قال تقرير لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) عن قطاع النفط في دول مجلس التعاون الخليجي إن أسعار النفط اخترقت مرة أخرى حاجز الـ 60 دولاراً أميركياً للبرميل، وشهدت نموا بلغت نسبته 8 في المئة تقريبا منذ بداية العام 2006. الأمر الذي يعزى لتزايد مخاوف السوق من تعطل إمدادات نفط نيجيريا وتقلب إنتاج النفط الإيراني. إذ يمكن للوضع في إيران أن يغير السيناريو بأكمله.
وذكر أن نمو الطلب العالمي للنفط يقدر بنحو 1,62 مليون برميل يوميا، أو ما نسبته 1,9 في المئـة، بالغـا 84,6 مليون برميل يوميا في العام 2006.
وقال، على المدى القصير، نعتقد أن أسعار النفط ستواصل ارتفاعها بسبب الأوضاع الراهنة في كل من نيجيريا وإيران، والتي واكبت أعمال صيانة مصفاة موربان بالإمارات، ما دفع بالإنتاج للتراجع بمقدار 150 ألف برميل يوميا. ومستقبليا، نتوقع أن تتراوح أسعار النفط في حـدود 50 دولاراً أميركياً للبرميل خلال العام 2006، وهو ما يشير إلى أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي من المقدر لها أن تشهد عاما آخر من الأداء المتميز.
وأضاف وفقا لما ورد عن منظمة الأوبك، يتوقع أن يبلغ متوسط نمو الطلب العالمي على النفط نحو 1,62 مليون برميل يوميا، أو ما نسبته 1,9 في المئة، وصولا إلى نحو 84,8 مليون برميل يوميا خلال العام 2006. ويعزى رفع حجم الطلب المتوقع إلى نظرة أكثر تفاؤلا للاقتصاد العالمي، وتحديداً تلك الخاصة بالولايات المتحدة الأميركية والصين. فوفقا لمنظمة الأوبك، سيؤدي تحسن الظروف الاقتصادية في العالم، مدفوعة بالإنفاق الاستهلاكي، والإضافات الرأس مالية إلى زيادة الطلب على النفط ومنتجاته في العام 2006. إضافة لارتفاع استهلاك المركبات والطيران الجوي، هناك ارتفاع ملموس في الطلب على مخلفات النفط، وغاز النفط لتوليد الطاقة في تلك الدول.
وأضاف أن توقعات نمو الطلب للأسواق الناشئة سيستمر بشكل أفضل من الأسواق الكبرى المتقدمة. إذ يتوقع أن تشهد الأسواق الآسيوية والشرق الأوسط ارتفاعا أكبر نسبيا في معدلات نمو الطلب. إلا أنه رغما عن ذلك تجدر ملاحظة أن ارتفاع أسعار النفط كان له أثر ملموس على نمو كثير من الاقتصادات الآسيوية الناشئة، والتي تعتمد في الأساس على استيراد حاجاتها النفطية. إلا أن حدوث تصحيح سعري في أسواق السلع قد يهدد توقعات نمو تلك الأقاليم في العام 2006.
وقال لقد امتدت زيادة إنتاج نفط الدول الأعضاء بالأوبك خلال العام 2004، واستمر كذلك خلال العام 2005. كما ساهمت الحوادث التي وقعت في خليج المكسيك بالولايات المتحدة الأميركية في تزايد الضغوط على المعروض من النفط خلال الربع الثالث من العام 2005. وجاءت كل من السعوديـة، الكويت، الإمارات وليبيا في طليعة الدول الأعضاء التي رفعت حصة إنتاجها. علاوة على ذلك، طرأ تحسن على أوضاع الجغرافية السياسية في نيجيريا وفنزويلا مقارنة بالعام السابق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع إنتاج تلك الدول بصورة ملموسة.
وذكر أن الوضع الحالي لكل من إيران ونيجيريا من شأنه التسبب في عرقلة واضطراب ميزان العرض، ومن ثم الدفع بأسعار النفط إلى مزيد من الارتفاع. وقد نتج عن تلك المخاوف إعلان بعض الدول الأخرى من أعضاء منظمة الأوبك بالتصريح، على هامش منتدى الاقتصاد العالمي، عن عزمها ضخ مزيد من النفط لتهدئة السوق. وقد سادت مشاعر الراحة من قبل جهات عدة جراء هذا الإعلان من جانب منظمة الأوبك، نظرا إلى تصاعد المخاوف المتعلقة بطاقات العرض. إلى جانب ذلك تأمل الأوبك في توسيع طاقات الإنتاج لتتراوح بين 1,5 - 2 مليون برميل يوميا كحد أدنى بنهاية العام 2006، في خطوة من شأنها الحد من مخاوف حدوث قصور في المعروض، والحفاظ على الأسعار في حدود 50 دولاراً أميركياً للبرميل على مدار العام 2006.
وقال لقد شهدت أسعار النفط ارتفاعا بلغت نسبته 50 في المئة خلال العام 2005، والذي نتج عن ازدياد الطلب المدفوع من قبل النمو الاقتصادي وتقييد طاقات الإنتاج سواء من قبل الدول الأعضاء أو غير الأعضاء بمنظمة الأوبك. وتؤدي تقلبات الأسعار إلى تذبذب الإيرادات، وإعاقة الخطط الحكومية لبعض الدول، وخصوصاً في الشرق الأوسط المعتمد بصورة كثيفة على العوائد النفطية. أما بالنسبة إلى المستهلكين، فهي تضيف شكوكا، كما تهدد الاستقرار الاقتصادي.
وأكد أن اضطراب العرض من جانب إيران سيكون له عظيم الأثر على سوق النفط، والذي من شأنه جلب مزيد من الزعزعة لاستقرار الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي بدأ فيه العالم أن يعتاد على بلوغ سعر برميل النفط 60 دولاراً أميركياً. وفي بداية العام، توقع الكثير من المحللين استقرارا سوق النفط على المدى الطويل، غير أن الوضع الراهن أضاف المزيد من عدم الاستقرار وجعل سوق النفط مضطربا، ولو لبعض من الوقت على أقل تقدير. ومستقبليا، نتوقع أن أسعار النفط ستستمر ضمن حدود معينة، شريطة ألا تستمر تلك الأمور في إضافة أعباء إضافية على السوق أكثر من ذلك.
وقال سيعمل ارتفاع أسعار النفط السائد في السوق على تحقيق كل اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي لفوائض ضخمة في التجارة والحساب الجاري. ونتيجة لهذه الفوائض الضخمة أصبح بمقدور حكومات تلك الدول أن تستثمر في إصلاح قطاعاتها المختلفة، ومن ثم تحفيز نشاط القطاع الخاص. وبالإضافة إلى سيناريو النفط المزدهر، تعمل التأثيرات التراكمية للمشروعات قيد التنفيذ على تعزيز توقعاتنا في الأجل المتوسط، والتي يتوقع لها جذب استثمارات ضخمة من الغـرب. وعلى رغم ذلك ستظل الأوضاع المتحسنة لفترة قد تطول على الأقل لعدة سنوات مقبلة، وفقا لما تبشر به توقعات الطلب العالمي على النفط. كذلك يعتقد أن ارتفاع سعر برميل النفط عن 40 دولاراً أميركياً يضمن توافر مستوى مناسب من السيولة لدول مجلس التعاون الخليجي. وقال أدت السيولة التي وفرتها أسعار النفط المرتفعة، والإنتاج المنتظم إلى تزايد النمو الاقتصادي بدول مجلس التعاون الخليجي. إلا أن الاعتماد الكبير على النفط بتلك الدول مازال يدعو إلى القلق، وخصوصاً عند أخذ مدى قابلية هذا النمو للاستمرار في الأجل الطويل في الاعتبار. ومن منظور مستقبلي، نعتقد أن أسعار النفط ستظل مرتفعة ولكن ليس بمستوى الارتفاع الحالي نفسه. ومن الآن فصاعدا، نتوقع بقاء أسعار النفط لتتراوح في حدود 50 دولاراً أميركياً للبرميل خلال العام 2006، وهو الأمر الذي يشير إلى عام آخر متميز لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي
العدد 1267 - الخميس 23 فبراير 2006م الموافق 24 محرم 1427هـ