العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ

المواطنون يتطلعون إلى إنجازات حقيقية خارج إطار «توصيات القمم»

ربع قرن وملفات «مجلس التعاون» المهمة لاتزال حبيسة الأدراج

لا يعني الاحتفال بمرور 25 عاماً على تأسيس مجلس التعاون الخليجي في 25 مايو/ أيار العام 1981 مجرد احتفال بتاريخ مناسباتي في هذه المنطقة الحساسة من العالم، فأمام هذه المنطقة، وفي هذه المرحلة السياسية التي توجب التخطيط الاستراتيجي التنموي والاقتصادي والوجود الإقليمي والدولي المؤثر، مضاف إلى كل ذلك، جملة من التحديات الداخلية المرتبطة بالتحولات الديمقراطية في الدول الست التي حققت الكثير من الإنجازات، لكنها، حتى اليوم، لم تتمكن من تحقيق الهدف الأكبر والأول، ألا هو الاندماج في تكتل واحد قوي يحمي المصالح، فقائمة المشكلات والخلافات، لاتزال تربك الأهداف السامية لتلك الوثيقة التي ولدت يوم 25 مايو/ أيار، ووضعت شعوب الخليج كمفردة أصيلة في حال الحديث عن قائمة التطلعات والمصالح وخير المنطقة.

لكن، كيف ينظر المواطنون الخليجيون إلى هذه الذكرى؟ في هذا التقرير السريع، سنصل إلى بعض الباحثين والمهتمين وعامة المواطنين للاستماع إلى آراء نقية بعيدة عن البروتوكولات والرسميات، فمن خلال اتصال هاتفي بالباحث السعودي سعيد الجارودي، وهو مهتم بالشئون الخليجية، يقول إن قادة هذه المنطقة وضعوا في اعتبارهم الكثير من الاستراتيجيات التي ترسم مستقبل هذه المنطقة وشعوبها، وعلى رغم الكثير من جوانب القصور في الأداء وفي أجهزة خليجية متنوعة، فالحال من بدء انطلاق المجلس إلى اليوم تغير كثيراً، وخذ مثلاً بعض الملفات التي كانت عالقة بدرجة كاملة ومنها التنقل بالبطاقة السكانية... فبعد 20 عاماً من النقاش تم الأمر، وبقيت دولة واحدة هي المملكة العربية السعودية لم تسمح حتى الآن بتطبيق هذه التوصية، وكذلك الحال بالنسبة للعملة الموحدة وجواز السفر الخليجي الموحد وأمور كثيرة، لكن الأمر على الجانب الأمني والسياسي، يمكن أن يكون مختلفاً.


مستجدات الأوضاع في المنطقة

فدول المجلس اليوم على سبيل المثال، تبحث مستجدات الاوضاع في المنطقة الخليجية والعالم العربي والقضايا السياسية الملتهبة في المنطقة وعلى راسها الملف النووي الإيراني في ضوء التطمينات التي ابلغتها طهران للدول الخليجية لكن هناك أيضاً مخاوف خليجية من إقدام الولايات المتحدة على عمل عسكري ضد طهران حتى ولو خارج نطاق مجلس الأمن كما حدث في السيناريو الأميركي ضد العراق قبل 3 أعوام وهو إذا ما تحققت تلك المخاوف ستكون لها آثارها السلبية على المنطقة.

ويضيف قوله إن دول المجلس تعمل الآن على توضيح خطورة الوضع الإقليمي الراهن لتجنيب المنطقة أية صراعات جديدة وإعطاء أولوية للخيار الدبلوماسي وليس العسكري كما جاء البيان مراراً على لسان الأمين العام للمجلس عبدالرحمن العطية أن من حق إيران والدول العربية امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكن النهج السليم هو الاجراء المقبول في الوقت الراهن والأفضل ان يكون مجلس الأمن الدولي داعما للتأثير على المسار الدبلوماسي الذي تنشده دول العالم اجمع لتبديد كل المخاوف الدولية وإبقاء الفرص السلمية مفتوحة لاحتواء الأزمة.

هذه الأزمة - والحديث للباحث الجارودي - لا يمكن اغفالها أو اعتبارها لا تهم دول المجلس وشعوبه.. فخذ مثلاً انطلاقة المجلس في مطلع الثمانينات... كانت الحرب الإيرانية العراقية مشتعلة، واليوم، تدور الدوائر ونعود مرة أخرى إلى إيران والأزمة النووية، لكن على أي حال، تغيرت الأمور كثيراً وتغيرات السياسة الاستراتيجية لدول مجلس التعاون، وهذا من أبرز معطيات ربع قرن من الزمان.


منطقة متحركة ديناميكياً

ويعتقد مدير إدارة الخدمات وبرامج التنمية بالمحافظة الشمالية جهاد محسن سلوم أن ذكرى مرور ربع قرن على تأسيس مجلس التعاون الخليجي تعني بالدرجة الأولى تحقيق التوصيات والقرارات التي اتخذتها دول المجلس منذ تشكيله في العام 1981، وإذا كانت شعوب الخليج تتطلع إلى تحقيق تلك القرارات والتوصيات، فإن قيادات المجلس لم تغفل في القمم السنوية من وضع المشروعات التي تهم شعوب المنطقة موضع البحث، إلا أن هناك جوانب كثيرة يتوجب النظر إليها من ناحية المشروعات المشتركة والنظام الاستراتيجي والتحولات الحساسة في المنطقة التي يجب ألا تؤثر على التوجهات التنموية والاقتصادية لتحقيق رفاهية المواطن الخليجي.

ويشير إلى أن عدد السكان في الخليج يقدر بنحو 27 مليون نسمة، يشكل الأجانب أكثر من نصفهم (نحو 15 مليوناً) ووصلت نسبة المغتربين في بعض الدول الخليجية إلى 80 في المئة وتتراوح نسبة العمالة بين 70 في المئة و90 في المئة ومعظم العمالة من دول جنوب شرق وجنوب آسيا. ولم يستفد المخططون للقطاعات التعليمية والفنية من الإمكانات المتاحة لتنظيم التعليم كما ونوعا لكي يجعلوا المواطن الخليجي مشاركاً في جميع القطاعات التنموية المحلية. وما دام التعليم متوافراً للأنثى مساواة بالذكر فلابد من خلق قطاعات منتجة لاستيعاب العاملات وعدم محاصرتهن في قطاعات وظيفية محددة، والمحافظة على معدل المواليد المرتفع، والتعامل مع مرحلة ما بعد الأسرة الممتدة.

ويشاركه الرأي الباحث فرج القاسمي، عضو الفريق القطبي البحريني، في هذا الاتجاه، إذ يشير إلى أنه اطلع على دراسات تربوية في هذا الشأن، وارقامها تعكس مدى الحاجة إلى ربط التعليم بالتنمية بصورة أكثر دقة في كل دول مجلس التعاون، تقول الدراسة إنه في العام 1995 شكل السكان المواطنون الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً متوسطاً قدره 45,7 في المئة في دول المجلس وتتراوح هذه النسبة بين 40,3 في المئة في البحرين و51 في المئة في الإمارات. وتتميز هذه الفئة بحاجتها إلى الإعالة المطلقة، وبحاجتها إلى خدمات من نوع معين، كما أنها تعتمد في دعمها الاقتصادي على البالغين في سن العمل. وتشير الإسقاطات السكانية التي تم إعدادها للسكان المواطنين أن نسبة هذه الفئة العمرية لن تشهد هبوطاً ملحوظاً خلال العقدين القادمين، إذ ستبلغ نسبتها 42,9 في المئة العام 2005 ونحو 41,3 في المئة العام 2015، وعلى رغم المزايا المهمة للقاعدة العريضة للهرم السكاني للمواطنين التي تتمثل أساساً في استمرار صفة الشباب لهذا الهرم وزيادة أعداد المتدفقين لسوق العمل في المستقبل، إلا أن له كلفة الاقتصادية والاجتماعية التي لا تخفى. فالهيكل الفني للسكان يتطلب استثمارات اجتماعية كبيرة، وسيولد ضغوطاً كبيرة على خدمات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى.

ويتمنى أن تتجه دول مجلس التعاون إلى الاستفادة القصوى من الجوانب البحثية لديها.


إيجابيات النظام الإقليمي للمجلس

ويعتقد كل من الناشط الاجتماعي بدر الشيخ، وهو إداري سابق في جامعة الخليج العربي، وعادل عيسى المرزوق، وهو رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام بوزارة البلديات والزراعة سابقاً وضابط الاتصال بالمنظمات والهيئات الخليجية، فيقولان إن دول المجلس اعطت القضايا الإقليمية أولوية خاصة يحرص قادة الخليج العربي - انطلاقا منها - على دعم وتطوير مسيرة التعاون الخليجي المشترك واستكمال ما تحقق من خطوات في مجال التعاون الأمني والاقتصادي واستعراض مسيرة مجلس التعاون وتبادل وجهات النظر والرأي بين القادة تجاه مجمل القضايا الراهنة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليم وفي مجالي التعاون العسكري والأمني لتحقيق كل ما فيه خير وازدهار دول ومواطني مجلس التعاون كما يحرص قادة دول المجلس المستمر على التنسيق وتبادل الرأي والتشاور تجاه جميع القضايا الإقليمية والدولية والمضي قدما في دفع مسيرة مجلس التعاون إلى مجالات أوسع وآفاق أرحب بما يعود بالخير والرخاء على مواطني دول المجلس بوصفه الركيزة الأساسية التي تعكس تطلعات شعوب دول المجلس وهو أمر حسن ثمة جوانب إيجابية يمكن أن تشجع على دعم مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي منها ارتفاع اسعار النفط ما يزيد حجم الإيرادات المالية ونمو قيمة الناتج المحلي الإجمالي. وتحاول الدول الخليجية الاستجابة للتغيرات العالمية بزيادة الاعتماد على القطاع الخاص وتحسين مناخ الاستثمار وتخفيف القيود الاقتصادية، لأن دول الخليج اليوم، وبعد ربع قرن من الزمان، أصبحت تقترب من إعطاء الدولة الدور الرئيسي للقيام بالصناعات الثقيلة، ويصعب تطبيق نموذج أو نظرية للتنمية في دول الخليج لاختلاف ظروفها، فهي دول قليلة السكان، ويسودها مناخ حار، ولم تتدرج في مراحل التنمية وإنما تحولت بسرعة من دول فقيرة إلى دول تملك عائدات ضخمة من البترودولار. وطبق النموذج الكويتي للتنمية في معظم دول الخليج القائم على توزيع الثروة وتحريك القطاع الخاص

العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً