يشير وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد وغيره من كبار مسئولي إدارة الرئيس جورج بوش إلى النزاع القائم مع التطرف الإسلامي على أنه «الحرب الطويلة» في محاولة لتعزيز القناعة بأنها كالحرب الباردة على الشيوعية يمكن أن تستغرق أعواما وحتى عقوداً، ولكن هناك عدة فوارق مهمة بين الحرب الباردة والحرب الطويلة، فعلى عكس الأحزاب الشيوعية التي كانت بحاجة إلى حماية سلطاتها في الدول التي حكمتها، لا يحتاج تنظيم «القاعدة» أو أي من الحركات المرتبطة به إلى حماية أي موقع سلطوي منذ سقوط نظام «طالبان» في أفغانستان، وهناك أوجه تشابه مهمة بين الحربين الباردة والطويلة، فالحرب الطويلة، كالحرب الباردة، هي أساساً صراع عقائدي، وبدل لينين وماو في الحرب الباردة، للحرب الطويلة أسامة بن لادن الذي ينشر رؤية «ثورية» لعالم معاد للرأسمالية والديمقراطية الغربية، وكثوريي القرن الماضي، استطاع بن لادن أن يكسب تأييد وتعاطف ملايين الأنصار.المخيف أنه، وكما تمكنت الشيوعية من الحفاظ على تأثيرها وتنميته بعد وفاة لينين وماو، فإن التطرف الديني يستطيع، على الأرجح، الحفاظ على أتباعه بعد رحيل بن لادن، بل قد يتمكن من زيادة عددهم، عبارة «الحرب الطويلة» تؤشر إلى هذا الاحتمال أكثر من عبارة الحرب على الإرهاب، التماثل الآخر المهم هو أن الحرب الطويلة، كالحرب الباردة، ليست مبنية على نزاع واحد، بل على عدد من النزاعات المحلية والإقليمية التي «تتآلف» عناصرها لتكون إطاراً واسعاً لنزاع شامل.
ويؤشر إلى ذلك أن نزاعين إقليميين من حقبة الحرب الباردة - النزاع العربي- الإسرائيلي، والنزاع بين الهند وباكستان على إقليم كشمير- تم توارثهما في حقبة الحرب الطويلة، فالاستياء من دعم الولايات المتحدة لأحد طرفي النزاعين أدى إلى تحالف الطرف الآخر مع الخصم العقائدي للولايات المتحدة في «الحرب الطويلة».
ونتيجة لذلك، وعلى رغم الدعوة إلى نشر الديمقراطية، تميل الولايات المتحدة إلى التمسك بالأنظمة السلطوية الموالية لها في البلدان «الاستراتيجية»، ويبدو أن جميع الدول استراتيجية... ونتيجة لذلك أيضاً بدا للمواطن العادي في هذه البلدان أن السياسة الأميركية «منافقة»، أما خصوم أميركا، في الحربين الباردة والطويلة، فاستفادوا من حقيقة أن المواطن العادي يستند إلى كرهه للديكتاتورية المحلية وللولايات المتحدة الداعمة لها، فيتجه إلى تأييد الحال التي تعد بـ «تحريره» من كليهما. لذلك، فإن الحرب الطويلة لن تكون مسألة اقتناص الإرهابيين فقط. فطالما استمر النزاع بين المسلمين وأعداء المسلمين فإن جميع الإرهابيين الذين ستقتنصهم الولايات المتحدة والأنظمة المتحالفة معها سيتم إيجاد البديل منهم.لذلك،
فإن سعي الولايات المتحدة لتأمين حل سلمي للنزاعات بين المسلمين وغير المسلمين، سيساهم في الحد من تأثير ونفوذ ونمو المتطرفين ..
يو.بي.آ
العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ