في يونيو/ حزيران الجاري، خطف أربعة دبلوماسيين روس وقتل دبلوماسي خامس على أحد الحواجز في العاصمة العراقية (بغداد). وفي يونيو، زعم مجلس شورى المجاهدين في العراق مسئوليته عن هذا الحادث، وأعطى الحكومة الروسية مهلة ساعة لسحب قواتها من الشيشان وإطلاق جميع المسلمين المعتقلين في السجون الروسية. وفي يونيو، أعلن المجلس أنه بما أن موسكو لم تستجب لطلباته فإن المحكمة الإسلامية للمجلس أصدرت حكما بإعدام الرهائن الروس.
وبالفعل فقد نفذ «مجلس شورى المجاهدين» في العراق ما وعد به وأعلن إعدام الدبلوماسيين الأربعة. لكن وبغض النظر عن كيفية انتهاء هذا الفصل الأليم، فقد تكون له انعكاسات مهمة على صعيد السياسة الخارجية الروسية. وأحد أهم أهداف السياسة الخارجية الروسية، منع صدور أصوات معارضة للتدخل الروسي في الشيشان من دول الشرق الأوسط ودول العالم الإسلامي. لقد كان الدعم الإسلامي للمجاهدين الأفغان بالقدر نفسه من الأهمية للمساعدة الأميركية لهؤلاء المجاهدين من أجل إحباط السياسة العسكرية السوفياتية في أفغانستان خلال الثمانينات من القرن الماضي وإجبار موسكو على سحب قواتها العسكرية من هذا البلد. وقد تكون المهمة التي تواجه روسيا أصعب بكثير فيما لو تحولت قضية الشيشان إلى مسألة مركزية بالنسبة للمسلمين حول العالم كما كانت عليه أفغانستان قبل عقدين من الزمن.
وعلى ذلك، جهدت موسكو، خصوصا أثناء ولاية الرئيس فلاديمير بوتين، في محاولة إقناع العالم المسلم بأن روسيا وبخلاف أميركا، صديقة له. وعندما أصرت أميركا على التدخل في العراق، عارضت روسيا بشدة هذا المنحى - قبل وخلال وبعد الغزو. وعندما دعت الولايات المتحدة إلى إحلال الديموقراطية في الشرق الأوسط، أشارت موسكو إلى رغبتها في استمرار علاقاتها مع الأنظمة الأوتوقراطية في المنطقة على ما هي عليه. وعندما دعت الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية على طهران بسبب برنامجها النووي، دعت موسكو إلى «ضبط النفس» ودعمت الموقف الإيراني منذ ذلك الحين. وعندما رفضت واشنطن إجراء مباحثات مع حركة «حماس»، استضافت موسكو وفدا من الحركة.
غير أن الواضح في هذه السياسة الروسية أنها لم تنجح مع مجلس شورى المجاهدين في العراق. فقد ينجح المجلس في جذب انتباه العالم الإسلامي إلى ما يجري في الشيشان إذا صمم على موقفه تجاه الرهائن. وإذا تمكنوا من القيام بذلك، فلن يكون بمقدور «حماس» أو إيران أو أي من «أصدقاء» موسكو الآخرين في العالم الإسلامي من فعل أي شيء لمساعدة روسيا.
يو بي أي
العدد 1389 - الأحد 25 يونيو 2006م الموافق 28 جمادى الأولى 1427هـ