توقعت مؤسسات دولية أن تواجه دول مجلس التعاون الخليجي تحدياً من نوع خاص في إدارة الطفرة الناتجة من الزيادات الكبيرة في الإيرادات النفطية، خصوصاً وأن نسبة كبيرة من هذه الطفرة يتوقع لها أن تكون دائمة وتستمر لعدة سنوات. كما توقعت أن يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي للدول الخليجية الست إلى مليار دولار خلال العام .
ووفقاً لدراسة أعدها بيت التمويل الخليجي حول «الانتعاش الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي«، فإن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن دول المجلس استفادت فعلاً من دروس الطفرات السابقة، وفي مقدمتها في ثلاث قضايا رئيسية وهي :- كما يرى الصندوق - أن يتم استيعاب فوائض الطفرة الحالية بشكل تدريجي وأفضل من الطفرات السابقة نظراً إلى اتساع الطاقة الاستيعابية للاقتصادات الخليجية. كذلك ان يصبح مضاعف الإنفاق من الطفرة الراهنة معتدلاً مقارنة بمطلع سبعينات القرن الماضي والذي يقاس بقسمة نمو الإنفاق الحكومي على مدى خمس سنوات على النمو في إيرادات الصادرات النفطية. ومن البوادر المشجعة الأخرى بشأن إدارة الطفرة النفطية الحالية أنها تحفز مجمل الأنشطة الاستثمارية والتنموية في مختلف القطاعات الرئيسية ولا تقتصر على نشاط بعينه. ويقاس مضاعف الاستثمار بنمو الاستثمارات على مدى مدة خمس سنوات باعتباره نسبة من النمو في الإنفاق الحكومي خلال المدة نفسها. وتؤكد الدراسة أن الطفرة النفطية الراهنة توفر فرصة كبيرة لدول التعاون لمواجهة الإصلاحات الهيكلية الطويلة الأجل مثل إيجاد فرص العمل للقوى العاملة المحلية التي تشهد زيادة سريعة. مع هذا فإن الطفرة كبيرة جداً مقارنة بحجم الاقتصاد المحلي غير القادر على استيعابها بسرعة. ويؤكد صندوق النقد الدولي أهمية تفادي خطأين حدثا إبان الطفرات السابقة. أولا ينبغي إعطاء الأولوية للإنفاق الحكومي الذي سيكون له تأثير دائم على النمو والإنتاجية ومستويات المعيشة. ثانياً: ينبغي زيادة الإنفاق بمبالغ يمكن المحافظة عليها مستقبلاً لو حدث انخفاض في الإيرادات مرة أخرى. وسيساعد هذا في الوقت نفسه على الإنفاق بمبالغ يمكن المحافظة عليها. كذلك في تفادي الارتفاع المفاجئ لسعر الصرف الحقيقي، وهناك حاجة لكي يحدث هذا على المدى البعيد ومن الضروري أن تتم إدارة هذه العملية جيداً.
ومن المتوقع أن تبلغ العائدات من صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من النفط والغاز معدلاً قياسياً في العام على أساس تقديرات محافظة لكل من كميات الصادرات المرتفعة وأسعار النفط العالية، حيث يتوقع أن تصل إيرادات الصادرات نحو مليار دولار أي أكثر من ضعف المعدل المتوسط للفترة من العام - 2002 وبالأرقام الحقيقية بالدولار الأميركي فإنه يقدر أن عائدات دول المنطقة من النفط والغاز ستكون حوالي ضعف معدل هذه العائدات خلال فترة صدمة الأسعار النفطية خلال الفترة من والتي حدثت بسبب توقف صادرات النفط الإيرانية في أعقاب الثورة الإيرانية .
وفي دراسة قام بها حديثاً معهد التمويل الدولي أشارت إلى أن إجمالي عائدات الصادرات لدول مجلس التعاون الخليجي تجاوزت عائدات كل من روسيا والهند والبرازيل مجتمعة. وعلى رغم الزيادات المقدرة والكبيرة في واردات البضائع الاستهلاكية والرأس مالية وكذلك التحويلات المتزايدة للعاملين، فإنه من المتوقع أن يسجل ميزان الحساب الجاري لدول مجلس التعاون الخليجي في العام فائضاً قياسياً آخر يبلغ نحو مليار دولار ما يعادل في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
وفقاً لتوقعات المعهد فإن القدر الأعظم من فائض الحساب الجاري سيتجلى في الزيادة في الأصول الأجنبية المملوكة للأنظمة المصرفية بما في ذلك الاحتياطات الرسمية لدى المصارف المركزية التي ستجعل دول مجلس التعاون الخليجي في المركز الثاني بعد الصين وحدها في هذا الخصوص.
وعلى رغم أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي قد زادت من حجم إنفاقها في السنوات الأخيرة ومن المتوقع أن تحافظ على سياساتها المالية التوسعية في العام فإنه من المحتمل أن تظهر الحسابات المالية فوائض ضخمة. ومن المتوقع للفائض المالي لدول مجلس التعاون الخليجي أن ينخفض قليلا في عام بحيث يبلغ مليار دولار نحو في المئة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بمبلغ مليارات دولار نحو في المئة من إجمالي الناتج المحلي في .
وتشير توقعات معهد التمويل الدولي كذلك إلى تضاعف حجم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي بنهاية العام في حجمها بحيث يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي مليار دولار مقارنة بمعدل متوسط يبلغ نحو مليار دولار في الفترة من العام - 2002 وفقا لما يقوله المعهد فإن إجمالي الناتج المحلي للدول الست مجتمعة قد تجاوز إجمالي الناتج المحلي لسويسرا في العام الماضي. وقد أحدث الجمع ما بين الإنفاق الحكومي المرتفع وتوافر فائض السيولة في النظام المالي طفرة في معدلات الاستثمار والاستهلاك من شأنها إنعاش النمو في القطاعات غير النفطية. كما رفع النمو الاقتصادي السريع إجمالي الناتج المحلي للفرد الواحد في جميع أنحاء المنطقة. وعلى رغم انتعاش معدل الطلب المحلي فقد ظل التضخم متدنياً ما يدل على كثير من المرونة والانفتاح في أسواق المنتجات وعلى تدني معدل التضخم العالمي في سياق ارتباط أسعار الصرف بالدولار
العدد 1379 - الخميس 15 يونيو 2006م الموافق 18 جمادى الأولى 1427هـ