العدد 3185 - الجمعة 27 مايو 2011م الموافق 24 جمادى الآخرة 1432هـ

هل يدخل اليمن في حرب أهلية إذا لم يتنح صالح بسرعة؟

ربما تكون احتمالات أن يتفادى اليمن حرباً أهلية قبلية ضئيلة في ظل انتشار القتال في العاصمة ما لم يتنح الرئيس علي عبد الله صالح بسرعة. لكن صالح على الأرجح اتخذ قراراً بالفعل بمواصلة القتال للاستحواذ على السلطة في الدولة الاستراتيجية حيث ينتاب حلفاء خليجيون وغربيون القلق من أن الفوضى قد تعطي لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» ومقره اليمن مساحة أكبر لممارسة نشاطه.

وربما تقرر السعودية التي تخشى انعدام الاستقرار لدى جارتها المطلة على ممر ملاحي يمر عبره ثلاثة ملايين برميل من النفط يومياً ممارسة مزيد من الضغط على صالح حتى يرحل. لكن هذا لن يكون كافياً على الأرجح إلا إذا وقع انقلاب أو تدخل عسكري. وقال المحلل الأمني المقيم بدبي، تيودور كاراسيك «يبدو أننا تجاوزنا نقطة اللاعودة هنا». وأضاف «سيبدو الوضع مثل ليبيا وقد أصبح الآن مثل ليبيا. وأعتقد أن من المهم أن يعترف المجتمع الدولي بهذا».

وأسفر القتال بين الموالين لصالح المسلحين جيداً وجماعات المعارضة عن مقتل عشرات اليمنيين منذ تفجر في صنعاء يوم الإثنين الماضي بعد يوم من رفض صالح للمرة الثالثة التوقيع على اتفاق أعد بوساطة خليجية وكان سينهي حكمه الممتد منذ 33 عاماً في غضون شهر. وغاب عن تلك الاشتباكات عشرات الآلاف من المحتجين الذين مازالوا ينظمون تجمعات حاشدة سلمية يومياً للمطالبة بتنحي صالح والانتقال إلى الديمقراطية. ولم يتضح بعد كيف سيردون على تصاعد أعمال العنف. والاشتباكات التي دارت في الشوارع المحيطة بمنزل الزعيم القبلي، الشيخ صادق الأحمر هي الأقوى حتى الآن منذ نصب محتجون شبان خياماً بالشوارع في أنحاء المدن اليمنية في فبراير/ شباط للضغط على صالح للتنحي.

وتمثل العصبية القبلية العنصر الأقوى في نسيج المجتمع اليمني وقد بدأ القتال بالفعل يأخذ منحى عشائرياً فيما يبدو. ودعا الأحمر زعيم اتحاد حاشد العشائري الذي تنتمي إليه قبيلة سنحان التي ينحدر منها صالح جميع القبائل اليمنية الى مساندته في مواجهة الرئيس. وقال الأحمر عن الرئيس اليمني إنه سيترك اليمن حافي القدمين. كما صعد صالح من حدة لهجته واتهم الأحمر واخوته وهم أبناء شخصية قبلية بارزة كانت متحالفة معه بمحاولة الزج باليمن إلى حرب مفتوحة قائلاً إنهم اتخذوا القرار الخاطئ بمواجهة الدولة. ودعا قائد كبير بالجيش انضم للاحتجاجات التي استلهمت الثورتين اللتين أطاحتا بزعيمي مصر وتونس الجيش إلى تحدي صالح. ووصف اللواء علي محسن الرئيس اليمني بأنه مختل متعطش للمزيد من الدماء. ويقول المحلل السياسي اليمني عبد الغني الأرياني إنها لم تصبح حرباً أهلية بعد وأضاف أنه إذا تم احتواء الموقف في غضون يومين فستكون الأمور على ما يرام إما إذا لم يتحسن الوضع فقد يؤول إلى حرب أهلية. ومضى يقول إنه إذا انضم اللواء علي محسن الأحمر إلى المعركة فسيدخلها الجيش بالكامل وستكون حرباً شاملة. وفي مؤشر على أن المواطنين يتوقعون الأسوأ فرت أعداد كبيرة من اليمنيين إلى خارج العاصمة.

واندلعت الاشتباكات قرب المطار وسيطر مسلحون موالون للأحمر على مقار عدة وزارات. وعلق مجلس التعاون الخليجي الذي قاد جهود الوساطة مبادرته بعد أن حاصر مسلحون موالون لصالح عقدوا العزم على إحباط المبادرة أمينه العام لساعات داخل سفارة الإمارات العربية المتحدة يوم الأحد الماضي. ورفض صالح فيما بعد التوقيع. ويخشى حلفاء اليمن من الغرب والخليج من وجود دولة فاشلة على اعتاب أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم لهذا فإنهم يريدون انتقالاً سلمياً للسلطة ويعتبرون صالح عبئاً بشكل متزايد بسبب هجر أنصاره له. وصعدت الولايات المتحدة التي استعانت بصالح في مكافحة تنظيم «القاعدة» وفرنسا من دعواتهما أمس الأول ليرحل صالح وأنحتا باللائمة في سفك الدماء على تراجعه عن توقيع اتفاق نقل السلطة. ومن المرجح أن تحاول السعودية ممارسة مزيد من الضغط على صالح للتنحي تفادياً لكارثة في دولة يملك نصف سكانها البالغ عددهم 23 مليون نسمة سلاحاً. وترتبط السعودية بعلاقات قديمة وقوية بالقبائل اليمنية. وقال الصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي إن ما تبقى للسعودية هو أن تقدم دعماً نفسياً ومعنوياً أو أن يخرج شخص ما ويطالبه صراحة بالاستقالة. وأشار إلى أن هذا الطلب بالتنحي قد يوجه له باسم الإسلام والصداقة والقومية العربية. والسعودية الآن في موقف صعب فهي لا تريد تشجيع الثورات، ولا تريد المملكة أن يتعرض استقرارها لتهديد إذا زادت حدة الاضطرابات في اليمن إذا اشتدت المواجهة. ويتفق معظم المحللين على أن الضغوط السعودية لن تصل إلى حد التدخل العسكري على الرغم من وجود سابقة لهذا. وانضمت الرياض إلى الحرب الأهلية اليمنية ضد المتمردين الحوثيين حين وقفت في صف الحكومة.

ويشير كاراسيك إلى أن الرياض قد تتدخل بناءً على طلب القبائل اليمنية التي تربطها بها علاقات قديمة، غير أنه لا توجد مؤشرات على أن هذا مطروح على الطاولة في الوقت الراهن. وقال آخرون إن السعودية ربما تحيل الأمر الى جامعة الدول العربية لكن من غير المرجح أن يتمخض هذا عن إجراء ملزم. وقال أستاذ العلوم السياسية السعودي، خالد الدخيل إن هناك حاجة إلى أن تأخذ الجامعة العربية موقفاً، لكن على السعودية أن تقود هذه الجهود لأن لها نفوذاً وحلفاء داخل اليمن

العدد 3185 - الجمعة 27 مايو 2011م الموافق 24 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً