العدد -2 - الإثنين 19 أغسطس 2002م الموافق 10 جمادى الآخرة 1423هـ

«غازي»... في انتظار عفو ملكي يعيده إلى أهله!

من المنتخب الوطني للكرة الطائرة... إلى السجن المؤبد

حتى الثاني من أبريل/نيسان 1995، كان غازي منشد لاعبا في المنتخب الوطني لشباب الطائرة، يتدرب ويلعب ويقضي حياته مستمتعاً بكونه رياضياً متميزاً اختير لتمثيل البحرين في أكثر من مناسبة.

حتى ذلك التاريخ فقط، كان والداه يخططان بجدية لإخراجه من عالم العزوبية والاحتفال به في ليلة لا تنسى، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وتغير مسار حياتهم جميعا، مات الوالد بالمرض والحزن، وأصبحت الأم تتحرك في كل الاتجاهات لإخراج ولدها ليس من عالم العزوبية وإنما من بين جدران السجن حيث يقضي عقوبة السجن المؤبد لإدانته في جريمة قتل وقعت في ظروف معقدة راح ضحيتها عامل هندي.

كتبت الأم رسالة رفعتها إلى عظمة الملك المفدى، تلتمس فيها عفواً ملكياً خاصاً يعيد ابنها إلى أحضانها، كان مما جاء فيها:

«انني أم السجين غازي كاظم منشد، المحكوم في قضية رقم1896/ج/1996، والآن مضى على الحكم حوالي «7» سنوات، ولم أحصل على تنازل من أهل المجني عليه إلا بعد وفاة زوجي والد غازي..لقد حاولت بكل الوسائل الوصول إلى عظمتكم ولم استطع، فمنذ تولي عظمتكم مقاليد الحكم والأفراح تعم الشعب صغيراً وكبيراً، وتغمر قلب كل أم ولكني لم تكتمل فرحتي لعدم وجود ابني معي..».

خطّت الأم تلك الرسالة وهي تأمل بأن يوجه الملك المسئولين لإعادة النظر في القضية خصوصا وأن الأهل تكافلوا ودفعوا دية القتيل، لكن المثير في الموضوع أنهم عادوا إلى البلاد من الهند بتنازل عن الحق الخاص بعد أن أيدت محكمة التمييز حكم الإدانة وأصبح التقاضي عندها منتهيا.

وأكد ورثة المقتول أنانت ماريان سوامي الهندي الجنسية والذي كان يعمل لدى إحدى الشركات الخاصة في البحرين في ورقة التنازل الرسمية التي وقعوا عليها، أنهم تنازلوا عن جميع التهم نتيجة للحادث المؤسف الذي تورط فيه غازي كاظم منشد المتهم بالجريمة.

وأضافوا أيضا: «من جانبنا كطرف مسئول ومهتم سوف نسمح له بالعودة لعائلته خصوصا والدته المتألمة كثيرا نظرا لحبسه، حتى يعود إلى حياته من جديد ما دام قادرا على أن يصبح مواطنا صالحا في خدمة بلده، نرجو من الجهات المسئولة إعطاء الأولوية لهذه القضية».

وفي الطابق الثاني من منزل العائلة الكائن بمنطقة الخميس، كانت الأم تنتظر في غرفة «غازي» تجول بنظراتها في أرجاء الغرفة الخاوية من الحياة، وتقف عند شماعة تتدلى منها بعض البطاقات الرياضية والميداليات التي أحرزها «غازي» عندما كان عضوا في المنتخب الوطني.

تقول الأم وهي متشحة بالسواد حزنا على الزوج الذي فارقها قبل سنوات بسيطة، وعلى الولد الذي أصبحت تراه مرة واحدة كل شهر وتستمع إلى صوته مرة واحدة كل أسبوع: «كان ولدي يعمل في إحدى الشركات الخاصة مع مجموعة من الآسيويين، واستدعي معهم إلى وزارة الداخلية عندما وقعت الحادثة، في ذلك العام كانت البلاد تمر بمرحلة مربكة، لم نكن نعرف طبيعة قضيته والتهم الموجهة إليه، هل هي جنائية أم أمن دولة، عاد إلينا في ذلك اليوم، وبعد شهر استدعي للتحقيق مرة أخرى وتم إيقافه لمدة شهر كامل لكنه خرج، وبعد عام كامل استدعي إلى التحقيق وأحيل إلى المحكمة فأدانته بعد عدد من الجلسات».

وعلى رغم قناعة الأم وجميع من عرف غازي عن قرب ببراءته، إلا أنهم اتفقوا على دفع دية القتيل (ثلاثة آلاف دينار) والحصول من أهله على تنازل عن الحق الخاص، لأن هذه الخطوة يمكن أن تمهد لإطلاق سراحه، وكانت المفارقة بانتظارهم عندما قدموا ورقة التنازل إلى المحكمة غير أن خطوتهم كانت متأخرة بعض الشيء بعد أن قالت محكمة التمييز كلمتها مؤيدة الحكم الابتدائي معلنة نهاية التقاضي في هذه القضية.

وانتظرت الأم بعدها أن يفي وعد واحد من وعود كثيرة قطعها كثيرون في مساعدتها على تخليص ابنها من البقاء سبعة عشر عاما آخرى في السجن، لكن كل تلك الوعود كانت تتكسر مع الوقت حتى بدأ اليأس يدب في قلبها من رؤية ابنها مرة ثانية وهي تجزم أن «أبو سلمان» لو سمع بقصتها فلن يرضيه منظرها وهي منهارة تبكي فراق ولدها لثمانية أعوام كاملة، علما بأن عظمة الملك كان قد أصدر توجيهاته الكريمة قبل قرابة العامين بإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحكومين في قضايا تمس أمن الدولة.

وأكد عدد من المحامين أن صلة وزارة العدل والشئون الإسلامية انقطعت بهذا الموضوع بعد أن أصبحت القضية منتهية قضائيا لإصدار محكمة التمييز آخر الأحكام فيها، مشددين أن عفوا ملكيا يصدره الملك المعظم هو الوحيد الكفيل بإخراجه من السجن وعودته إلى أهله

العدد -2 - الإثنين 19 أغسطس 2002م الموافق 10 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً