أكدت دراسة جديدة لمركز الخليج للأبحاث تحت عنوان «أسواق الأسهم في دول المجلس تمر بمرحلة حرجة» أن قيمة أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون مـبـالغ فيها إلى حد كبير، وخصوصاً إذا ما قورنت مع مثيلاتها في الأسواق الناشئة الأخرى في آسيا وأوروبا الشرقية. فبينما يلاحـظ أن نسبة السعر إلى العوائد تصل إلى ثلاثة أضعاف، فإن نسبة السعر إلى القيمة الدفترية تصل إلى 6 أضعاف. وبالتالي، فإنه ليس من قبيل المبالغة القول إن هذه الأسواق معرضة إلى مخاطر حادة بعد سنوات من التقدم المستمر. وفي هذا الصدد، قال مدير البرنامج الاقتصادي في مركز الخليج للأبحاث إيكارت ورتز: «من وجهة نظر المتعاملين في سوق الأسهم وعلى المدى القصير، فإن الوقت الآن يعتبــر مثالياً للشراء، لأن السوق شهدت مرحلة من الاستقرار بعد عمليات البيع الواسعة. ولكن بعد أشهر من الآن، فإن عمليات التصحيح التي شهدتها الأسواق الخليجية قد تبدو كبداية منطقية لعملية التعديل التي تشهدها الأسواق. ولكن وفي جميع الحالات، فإن على المستثمرين أن يبتعدوا عن المضاربات التي يجري تمويلها من طرف ثالث.
وتوقعت الدراسة عدداً من الامور من بينها ان أسعار النفط ستبقى مرتفعة، وستوفر عوائد النفط سيولة مستمرة لأسواق المنطقة. ومن الأسباب التي تعزز هذا التوقع تزايد تدفق الدولارات الأميركية وزيادة الطلب على النفط في الأسواق الناشئة (الصين والهند ودول مجلس التعاون)، وتراجع معدلات الإنتاج في الكثير من المناطق «بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وبحر الشمال».
كما توقعت ان تستمر دول مجلس التعاون في تحقيق فائض في حساباتها الجارية وتقدم صورة تختلف عن تلك التي شهدتها المكسيك ودول آسيا في مرحلة الأزمات المالية في أعوام 1994 و1997 و1998 على التوالي.
وقالت ان قيمة الأسهم الـمبـالغ في تقديرها وموجة الإقبال المحموم على شراء الأسهم وتداولها ستبقى على حالها، إذ وصلت العوائد والأسهم التي تــعـرض للمرة الأولى وتذبذب الأسعار إلى أرقام قياسية، جميعها عوامل تهدد أسواق الأسهم في دول المجلس. فالتوسع على هذا المستوى ونوعية الاعتمادات نفسها يثيران مشاعر القلق لدى المراقبين.
وتوقعت أيضاً الحضور الطاغي لبعض المؤسسات في بعض القطاعات «المالي والاتصالات والبتروكيماويات والعقارات»، وسيطرة شركات كبيرة مثل (سابك) المطروحة للتداول يمكن أن تكون سبباً للمشكلات. اضافة إلى ذلك أن الغياب المطلق لقطاع التكنولوجيا لا يعتبـر أمراً محبذاً في هذه الأسواق.
وقالت لابد من تعزيز محاولات تنظيم عمليات الشراء بناءً على عقود آجلة وطرح الأسهم الجديدة والتداول من الداخل. كما أنه يجب تشجيع المشروعات العائلية لتصبح شركات مساهمة يتم تبادل أسهمها في الأسواق. كما أن تطوير سوق محلية للسندات سيفتح مجالاً جديداً ومطلوباً للاستثمار، وخصوصاً إذا حدثت زيادات جديدة في معدلات الفائدة الأميركية. كما أن إقامة سوق للمشتقات وإفساح المجال للبيع على المكشوف يمكن أن ينعش الأسواق.
وخلصت الدراسة إلى أن التحدي الذي ستواجهه السلطات المعنية والهيئات المنظمة هو لجم السيولة وتوجيهها في عملية تنمية طويلة الأمد من شأنها أن تساهم في تنويع اقتصادات دول المجلس.
العدد 1288 - الخميس 16 مارس 2006م الموافق 15 صفر 1427هـ