العدد 3197 - الأربعاء 08 يونيو 2011م الموافق 07 رجب 1432هـ

البجعة السوداء... تداعيات الأحداث غير المتوقعة

صدر عن الدار العربية للعلوم، كتاب «البجعة السوداء» لنسيم طالب، نقله إلى العربية، المترجم حليم نصر في 536 صفحة من الحجم المتوسط.

«البجعة السوداء» (The Black Swan) للكاتب الأميركي من أصل لبناني، نسيم نيكولا طالب، الفيلسوف وأستاذ «اللايقين» في جامعة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، كتاب نال شهرة واسعة، وبيعت منه ملايين النسخ في الولايات المتحدة الأميركية وحدها، ويصبُّ اهتمامه وتوجهه في إطار تخصصه القائل إن الإنسان وخاصة المعاصر، يميل إلى التحليل المنطقي والعقلاني في الفهم والاستنتاج والمعرفة التي يبرمج على أساسها مسيرته ويخطط لمستقبله، ويكاد يجزم بقدرته على تنفيذ هذه المخططات، وعلى الوصول إلى الأهداف النظرية التي يحددها. ما لا يضعه المرء عادة في حسبانه أو الذي يقلل غالباً من دوره، هو احتمال وقوع حدث غير متوقع، يكون كافياً لتغيير كل المخططات الموضوعة، فيقلب الموازين ويدمّر صورة الواقع وحقيقته، ليعطيه صورة أخرى وحقيقة مختلفة، ويغير خريطة الاتجاهات والتوجهات بكاملها. إن عجز العقل البشري عن توقع أي حدث، وبالتالي عجزه التحضير للتعامل مع نتائجه ومع التغييرات الحاسمة التي يوّلدها، يعود إلى ندرة إمكانية وقوعه، تلك التي تؤدي إلى إهماله وتجاهله. لذا يشبهه الكاتب بـ «البجعة السوداء»، لأن الاحتمال الوارد بنسب عالية وكما يعرف الجميع ويعتقد، أن البجعة هي بيضاء اللون عادة، في حين أن الاحتمال الضئيل على رغم أنه قد يفتح آفاقاً من المعرفة الأوسع والأصح، هو الوجود الحقيقي والنادر للبجعة السوداء اللون في أستراليا.

يحدد الكاتب هوية وماهية مفهوم حدث «البجعة السوداء»، «بعناصره الثلاث وهي: أولا، هو حدث غير متوقع تماماً، ثانياً، أن له تأثيراً هائلاً، وثالثاً، أن دماغنا سيجتهد بعد حصوله، للبحث عن الأسباب المنطقية التي أدت إليه». كما يتخذ العديد من الأمثلة على وقوع هذه النوعية من الأحداث في مجمل أوجه الحياة السياسية والعامة، كالحرب العالمية الثانية، أو أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأميركية، أو حصول تسونامي، كما في الحياة الاقتصادية كالأزمات المالية الحادة والانهيارات المفاجئة التي يعانيها الاقتصاد، وفي الطبيعة، كظهور أنواع جديدة من الميكروبات والفيروسات التي سببت أمراضاً مفاجئة للإنسان، وأيضاً في حياة الفرد الشخصية والخاصة.

يقدم المؤلف من خلال هذا الكتاب، دعوة مفتوحة للجميع، لإعادة النظر والتساؤل من جديد بشأن كل ما يعتبر أمراً بديهياً، فما من يقين فعلي ودائم لأي فكر أو قناعة أو توجه في مسيرة الحياة عموماً، ولا لمسيرة الفرد الشخصية، نتيجة وجود هذه «البجعات السوداء» التي لا يضعها الإنسان في الحسبان، ونتيجة إهماله لمقاربتها، في حين أن حدوثها سيؤدي إلى قلب حياته رأساً على عقب. فليتواضع الذين يعتبرون أنفسهم «خبراء» في مختلف ميادين الحياة، وليضعوا حسبان «اللايقين» في أقوالهم واستنتاجاتهم وخططهم المستقبلية، وليتذكروا على الدوام الدور الكبير والهائل الذي يمكن للصدفة أن تلعبه في تغيير مجرى الأمور وحتى نسف وإبادة المعطيات التي تبنى عليها أسس تنظيم الحياة حاضراً، كما أسس رؤيتها مستقبلاً. وليتوقع الإنسان ما هو غير متوقع. لأن «التطرف، والمجهول وغير المتوقع هي ما يتحكم بعالمنا»، كما يقول الكاتب، وكي لا نكون كالدجاج الذي لا يشك لحظة أن الإنسان اللطيف الذي يتعامل معه والذي يقدم له الغذاء والماء يومياً، إنما هو يفعل ذلك ليقطع عنقه فيما بعد

العدد 3197 - الأربعاء 08 يونيو 2011م الموافق 07 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً