ابشركم لقد سوي أمرها... فليتهافتوا لإطفائها الآن» ايذاناً باحراق المبنى الذي يضم القنصلية الدنماركية في بيروت اليوم الأحد (أمس) في تصعيد للاحتجاجات على نشر صحف أوروبية رسوماً مسيئة للنبي محمد(ص).
وتحولت المظاهرة التي ضمت نحو 20 ألف شخص إلى أعمال عنف في منطقة الاشرفية التي تقطنها غالبية مسيحية بعدما اضرم المتظاهرون النيران في المبنى المؤلف من سبعة طوابق.
وتحولت الاشرفية إلى ساحة مواجهات بدا فيها ان القوى الامنية عاجزة عن ضبط الوضع. ورشق بعض المتظاهرين كنيسة مار مارون في وسط بيروت بالحجارة وهم في طريقهم إلى القنصلية الدنماركية بينما كان بعض عناصر الجيش ورجال الدين المسلمون يطوقونها لحمايتها. كما ألحق المتظاهرون اضراراً بالسيارات وهشموا نوافذ متاجر ومصارف بالمنطقة التي يغلب عليها المسيحيون الامر الذي اثار توتراً طائفياً في بلد لم يتعاف بعد تماما من آثار الحرب الأهلية التي عصفت به في الفترة ما بين 1975 و.1990 وقالت مصادر أمنية ان أحد المتظاهرين قتل عندما رمى بنفسه من الطابق الثالث من المبنى المحترق واصيب 21 من عناصر قوى الأمن. وتصاعد الدخان الأسود في الهواء من موقع القنصلية لأكثر من ساعتين بينما كان الآف المحتجين يهتفون «الله اكبر» وحمل بعضهم اعلاماً خضراء. وقال أحد المتظاهرين ويدعى محمد عبد النبي وهو يرفع علبة فارغة لاحدى المنتجات الدنماركية وضع فوقها فردة حذاء «لا تبتل قلوب الناس حتى ترى هذه القنصلية وغيرها من السفارات الغربية تأكلها النيران». وتصاعدت بشدة مشاعر الغضب ازاء هذه الرسوم في كل انحاء العالم الاسلامي. وكانت الرسوم قد نشرت لأول مرة في صحيفة دنماركية وأعاد نشرها عدد من الصحف الاوروبية وتصور احداها الرسول مرتدياً عمامة على شكل قنبلة.
والسبت أضرم سوريون غاضبون النار في السفارتين الدنماركية والنرويجية بدمشق، كما أحدثوا تلفيات في السفارة السويدية وحاولوا مداهمة البعثة الفرنسية ولكن شرطة مكافحة الشغب صدتهم. وكتب على مبنى القنصلية الذي يضم ايضاً القنصلية النمسوية ومجموعة من المكاتب «اولادنا فداء لك يا محمد». ووضع مصرف محاذ للمبنى لافتات على مدخله كتب عليها «لا اله الا الله محمد رسول الله» بعدما عمد المتظاهرون إلى تحطيم مكنة الصراف الآلي وحطموا واجهاته الزجاجية. وحاول بعض رجال الدين المسلمين تهدئة المتظاهرين وحثهم على ضبط النفس وطلبوا منهم مغادرة المناطق التي شهدت حوادث عنف. وأفتى المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله في بيان بحرمة التعرض للاملاك العامة وسفارات وقنصليات الدول الغربية بطريقة الحرق والتكسير كما حرم التعرض للكنائس وأماكن العبادة معتبراً أن من يقوم بذلك يسيء إلى الاسلام والنبي محمد كما اساء الآخرون له. ليلى بسا
العدد 1249 - الأحد 05 فبراير 2006م الموافق 06 محرم 1427هـ