صدر مرسوم ملكي جديد، قسّم البحرين إلى خمس مناطق انتخابية مختلفة في عدد دوائرها: تسع دوائر/ نواب لكل من المحافظة الوسطى والشمالية، ثمان دوائر/ نواب لكل من محافظة العاصمة والمحرق، أما المحافظة الجنوبية فقسمت إلى ست دوائر/ نواب.
المصادر الرسمية وشبه الرسمية اعتبرته نقلة إيجابية كونه يراعي مصالح المواطنين بمختلف انتماءاتهم. لكن هذه المصادر - بما فيها اللجنة التنفيذية للانتخابات - لم توضح الأسس العلمية التي بُني عليها تخصيص المقاعد وتوزيعها، والسبب الذي اعتمد عليه هذا الاختلاف في عدد الدوائر بين المناطق الانتخابية، لماذا لم يكن أقل، أو لماذا لم يكن أكثر.
أما القوى السياسية، فاتسمت ردود فعلها - في الغالب - بالتقليدية. فالذين اعتادوا تأييد الحكومة، أيدوها هذه المرة أيضا بنفس الحماس والإطلاقية في الحكم، والذين اعتادوا معارضتها، عارضوها بحماس لا يقل عن معارضتهم للتعديلات الدستورية الصادرة في 14 فبراير/ شباط 2002.
وفي الحالين، لم يبين الكثير من المتحدثين لماذا أيدوا ولماذا عارضوا، وإلى أي حد تنتسب تصريحاتهم إلى العلم، لا إلى السياسة.
في المقابل، يكاد يجمع المراقبون على أن تقسيم الدوائر لانتخابات مجلس النواب، جاء أفضل من التقسيم الذي اعتمد لانتخابات المجالس البلدية الخمسة في مايو/ أيار الماضي. حيث تم حينها تقسيم البحرين إلى خمس مناطق/ محافظات، لكل محافظة عدد متساو من الممثلين، ونظرت إليه الكثير من القوى السياسية على أنه غير عادل ولا متوازن.
في حين تقدَّم التوزيع الحالي خطوة إلى الأمام، لكنه - بحسب مراقبين مستقلين - مازال بعيدا عن المعايير العلمية التي يستند إليها عند تقسيم الدوائر الانتخابية، والتي تنطلق أساسا من كون النائب ممثلا لكل المواطنين، وليس قاطني دائرته فقط، وبالتالي لا بد من أن توزع السيادة الشعبية التي يمتلكها الشعب على النواب بالتساوي، فلا يجوز أن يُنتخب نائب من قبل 100 ناخب، وأن يُنتخب آخر من طرف 1000 ناخب. لأن ذلك فيه إخلال بمبدأ «التفويض التشريعي».
وتفيد مصادر عليمة أنه «يؤخذ بالاعتبار العوامل الاجتماعية والجغرافية في رسم حدود الدوائر الانتخابية، ولكن بما لا يخل بالمعيار الأساسي (الثقل السكاني) إلا في حدود 10 في المئة».
وتضيف هذه المصادر ان «المعادلة المتبعة في الولايات المتحدة لتوزيع المقاعد هي: قسمة عدد السكان على عدد المقاعد النيابية. وحين تطبق هذه المعادلة في البحرين، فإن كل 16 ألف ناخب يصوتون لنائب واحد، على اعتبار أن سكان البحرين في حدود 650 ألف شخص».
وبالعودة إلى تقرير «جمعية البحرين للشفافية» عن الانتخابات البلدية، الذي يوضح الكتلة الانتخابية «المواطنون الذين يحق لهم التصويت» في كل منطقة/ محافظة، وبقسمة الكتلة الانتخابية على عدد الدوائر/ النواب، يتضح أن الفارق كبير جدا بين عدد الناخبين في كل منطقة «بحسب الجدول المنشور هنا» الأمر الذي يطرح سؤالا كبيرا عن مدى سلامة التوزيع الوارد في المرسوم الصادر قبل عدة أيام.
إذ في حين ينتخب حوالي 8000 مواطن نائبا عن المنطقة الوسطى والشمالية، فإن عدد المواطنين الذين ينتخبون نائبا في المنطقة الجنوبية لا يتعدى عددهم 2000 ناخب، مما يخل بالتفويض التشريعي الذي يقوم على أساس أن السيادة الشعبية يمتلكها كل مواطن، ويجب أن تمنح للنواب بالتساوي.
أحد المحامين يعلق على التوزيع الجديد بقوله: «إن توزيع الدوائر الانتخابية بما لا يتناسب والكثافة السكانية للناخبين يعد تشطيرا لتلك الدوائر وتفتيتا للأصوات». من هنا يقترح البعض توزيعا آخر يأخذ بالاعتبار التوزيع السكاني للمواطنين، ويمنح لكل من محافظتي الوسطى والشمالية 12 نائبا، وللعاصمة والمحرق سبعة نواب، وللجنوبية نائبين فقط. ويلاحظ، من خلال الإحصاء، أن التوزيع المقترح يجعل كل 6000 مواطن ينتخبون نائبا واحدا، الأمر الذي يحقق مبدأ «التفويض التشريعي»
العدد -3 - السبت 24 أغسطس 2002م الموافق 15 جمادى الآخرة 1423هـ