أجمعت الصحف الغربية على أن الحوادث المريرة التي يشهدها العراق هي حرب أهلية، وإذا راهن أحدهم على أن هذه الحرب لم تبدأ بعد فهو ما يلبث أن يؤكد أن الحرب الأهلية في العراق واقعة لا محالة. ويشبه كثيرون بغداد بالعاصمة اللبنانية في بدايات الحرب الأهلية. ولكن هناك إجماعاً على أن تقصيرا من قوات الاحتلال الأميركية في الحفاظ على أمن هذا البلد أدى إلى هذه الأوضاع المريرة.
تفادي الحرب الأهلية «مهمة سياسية»
وحذر مايكل أوهانلون وهو عضو في معهد بروكينز الأميركي، في «واشنطن بوست» من اندلاع حرب أهلية في العراق، ودعا الإدارة الأميركية إلى لعب دور سياسي وعسكري فاعل من أجل تفادي هذا الاحتمال.
ولاحظ في المستهل ظهور مؤشرات كثيرة على وجود محاولات لإشعال نزاعات مذهبية بين العراقيين منها تفجير المرقد الشيعي في سامراء وتوالي اكتشاف الجثث المقطوعة الرؤوس واستهداف المساجد وأخيراً الهجوم بالهاون الذي استهدف منزل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في النجف (الأنباء تفيد ان الأميركيين أقروا بالمشاركة في هذا الهجوم).
ورأى ان تفادي الحرب الأهلية في العراق هو في الأساس مهمة سياسية، لذلك فإن السفير الأميركي زلماي خليل زاد كان على حق حين سارع إلى حث العراقيين على تشكيل حكومة ائتلافية. غير انه شدد على ضرورة أن يركز زاد في مشاوراته مع القادة العراقيين على برنامج الحكومة المقبلة وخصوصاً لناحية مسائل أساسية مازالت محل سجال بين القوى العراقية مثل توزيع مردود النفط على مختلف المقاطعات والمناطق العراقية وإعادة تأهيل عناصر حزب البعث المنحل من غير القيادات السابقة، فضلا عن إعادة دمج القوى الأمنية وربطهم بالمؤسسة وإيجاد فرص عمل.
إشعال فتيل الحرب في العراق
ولكن المعلق الأميركي أكد أنه إذا ما استمرت العملية السياسية في التداعي وتعاظمت احتمالات اندلاع حرب أهلية في العراق، فسيكون هناك حاجة ملحة لخطة عسكرية أميركية لمواجهة ذلك. وأوضح انه سيكون على الجيش الأميركي أن يعرقل أية محاولات لإشعال فتيل الحرب في العراق من خلال منع حدوث أعمال عنف، وذلك عبر نشر المزيد من الحواجز وفرض حظر التجول واعتقال مثيري الشغب أو قتلهم إذا لزم الأمر، فضلاً عن تشديد الحماية على المساجد والمدارس والمستشفيات.
ودعا إلى إسناد بعض هذه المهمات لقوات الأمن العراقية غير انه توقف ليشكك بصدقية هذه القوى، إذ حذر من قوة تأثير مختلف التيارات العراقية على العناصر الأمنية التي تضم في صفوفها عددا هائلا من عناصر الميليشيات المسلحة. لذلك فثمة خطرا حقيقيا بأن تنحاز هذه القوى كل إلى جانب التيار الذي يدعمها وأن تصبح طرفاً في النزاع الطائفي بدلا من أن تحاول مواجهته.
من هنا دعا المسئولين العسكريين الأميركيين في العراق إلى بذل جهود من أجل ضمان تماسك قوات الأمن العراقية، وذلك عبر العمل إلى جانبهم والتعاون معهم.
وانتقد في السياق كلام وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد الأخير بأن الولايات المتحدة لن تتدخل في حال نشوب حرب أهلية في العراق وستترك ذلك للقوات العراقية، معتبراً أن هذا الكلام يشير إلى أن أميركا تتبع استراتيجيا خاطئة في التعامل مع الملف العراقي.
بغداد «بيروت جديدة»
وشبه باتريك كوكبورن في «الإندبندنت» البريطانية، في رسالة من أربيل، بغداد ببيروت في بداية الحرب الأهلية اللبنانية في العام 1975 حين حارب المسيحيون والمسلمون بعضهم البعض من أجل السيطرة عليها، ولكن الفرق ان الصراع في بغداد يدور بين السنة والشيعة. واعتبر أن الحرب الأهلية في العراق هي أمر محتوم معتبراً أن بوادرها بدأت تبرز في العاصمة، إذ يتوقع الزعماء العراقيون أن تندلع حرب شوارع عنيفة للسيطرة على مختلف مناطق بغداد. وأضاف ان عدداً كبيراً من القادة في العراق يعتبرون أن الحرب الأهلية واقعة لا محالة، لكنها ستكون مقتصرة، على الأقل في بدايتها، على بغداد والمناطق المحيطة. ونقل المراسل البريطاني عن مسئول عراقي بارز رفض الكشف عن اسمه ان المعركة الحقيقة ستكون على بغداد، إذ يتنامى نفوذ الشيعة، مرجحا (المسئول نفسه) أن ينقسم الجيش العراقي في بداية الحرب لأن ولاء الجنود العراقيين ليس للحكومة بل للطوائف السنية والشيعية والكردية. وأوضح المراسل أن السبب الرئيسي لحالة التشاؤم التي تسود في صفوف القادة العراقيين تعود إلى إخفاقهم في تشكيل حكومة ائتلافية
العدد 1304 - السبت 01 أبريل 2006م الموافق 02 ربيع الاول 1427هـ