تمزيق وتشويه الصور في الملصقات الانتخابية
الوسط - علي نجيب
جماعة من الشباب ذوي الأشكال الغريبة والتسريحات «المبتكرة» يبسبسون فيما بينهم بتعليقات فكاهية على صورة أحد المترشحين وعلى شعاره الانتخابي، ثم يهجم أحدهم على الملصق القريب منه قائلا: «هذي أشكال ترشح روحها بعد (...)»، ويمسك به من الأعلى ويقطعه إلى ثلاثة أجزاء، هي في الحقيقة الطرفين المثبتين بالشريط اللاصق، أما الثالث فـ «كرمشه» الطالب في يده، ورمى به في سلة المهملات محرزا به هدفا ثلاثيا يستحق عليه لقب «جوردن الجامعة».
روى الطالب محمد سلمان تلك القصة مدللا على ظاهرة تقطيع الملصقات الانتخابية للطلبة والتي بدأت تتفشى في الآونة الأخيرة، إذ علق على ذلك: «كنت قريبا منهم وأشاهد المشهد عن كثب، حتى أنني تفاجأت من ثقتهم الشديدة من أنني لن أتقدم بشكوى ضدهم، على رغم أنني تعمدت أن أطيل النظر إلى ذلك الطالب الذي يتصور نفسه قويا، وأنه بتصرفه الشجاع هذا سيثبت نفسه أمام باقي أصدقائه، والحقيقة أنه كان أشبه بطفل وسط جماعة من الكبار، لا يعي ما قيمة هذا التصرف الذي قام به، ولا القيمة الأخلاقية السيئة له».
أمر يعكس قلة الذوق
باتت تلك الظاهرة تتفشى ولو بشكل نسبي في المجتمع الجامعي، ولها عدة مدلولات نفسية وتربوية وحتى اجتماعية، إلا أن الطالبة أمل الماجد ترى أن الغيرة هي السبب الأولي، والدافع الذي يجعل من البعض يمزقون ملصقات المترشحين، والأمر قد يكون عاملا نفسيا، أو يتجاوز ذلك لأن يصبح محاولة لإفساد حضور المرشحين الآخرين. وتؤكد الماجد أن الطلبة هم من يقومون بهذا التصرف في الغالب وليس أتباع المرشحين، وهو أمر يعكس قلة الذوق لديهم، إذ إن المرشح وأصحابه يتعبون في تعليق الملصقات، ويأتي الطلبة - بكل سهولة - ويقطعون الملصق أو يشوهون الصورة الموجودة فيه.
تحريك الملصق مخالفة أيضا!
لم يتعرض مبنى تقنية المعلومات لهذه التصرفات الصبيانية كما يقول الطالب محمد يتيم، إلا أن التصرف الذي حصل هو تغيير أماكن الملصقات، وتحويلها إلى أماكن أخرى لا تلفت أنظار الطلبة، إلا أنهم لم يمزقوها. وأكد يتيم أن الطلبة العاديين لا يقومون بمثل هذه التصرفات فيما عدى حالات بسيطة يكون فيها المرشح على خلاف شخصي مع الطالب، فيلجأ حينها - أي الطالب - إلى تمزيق الملصق، أو تشويه الصورة فيه، وهو أمر سيئ قد يثير الشكوك والنزاعات بين المترشحين، وهو سلوك غير حضاري.
وأكد محمد أن اللجنة التي تدير الانتخابات متعاونة بشكل كبير، وأنها تعمل وفق نظام خاص يتوجب من المرشح الذي يواجه أي إشكال مثل تمزيق ملصقه الانتخابي أن يتقدم بشكوى مكتوبة للجنة، وهم بدورهم يقومون بأخذ الإجراءات اللازمة.
ظاهرة ذات أسس تربوية
«تصرف غير سليم وغير لائق»، ذلك كان وصف الطالبة وجدان محمود التي تعلل مثل هذا التصرف بأنه إما أن يكون ساعيا إلى إفساد الحملة الإعلامية للمرشح، رغبة في إنجاح وإرجاح كفة مرشح دون الآخر، أو أن يكون مجرد تصرف صبياني متكون نتيجة لعوامل تربوية أسهمت في بناء شخصيته، والتي تجعله متعودا على تخريب كل ما لا يعجبه لمجرد التخلص منه، وهي بدورها تستنكر وجود هذا التصرف في صفوف الطلبة الجامعيين، إذ إن من اللائق على الطالب الجامعي أن يتحلى بمجموعة من الخصال، وغيابها عن بعض الطلبة أمر مرفوض، وظاهرة خطيرة يجب معالجتها.
بصفته مندوبا لأحد المترشحين، يؤكد مصطفى سعيد السرو أن هذه الظاهرة موجودة، حتى وإن لم ير أحدا وهو يمزق الملصقات، إلا أن آثارها واضحة، إذ إنه الكثير من الملصقات ممزقة - حتى مع مرشحه - وهو تصرف يمكن أن ينسب إلى الطلبة، أو حتى إلى الموظفين الذين يعملون في الجامعة بعد انتهاء الدوام. ويعزو مصطفى ذلك التصرف إلى أن من يقوم به يعمل وفق عقلية التخريب، إلا أنه لا يبعد المنافسين عن مسئولية ذلك من دون أن يوجه الاتهام إلى شخص معين. وفي ظل غياب الرقابة المستمرة والحقيقية، فإن بالإمكان أن نقول إن الأمن لم يقوموا بعمل أي شيء، إلا أننا نضع المبرر لهم بأن لا أحد تقدم بشكوى «بالاسم» للأمن، لأن من يقوم بهذا التصرف يحرص على عدم وجود شخص يراقبه لكي لا يتقدم بشكوى ضده.
الرقابة ضبطت المخربين
خلال الأسبوع الماضي تم ضبط مجموعة من الطلبة - ثلاثة طلاب وطالبتين - وهم يقومون بتمزيق الملصقات في كلية إدارة الأعمال وبشكل عشوائي، ما يفسره رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان التي تعمل بشكل تطوعي على مراقبة الوضع الانتخابي في الجامعة محمد المسقطي بأنها محاولة من بعض الطلبة لإثارة الفتنة والتفريق بين المترشحين. وأكد المسقطي أن مجموعات من فرق المراقبة تم توكيلها من قبل الجمعية لمراقبة الوضع العام حتى انتهاء وقت الدوام الرسمي، وقد لاحظوا تلك المجموعة التي تعمل على التمزيق، فبادروا بملاحقتهم إلا أنهم تمكنوا من الفرار عبر مبنى كلية الآداب، متوجهين إلى مواقف السيارات وبشكل سريع، لم يسمح للمراقبين بملاحقتهم أو حتى وصول مشرفي الجمعية. وأكد المسقطي أن هذه المجموعة لا تنتمي لأي تنظيم معين، إذ إن تصرفهم قد يكون مدفوعا برغبة في جعل المتنافسين يلقون بالتهم على بعضهم بعضاً، والعملية كلها تأتي في محاولة لعرقلة سير العملية الانتخابية، بسبب عدم تلاقي المجلس مع مطالبات الطلبة، أو أنهم قد يكونون من الفئات المقاطعة للانتخابات، وهو أمر يتلخص في وصفه بأنه سيئ، ولا يليق بأن يرتكب في مكان أكاديمي مثل جامعة البحرين ومن طلبة يفترض فيهم أن يكونوا على مستوى من الثقافة والفهم.
تشكل القوائم الطلابية جزءاً حيوياً في العملية الديمقراطية كما تمثل الأحزاب في الانتخابات النيابية والبلدية فتغيبها يسبب اعوراراً في الحركة الديمقراطية، وتشهد الكثير من الانتخابات الطلابية في معظم الجامعات والاتحادات الطلابية حراكاً ملحوظاً لتلك القوائم التي تختلف في قدرتها على التأثير ضمن محيطها الداخلي والخارجي.
تعتبر الحركة الطلابية في الكويت أكثر الحركات قرباً للواقع البحريني من حيث وجود القوائم وتأثر الحركة الطلابية في الكويت بالاتحاد الوطني لطلبة البحرين التي حجمت وقمعت من قبل السلطات البحرينية. تتنوع القوائم الطلابية في الكويت من حيث المنهج في التعاطي مع القضايا الطلابية والوطنية والعالمية وبين الإطار العقائدي (الأيديولوجي)، فهناك قوائم تحسب على تيار الإخوان المسلمين وهناك تيارات تحسب على اليسار وهناك القومية والشيعة لهم أكثر من قائمة وكل تقسيمات هذه القوائم نابعة عن الخلفية المجتمعية.
ومن الأمثلة على هذه القوائم، القائمة الائتلافية وتعرف القائمة بنفسها بأنها «تجمع يضم في صفوفه الطلاب والطالبات المؤمنين باعتدال الإسلام ووسطيته وعالميته والذين يسعون لأن تكون الكويت وطنناً حراً آمناً مزدهراً والذين يعملون من أجل وتحسب هذه القائمة على تيار الإخوان المسلمين» ومن القوائم الأخرى قائمة الوسط الديمقراطي وهذه القائمة تعرف بأنها «قائمة طلابية يربط جميع أعضائها مبدأ المساواة على اختلاف توجهاتهم وتهدف إلى تعزيز الانتماء الوطني وتحقيق المصلحة الطلابية وترسيخ المبادئ الديمقراطية وإيجاد جامعة ومجتمع متطورين وتأسست العام 1974 وتعتبر اعرق قائمة طلابية من بين القوائم الحالية» وتحسب هذه القائمة على التيار اليساري.
أما في فلسطين المحتلة نجد مسمى الكتل الطلابية بارزة على الساحة الطلابية وخصوصاً في انتخابات مجلس الطلبة بجامعة النجاح ومن الأمثلة على تلك الكتل الكتلة الإسلامية (حركة حماس)، حركة الشبيبة (حركة فتح)، الوحدة الطلابية (الجبهة الديمقراطية).
فلسفة عمل القوائم
يمكن تعريف القائمة الطلابية بأنها تنظيم طلابي نقابي تجمعهم أهداف ومبادئ مشتركة يسعون لتحقيقها في الحياة الطلابية سواء كانت منهجيتهم مدرس الانفصال أو الاتصال. وتتكون المجالس والاتحادات الطلابية من عدة أعضاء وان القرارات في تلك المجالس تصدر بالتصويت والعمل الفردي لا يخلق أي فرص لتحقيق أي مكتسبات طلابية، فالعمل ضمن مجموعة واحدة يحقق وحدة متماسكة في صنع القرار الطلابي الذي يؤثر على صيرورة عمل المجالس الطلابية، و في الغالب هناك ايديولوجيات تجمع هذا التنظيم أو مبادئ معينة إلا أن هذا لا يمنع من وجود تنظيمات طلابية تتنوع في الايديولوجيا ولكن تتحد في الأهداف والمبادئ.
القوائم بين التحجيم وإثبات الذات
عرفت الانتخابات الطلابية بجامعة البحرين فكرة القوائم منذ الدورة الثانية لمجلس طلبة جامعة البحرين، وكانت قائمة الطالب أولاً نقطة الانطلاق لفكرة القوائم في الحركة الطلابية الجامعية ما جعلها تكتسح العملية الانتخابية في هذه الدورة إذ حصدت 9 مقاعد من قبل الانتخاب المباشر، و قد تفاجأت إدارة جامعة البحرين من هذا التنظيم الطلابي مع العلم ان هناك قائمة مكونة من 3 أفراد يتشاركون في شعار ثلاثي.
فواجهت إدارة الجامعة فكرة القوائم في انتخابات الدورة الثالثة للمجلس، فالمشرع الذي وضع لائحة إنشاء وتنظيم مجلس طلبة جامعة البحرين لم يذكر حظر النزول بالانتخابات بشكل قوائم، فالتجأت الإدارة إلى سد الفراغ التشريعي عن طريق وضع مادة تحظر فكرة النزول بقائمة موحدة، ففي لائحة تعليمات انتخابات مجلس طلبة جامعة البحرين في مادته (35) إذ تنص «يمنع منعاً باتاً استخدام كل ما يشير إلى نزول الانتخابات بقائمة موحدة، بما في ذلك الشعارات والعبارات التي ترسم وتكتب في الملصقات الانتخابية»، وتعكس الملابسات التي صدر بها الحظر البعد السياسي فيه، و ان التبريرات التي ساقتها إدارة الجامعة بأن نظام القوائم نظام غير دستوري هو خلط للأوراق بين أن يكون النظام الانتخابي الانتخاب بالقائمة وبين أن يكون النزول بشكل قائمة موحدة، والتجربة العملية في الحياة الانتخابية في مملكة البحرين تكشف عمق تخلف الواقع الجامعي عن الواقع الانتخابي الخارجي في الانتخابات النيابية والبلدية، إذ إن النظام الانتخابي المطبق هو الانتخاب الفردي وهذا لم يمنع نزول مرشحين ضمن قوائم للجمعيات السياسية وفلسفة وجود قانون للجمعيات السياسية تعكس البنية القانونية لإشراك هذه الجمعيات في العملية الانتخابية بوصفها حزباً سياسياً يسعى إلى السلطة، وان الحظر على وجود قوائم تعكس البعد السياسي لهذا الحظر الذي يخالف مشروع الملك الإصلاحي، ويخالف هذا الحظر حق التجمع وإنشاء الجمعيات بوصفها جزءاً مهماً من مباشرة الحقوق السياسية التي أكد عليها مشروع المبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في مسألة الحقوق السياسية المقرة من قبل الجمعية العمومية بالأمم المتحدة، ينال هذا الحظر شرعية من حيث إصداره إلا انه لا يتسم بالمشروعية، إذ لا يلقى قبولاً طلابياً.
صراع الإرادات
كسرت قائمة الطالب أولاً حاجز المنع عبر إعلان نفسها بشكل علني ومباشر في وسائل الإعلام بأنها قائمة طلابية تابعة لمركز البحرين الشبابي، ويعتبر الإعلان حال من المقاومة ضد الحظر الرسمي ضمن الإطار الجامعي، فالعمل العلني كشف حقيقة، أن صراع الحركة الطلابية اقوى من أي محاولة للتحجيم الذي تمارسه إدارة الجامعة، والتعامل الرسمي مع رموز القوائم وخصوصاً فيما يتعلق بحراك الشارع الطلابي غير المؤسس ضمن الإطار التنظيمي الجامعي تبرز الاعتراف الضمني بوجود قوى طلابية قادرة على التأثير وتحريك الشارع بشكل ايجابي بدفع مسيرة الحقوق والمطالب الطلابية.
وما وجود هذا الحظر الا هو حالة تحجيم وصول مرشحين إلى مجلس الطلبة ذات بنية موحدة متماسكة تؤثر في صنع مجلس طلابي موحد متماسك في صنع قراره ما يمثل قوة للمجلس، فحال التحجيم هو تضعيف للمجلس وجعله مجلساً ائتلافياً غير قادر على بناء قرار موحد في القضايا الطلابية وهذا مع عكسته تجارب المجلس الذي غالباً ما تتصارع قواه في قضايا طلابية على أساس اختلاف المنهج في العمل الطلابي.
قاسم الفردان
عضو مجلس طلبة وناشط حقوقي
ها هي انتخابات مجلس الطلبة تقرع أبواب جامعة البحرين ليبدأ الحماس، والمنافسات، والبرامج الانتخابية، ففي كل عام في مثل هذا الوقت، ترى الصور والإعلانات الانتخابية انتشرت في كل مكان، وترى الطلاب حائرون هل يرشحون فلانا أم فلاناً؟ من الأفضل؟ من الذي يستحق ذلك الكرسي، وثقة الطلاب؟
وكما هو معروف فإن لمجلس الطلبة بجامعة البحرين أهدافاً سامية، ومسئوليات كبيرة، إذ يحمل مجلس الطلبة على عاتقه، مساعدة الطلبة في حل مشكلاتهم، ومعوقاتهم الدراسية، بتوصيلها لإدارة الجامعة، واقتراح حلول معقولة لها، و يلاحظ أيضاً دور مجلس الطلبة الكبير في يوم التسجيل وحل مشكلاته، وإن كان أثر مجلس الطلبة صغير في الجامعة، لكنه يبذل قصارى جهده لإحداث فرق وأن كان صغيراً.
وعندما نأتي إلى انتخاب المرشحين، نرى بأن كل مرشح اعد لنفسه برنامجاً انتخابياً، وقطع وعوداً لطلاب كليته بتحسين أحوالهم، ولكن الله أعلم إن كان قادراً على ذلك أم لا، فنرى بعض الطلاب في حيرة، من يستحق صوتنا؟ وهنا تكمن المشكلة! فبعض الطلاب يعطي صوته معتمداً على المظاهر، لا على البرنامج الانتخابي، والبعض الآخر يعطي صوته للأجمل من دون أدنى فكرة عن البرنامج الانتخابي!
لكن طبعاً هناك فئة من الطلاب الذين يشاورون عقولهم قبل التصويت، فيرشحون الأفضل، ذاك الذي يستحق ثقتهم وصوتهم بجدارة.
وفي النهاية نتمنى أن يكون تاريخ 17 مايو/ أيار الجاري يوماً لا ينسى، يوماً نعطي فيه صوتنا للأفضل، والأجدر، وأدعو الله العلي العظيم أن يوفق جميع المترشحين... والفوز للأفضل إن شاء الله.
عقيلة ناصر عبدالعزيز
طالبة من جامعة البحرين
العدد 1347 - الأحد 14 مايو 2006م الموافق 15 ربيع الثاني 1427هـ