العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ

بوزبر والسند: لابد من البعد عن الخطاب الإقصائي

في اليوم الختامي لدورة الخطباء والدعاة

أوضح مستشار وزير الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت أحمد بوزبر أن هناك عدداً من القيم التي تحرك الشباب في منطقة الخليج العربي نحو تبني منهج التطرف والتكفير والتفجير، مشيراً إلى أن أولى هذه القيم هي العدالة والنصرة والبطولة والاغتراب.

جاء ذلك في الجلسة الختامية لفعاليات الدورة العلمية الأولى للخطباء والدعاة التي تنظمها وزارة الشئون الإسلامية تحت شعار «الخطاب الإسلامي... تجديد ووسطية».

ولخص بوزبر في محاضرته التي كانت بعنوان «المعالجة القيمية لقضية التطرف الديني للمجتمع الكويتي والخليجي» دراسة ميدانية مدتها ثمانية أشهر، قامت بها وزارة الأوقاف الكويتية، وقال: «إن هناك مجموعة من المعالجات للفكر التطرفي في الخليج العربي تتمثل في المعالجة الأمنية والإعلامية والتربوية والشرعية، فيما توجد هناك فجوة كبيرة وأرضية لابد من الانطلاق منها إذا ما أردنا أن نعالج المعالجة الواقعية، وهذه الأرضية تتمثل في المعالجة القيمية، وهي التعمق إلى القيم والأفكار التي حركت هؤلاء الشباب لتبني الأفكار المتطرفة».

وأضاف قائلاً: «التقينا خلال هذه الدراسة الميدانية مع الشرائح المجتمعية الخليجية كافة من خلال الجولات الميدانية والجلسات الخاصة، واستطعنا أن نحقق شراكة مجتمعية، ولم نكتف بفئة الشباب في هذه الشراكة، بل شملناهم بذويهم وأصدقائهم ومربيهم ومشايخهم»، مشيراً إلى أن هذه الدراسة الميدانية لم تكتمل بعد فهي في الثلث الأخير وعلى وشك الانتهاء منها».

وذكر بوزبر الأسس التي قامت عليها تلك الدراسة «إذ تم تحديد القيم المرادة والشرائح المختلفة والمصادر والوثائق التي يمكننا أن نستنبط منها الصورة، ثم انتقلنا إلى الأدوات البحثية التي نزلنا بها إلى الميدان، والتي تتمثل في عدد من الاستبانات».

واستطرد قائلاً: تم توزيع استبانة على 1035 شاباً، واشتملت هذه الاستبانة على سبعة أسباب للتطرف الديني في الخليج بشكل عام، من ضمنها: شعور الشباب بأنه غير مفهوم من قبل المجتمع، وحب الشباب للخروج عن المألوف، وتعدد المرجعيات الدينية، والفهم الخاطئ للدين وغيرها من الأسباب، «وكنا نعتقد بأن الفهم الخاطئ للدين هو من أهم هذه الأسباب إلا أن القليل من العينات من وافق على هذا العنصر، أما العنصر الأكثر اتفاقاً بين شرائح العينة فهو شعور الشباب بأنه غير مفهوم من قبل مجتمعه».

كما تطرق بوزبر إلى أداة أخرى من أدوات البحث وقد اسماها بـ «استمارة البطل» وتركز على النموذج القدوة والبطل من وجهة نظر هذا الشاب في جميع المجالات اقتصادياً ورياضياً وسياسياً ودينياً. وأشار إلى أن الهدف من هذه الدراسة هو معرفة النموذج أو الشخصية التي تشكل القدوة لدى هذا الشاب وبالتالي تعمل بشكل فاعل في توجيه فكره. فقد كانت هذه الاستبانة عشوائية بحيث لم تختص بالفئة المستهدفة وكانت نتائجها إيجابية وكانت النتيجة في المجال الديني تكرار عدد من الشخصيات الفكرية كمحمد العوضي إذ تكرر 335 مرة، يليه الداعية عمرو خالد 255 مرة والمقرئ مشاري العفاسي 220 مرة وهكذا.

واختتم بوزبر حديثه بحصيلة تلك الدراسة التي قام على إشرافها، موضحاً أنه تم اكتشاف نواقص كثيرة يفتقدها الشاب الخليجي كالحاجة إلى الانتماء والحرية والقدوة، وإثبات الذات، والفراغ العاطفي، وسرعة التجاوب مع ردود الفعل والتفكير التآمري وسرعة الحكم وفقدان الرؤية الشمولية.

وعلى صعيد متصل، أكد الداعية الكويتي الشيخ يوسف السند في محاضرته «الخطاب الهجومي وخطورته على المسلمين»، ضرورة الاعتناء بالمصطلحات المناسبة، واليقظة عند الاستشهاد بالدليل الشرعي، وتنويع الواجهات التي تتعامل مع من يكون عنده الفكر المتطرف والخطاب الهجومي، مشيراً إلى مفهوم الخطاب الهجومي بقوله: هو الأسلوب الخطابي المتهور الذي لا يراعي المصالح المعتبرة التي جاءت بها الشريعة وحفظتها، ولا يوازن بينهما، ويغلب على هذا الخطاب التعسير بدل التيسير والتنفير بدل التبشير، فهو خطاب مغلف بالتهديد والوعيد، لا يراعي الأحوال ولا الأزمان، وهو عاطفي بلا هدف تنقصه الحكمة ولا يقدم ولا يقترح بديلاً، يفرق ولا يجمع يعنف ولا يؤلف.

وأوضح السند أن الخطيب المتزن هو من يستطيع تثبيت عينيه في عيون الآخرين، فيرتاح له الآخرون بنسبة 70 في المئة من وقت الخطاب، أما أثناء إلقاء الخطاب الهجومي فإن الناظر يكون في حال توتر وضيق فينظر بنسبة 40 في المئة من وقت الخطاب، لذلك فالخطاب الهجومي لا يؤثر إيجاباً عند مستمعيه، مشيراً إلى ضرورة اللطف والقول الطيب واللين أثناء العملية الوعظية والبعد عن الجو «المكهرب».

وعن دوافع الخطاب الهجومي نوه الشيخ السند إلى أن الانفعال هو من أهم تلك الدوافع ومن ثم التعصب والتفاعل والسرد السريع غير المفهوم لدرجة أنه نفسه لا يعرف ماذا قال ولا السامع يفهم ماذا يريد، هذا إلى جانب البسط، فهو خطاب نابع من بسط النفوذ.

وأردف قائلاً: من أنواع هذا الخطاب ومن أساليبه التهديد والتشهير والإنذار والتشفي والشماتة وإعلان الحرب، ومن آثاره الفتنة والاقتتال والظلم والكراهية والحرب والتفرق والفشل.

هذا، واتفق الشيخ السند في طرق الوقاية من هذا الأسلوب مع ما قاله أحمد بوزبر، مشيراً إلى ضرورة تطوير المواقف الصلبة إلى أعمال إيجابية، وأن يعزز عنصر قبول الآخر، والبحث عن القواسم المشتركة بدلاً من البحث عن نقاط الاختلاف لتأكيد التميز واكتشاف الذات والبعد عن الخطاب الإقصائي الذي يبحث عن سلبيات الآخر.


هاشم دعا إلى تبني علاقة «الحاكم والمحكوم»

النعماني يؤكد ضرورة تطوير الخطاب الدعوي

أكد الأمين العام السابق لمجمع التقريب الإسلامي الشيخ محمد سعيد النعماني ضرورة التركيز على تطوير الخطاب الإعلامي الإسلامي الدعوي، مشدداً على أن مسألة الاتهامات المتبادلة التي لا تستند إى أساس تلعب دوراً كبيراً كذلك في انشقاق الصف الإسلامي، داعياً الدعاة والوعاظ إلى الصبر والتحمل في السبيل الذي يطلبونه.

وأشار النعماني في كلمته التي حملت عنوان «الثوابت والمتغيرات في الخطاب الإسلامي» التي ألقاها في دورة الخطباء والدعاة التي تقيمها وزارة الشئون الإسلامية بمركز الفاتح الإسلامي إلى أهمية «استخدام الطيب من القول، وأن يكون الخطاب بليغاً، لاختلاف البلاغ عن الإعلام، فالبلاغ بايصال المعلومة وهذا هو المطلوب، كيف توصل المعلومة وتتفنن بطرق الإيصال، مشيراً إلى أن لكل عصر طرقه، والتقنية الموجودة الآن يمكن استغلالها الاستغلال الأمثل».

واستعرض عدداً من خصوصيات الخطاب الإسلامي، فنوّه إلى ضرورة التيقن والتثبت من نسبة أي قول إلى مصدره الرئيس، بحيث لا ينسب إلى شخص آخر، موضحاً أن «المشكلة تكمن في أن تنسب بعض الأقوال إلى الرسول الكريم أو بعض أصحابه وآل بيته وهم براء من تلك الأقوال، كما ان مسألة الاتهامات التي لا تستند إلى أساس تلعب دوراً كبيراً كذلك في انشقاق الصف»، مركزاً على ضرورة أن يتسم الخطيب والداعية بصفة القوة والصمود وعدم الضعف.

هذا وأشار الشيخ النعماني إلى أن الخطاب الإسلامي في مرحلتنا الراهنة يحتاج لمعالجة دقيقة فنحن أمام هجمة عالمية، تداخلت فيها العوامل والأسباب الداخلية والخارجية، وأوضح أنه لا يجوز أن نعلق جميع مشكلاتنا على شماعة العمل الخارجي، فقد أعطينا للخارج من الحجم والمبرر ما يجعلهم يتهجمون على الإسلام وفكره وإطاره العام، مضيفاً أنه لو لم نسمح نحن ببعض التشققات لا يمكن بأية حال أن ينفذ العدو إلى داخلنا.

من جانبه، شدد الرئيس السابق لجامعة الأزهر الشريف وأستاذ ورئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب المصري أحمد عمر هاشم على مسألة عدم منازعة الأمر، وعدم الخروج على الحاكم، مشيراً إلى أن من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية، ومن قُتل تحت راية عميّة يدعو لعصبية أو ينصر عصبية أو يغضب لعصبية فقُتل فقتلة جاهلية.

ودعا هاشم في محاضرته «العلاقة بين الحاكم والمحكوم»، الخطباء والدعاة بصفة خاصة وكذلك الكتاب والمفكرين والمؤسسات الدينية إلى تبني موضوع العلاقة بين الحاكم والمحكوم لما يترتب عليه من جمع الكلمة ووحدة الصف ومواجهة التحديات الحضارية والتيارات التي تتحرك في صفوف الأمة لإحداث شروخ بين فصائلها.

وقال هاشم: «إن عقول البشر ليست سواء، ومنازع الناس مختلفة وأن المذاهب متعددة والفرق كثيرة، ولا ينبغي أن يكون ذلك دافعاً أن تنزع يداً من طاعة، خصوصاً في توقيت نشهد فيه احتقاناً هنا والتهاباً هناك، وفي وقت نحن في أمس الحاجة فيه لنشر ثقافة الإسلام التي توحد وتقرب بين المذاهب. مشيراً إلى أن كبار أئمة السلف قال قائلهم: «لو كانت لي دعوة مستجابة لدعوت بها للحاكم لأنه بصلاحه تصلح الأمة».

وأضاف أن «الملك بيد الله سبحانه، فهو الذي يولي من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ولا يصح أبداً أن ينازع الحاكم، ولا يجوز أن يتطلع أحد إلى حكمه، ما لم يغتصب الحكم من أحد ومادام يعمل بكتاب الله تعالى ولا تحول بينه وبين رعيته معصية، وفي حديث عبادة قال: بايعنا رسول الله (ص) على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا، وعلى أثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهاناً».

وأكد هاشم ضرورة السمع والطاعة مستشهداً بقوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» (النساء: 59) وقول الرسول (ص) «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني»، منوهاً إلى أن طاعة ولي الأمر حيث لا تكون في معصية واجبة حتى يستتب الأمن وتستقر النفوس وتمضي سفينة الحياة.

وأشار هاشم إلى مبدأ التناصح، ثم تطرق إلى واجبات الراعي نحو الرعية، ومن ضمن الواجبات التي ذكرها مبدأ البعد عن المحاباة والرفق بالرعية وألا يحتجب عن الرعية لأنه من احتجب عن أصحاب الحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة

العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً