مازالت الصحف العبرية تراقب خطوات الحكومة الإسرائيلية الجديدة باتجاه الفلسطينيين. وهناك تعويل على وزير الدفاع الجديد شمعون بيرتس بأن ينجح في تغيير الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية وفي تظهير سياسة جديدة مع الفلسطينيين. حتى أن كاتب المقالة وصف بيرتس بأنه ابن «الحياة المدنية» وكأنه منقذ الفلسطينيين! أو كأن العرب لم يجربوا بعد وزيراً من حزب «العمل»، خصوصاً أن غالبية الحروب ضد العرب شنها زعماء هذا الحزب الذين أثناء ولاياتهم الحكومات الإسرائيلية مارسوا كل أنواع الاعتداءات في فلسطين ولبنان! وهناك أيضاً من وصف رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بأنه دبلوماسي موهوب ومتزن لكن نجاحه مرهون بإيصاله المساعدات إلى الخزينة الفلسطينية.
فقد اعتبر تسفي برئيل في «هآرتس» أن وجود زعيم حزب العمل شمعون بيرتس في الحكومة الإسرائيلية هو ضرورة ملحة وخصوصاً على رأس وزارة الدفاع، معولا على النزعة الثورية لدى هذا الرجل لإحداث انقلاب في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية. وأشار إلى أنه بحسب تقرير للصحافي في «هآرتس» فإنه من المتوقع من بيرتس أن يعيد النظر في عدة ملفات تتعلق بالأمن الإسرائيلي على رأسها مسألة استمرار إقفال الحدود بين مصر و«إسرائيل»، ومواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته الجوية ردا على صواريخ القسام ومنع الفلسطينيين من العمل داخل الخط الأخضر. وإذ كشف أن بيرتس لا يعارض تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية، أيد هذا الموقف ساخرا من خيبة أمل الحكومة الإسرائيلية بأن تؤدي العقوبات المفروضة على الفلسطينيين إلى انتفاضة شعبية ضد حكومة «حماس»، فالدولة العبرية هي التي تواجه حالياً الضغوط الدولية لفك الحصار عن الفلسطينيين.
هذا وأشار برئيل إلى أن بيرتس قد لا يتردد في إعطاء الأوامر لاعتقال المستوطنين المشتبه باعتدائهم على أطفال فلسطينيين في الخليل. وباختصار يقول برئيل ان وزير الدفاع الجديد شمعون بيرتس وابن «الحياة المدنية»، لا ينوي تغيير التكتيكات المتبعة في المؤسسة العسكرية فحسب بل يريد أيضاً تغيير الاستراتيجيا العسكرية على وجه العموم. وأوضح ان بيرتس قد يعمل خلال وجوده في وزارة الدفاع على إبعاد رؤساء الأركان عن عملية صوغ السياسة العسكرية ودوائر القرار وتحويل هذه المهمة إلى رجال السياسة. مرجحا أن يثير بيرتس في إطار محاولته الإضاءة على مكامن الخلل والتجاوزات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، قضية إقدام بعض الجنرالات الإسرائيليين خلال سنوات الانتفاضة على «فرض حقائق على الأرض» في الأراضي المحتلة، في إشارة إلى تورط جنرالات إسرائيليين في التوسع الاستيطاني من دون قرار سياسي، طبعا بحسب زعم برئيل، الذي دعا من جهته، إلى السماح للعمال الفلسطينيين بدخول «إسرائيل» على رغم ما قد يترتب على ذلك من مخاطر منها تسلل من أسماهم «الإرهابيين» لتنفيذ عمليات «انتحارية»، لافتا في هذا السياق، إلى أن سياسة حظر دخول العمال الفلسطينيين فاشلة، فعلى رغم إقفال «إسرائيل» للمعابر الحدودية إلا أن «الجهاد الإسلامي» نجحت أخيرا في استهداف تل أبيب.
وتابع المعلق الإسرائيلي لافتا إلى ملف آخر سيكون على بيرتس التصدي له وهو مسألة احتلال مزارع شبعا في جنوب لبنان التي بحسب برئيل تعتبر الذريعة لتمسك حزب الله بسلاحه ما يعني أن الانسحاب الإسرائيلي منها سيجرد هذا الحزب من حجته ما يسمح بانتشار الجيش اللبناني على طول الحدود مع فلسطين المحتلة. وألمح إلى إمكان أن يعرض بيرتس احتمال «فك الارتباط» مع لبنان عبر انسحاب إسرائيلي أحادي من مزارع شبعا، مبررا استخدامه عبارة «فك الارتباط» بالقول ساخرا إن مصطلح «انسحاب» قد أزيل في الآونة الأخيرة من القاموس الإسرائيلي لتحل مكانه عبارات مثل «الانطواء» أو «إعادة انتشار» أو «فك الارتباط».
من جهته، وصف داني روبنشتاين في «هآرتس» رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية بأنه دبلوماسي موهوب وأنه يعد الآن الشخصية الأبرز في قيادة «حماس» متفوقا على رئيس المكتب السياسي للحركة في دمشق خالد مشعل ووزير الخارجية محمود الزهار. ففي حين يستخدم مشعل والزهار لغة نارية، يتمتع هنية بأسلوب متزن ودبلوماسي. وتوقع روبنشتاين، أن ينجح هنية بفضل مهاراته الدبلوماسية بتحقيق إنجازات إيجابية وأهمهما بناء شراكة مع الرئيس محمود عباس. غير انه أكد انه لا يمكن الاعتراف بموهبة هنية في المناورة الدبلوماسية والإقرار بنجاحه إلا إذا استطاع أن يتوصل إلى اتفاق مع عباس والدول العربية والمجتمع الدولي بشأن عملية تحويل المساعدات إلى خزانة السلطة الفلسطينية من أجل السماح للحكومة بتسديد أجور موظفيها التي تأخرت ثلاثة أشهر مهددة بانهيار حكومة هنية والسلطة الفلسطينية بأكملها
العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ