صرح حزب العدالة والتنمية الاسلامي السبت انه في صدد تحقيق فوز انتخابي غير مسبوق، ليكون احدث حزب اسلامي يحقق مكاسب ضخمة على خلفية احتجاجات "الربيع العربي".
فبعد شهر من فوز حزب النهضة الاسلامي في اول انتخابات تجري بعد الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي في تونس، وقبل ايام من بدء الانتخابات التشريعية في مصر والتي يتوقع ان يتصدر الاسلاميون نتائجها، توقع الاسلاميون في المغرب تحقيق اختراق مماثل دون إراقة دماء، ما اكدته النتائج الاولية للحكومة.
ومع توقع صدور النتائج الرسمية للانتخابات المغربية الاحد، صرح حزب العدالة والتنمية الذي يصنف حزبا اسلاميا معتدلا يقبل بالملكية -- ان الارقام المتوافرة لديه تظهر فوزه بأكثر من مئة مقعد في مجلس النواب الجديد المكون من 395 مقعدا.
وقال زعيم الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية لحسن داودي "فزنا حتى على مستوى القرى الصغيرة التي لا نتواجد فيها تقليديا"، مضيفا ان ذلك "نصر كبير".
واضاف مصطفى الخلفي رئيس تحرير صحيفة التجديد الناطقة باسم الحزب "فزنا حتى الان بثمانين مقعدا ويمكنني القول اننا سنحصل بسهولة على اكثر من مئة مقعد. انها نقطة تحول تاريخية".
واكدت نتائج اولية صادرة عن الانتخابات حصول الحزب على 80 مقعدا.
واعلن وزير الداخلية الطيب شرقاوي في مؤتمر صحافي ان الحزب حصل على 80 مقعدا، وهو اكبر عدد من المقاعد التي يحصل عليها اي حزب في الانتخابات التي جرت الجمعة، بحسب نتائج اولية.
وفي الوقت الذي تداعت فيه انظمة الحكام الذين ظلوا يحكمون بلدانهم لامد طويل في تونس ومصر وليبيا، شهد المغرب حركة احتجاج مطالبة بالاصلاح في وقت سابق من العام.
غير ان العاهل المغربي الملك محمد السادس اوقف مد "الربيع العربي" بتنفيذ اصلاحات تحد من سلطاته شبه المطلقة.
ووفق الدستور الجديد الذي اقر في استفتاء في تموز/يوليو، يتعين على الملك الان اختيار رئيس الوزراء من الحزب الذي يحوز على اكبر عدد من مقاعد البرلمان، بدلا من تسمية من يشاء لرئاسة الوزراء.
واقترح الملك دستورا جديدا في التاسع من اذار/مارس بعد 17 يوما فحسب من خروج الالاف الى الشوارع في انحاء مختلفة من المغرب مطالبين بتخليه عن بعض سلطاته في اكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ عقود ضد المؤسسات.
واقر عبد الاله بن كيران الامين العام لحزب العدالة والتنمية السبت انه سيتعين على حزبه وضع برنامج يرضى به شركاء يقبلون الائتلاف معه فضلا عن المجتمع الدولي حيث تعتمد البلاد بشكل كثيف على اموال السياحة والاستثمار التي ترد من الخارج.
وقال في حديث لقناة فرانس 24 التلفزيونية ان حزبه "منفتح على الجميع" في ما يتعلق بتشكيل تحالفات، مضيفا انه مستعد لتشكيل ائتلاف حكومي للدفاع عن "الديموقراطية" و"الحكم الرشيد".
واضاف "نحن ملزمون باعادة النظر في البرنامج لنتفق على برنامج مشترك، لكن الامر الاساسي في برنامجنا وبرنامج من سيحكمون معنا يقوم على محورين هما الديموقراطية والحكم الرشيد".
وتابع "ما يمكنني ان اعد به المغربيين اليوم هو اني سأحاول انا والفريق الذي سيعمل معي، ان نكون اكثر جدية وعقلانية"، واعدا بأنه "من الان فصاعدا سيشعر المغربيين ان الدولة في خدمتهم وليس العكس.. وهذا امر مهم جدا بالنسبة إلينا".
واكد بن كيران ان "المغربيين يحرصون على نظامهم الملكي لكنهم يريدونه ان يتطور معهم".
واضاف "لقد اصبح لدينا دستور جديد يعطي صلاحيات اكبر للحكومة ورئيسها، الان يتعين العمل مباشرة مع جلالة" الملك.
يذكر ان الحزب زاد تدريجيا من نصيبه الانتخابي في المغرب الذي ينظر اليه باعتباره احد اكثر البلدان استقرار في المنطقة.
فبعد فوزه بثمانية مقاعد في العام 1997، تصاعدت شعبيته حيث حصل على 42 مقعدا في انتخابات 2002، وهي اول انتخابات تجرى بعد تولي الملك محمد السادس الحكم.
ثم زاد الحزب من نصيبه في 2007 حين جرت الانتخابات السابقة حيث حل ثانيا مع 47 مقعدا.
وفي البداية ركز الحزب على قضايا اجتماعية مثل معارضته للمهرجانات الموسيقية الصيفية وبيع المشروبات الكحولية، وتحول بعد ذلك الى قضايا تروق لشريحة واسعة من الناخبين مثل الحملة على الفساد والبطالة المرتفعة في البلاد.
وخلال الحملة الحالية وعد الحزب بخفض الفقر الى النصف وزيادة الحد الادنى للدخل بنسبة 50 بالمائة.
والاحزاب المنافسة الرئيسية للحزب الاسلامي في الانتخابات هي حزب الاستقلال (حزب رئيس الوزراء الحالي عباس الفاسي) الذي يصنف كيمين وسط، والائتلاف من اجل الديموقراطية وهو كتلة من ثمانية احزاب مؤيدة للملكية تشمل حزبين من الاحزاب الخمسة الحاكمة.
ومساء السبت، اعلن بن كيران بعد تقدم حزبه في الانتخابات التشريعية الاخيرة، انه عازم على "تعزيز" العلاقات مع الدول الغربية التي دعاها الى عدم التخوف من توجهات الحزب الذي يتزعمه.
وردا على سؤال حول المخاوف المحتملة لدى دول الغرب من تقدم حزبه اجاب بن كيران "لا داعي للمخاوف، ومع حزب العدالة والتنمية لا مجال ابدا للمفاجآت. سنعزز العلاقات مع الغرب".
وتابع "نحن لسنا بحاجة لطمأنة الغرب فهو مطمئن اصلا. ولا مخاوف".
من جهة اخرى، اشادت فرنسا السبت ب"حسن سير اول انتخابات تشريعية في المغرب منذ تعديل الدستور" في تموز/يوليو الماضي، وجددت التعبير عن دعمها للمملكة "البلد الصديق" دون التعليق على الاختراق الذي حققه الاسلاميون.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان ان "فرنسا تشيد بالعملية الطموحة للاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي بداها الملك محمد السادس، وهي تقف بشكل طبيعي الى جانب المغرب البلد الصديق والحليف الوفي، لمواكبته في اصلاحاته، وتعرب عن الامل في ان يواكب تشكيل الحكومة الجديدة في اطار الدستور الجديد، تقدم جديد ونجاحات جديدة".
ورحبت الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا السبت بتنظيم المغرب "انتخابات حرة وعادلة"، مشيرة في الوقت نفسه الى التقدم الذي ينبغي احرازه ومبدية قلقها من "بعض المخالفات".
وكان مراقبون اوروبيون اعلنوا السبت ان الانتخابات التشريعية في المغرب جرت في ظروف مشجعة، لكنهم طلبوا من السلطات اجراء تحقيق حول بعض حالات "الضغوط" التي تم تسجيلها.
واعلن المراقبون امام الصحافيين انهم تبلغوا بحصول "ضغوط على اشخاص دعوا الى مقاطعة التصويت" وخصوصا حركة 20 فبراير التي تطالب منذ اشهر باصلاحات سياسية.
وقال المراقبون الخمسة عشر الذين ارسلتهم الجمعية البرلمانية في مجلس اوروبا "نطلب من السلطات المغربية توضيح هذه المزاعم وابلاغ الراي العام بنتائج ذلك".
وبلغت نسبة المشاركة 45% حسب التقديرات الاولية التي اعلنها وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي، بارتفاع عن نسبة ال37% التي سجلت في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2007، وان كانت اقل من نسبة 51,6% التي سجلت في 2002.
وشارك اكثر من 30 حزبا تمثلت ب7100 مرشح في هذه الانتخابات لشغل 395 مقعدا، خصص منها 60 مقعدا للنساء و30 للمرشحين دون الاربعين من العمر.