العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ

رومانتيكية زين الدين في «أقواس قزح»

مجموعة الشاعر اللبناني سلمان زين الدين «أقواس قزح» تحفل بمشاعر وأجواء ممتعة وتحملنا إلى عالم رومانتيكي؛ فضلاً عن أنها تذكرنا بأصوات أخرى سابقة. الشاعر في معظم ما جاء في المجموعة ينقلنا إلى مشاعر سيالة وعاطفية وإلى موسيقى تملأ أجواء كثير من أبياته؛ لكنه في بعض الأحيان يجعلنا نشعر باستبداد قافية ما تجر وراءها ما ينسجم معها دون أن يكون وجوده مما ينسجم مع عالم التجربة الشعورية التي تكون القصيدة تتسمم بها.

المجموعة التي صدرت عن «دار نلسن - السويد - لبنان» جاءت في 127 صفحة متوسطة القطع مع لوحة غلاف ورسوم داخلية للفنان التشكيلي اللبناني أمين الباشا.

أهدى الشاعر مجموعته «إلى الشباب العربي الذي أثبت أن الخريف ليس قدراً وأن الربيع ليس مستحيلا». وفي ما يشبه تقديم المجموعة تحت عنوان «أعراس» قال الشاعر: «هذي القصائد/ أعراس من الفرح/ فاغسل عيونك/ في أقواسها القزح/ وإن تعبت/ من الإسراء منفرداً/ عرِّج على هذه الأعراس/ واسترح».

ثم ننتقل إلى عالم رومانسي لا من حيث الإشارة التاريخية فحسب بل من حيث المحتوى المليء بما كان وبعالم آفل ولم يعد هنا. عنوان القصيدة هو «الفردوس المفقود» المأخوذ من عنوان ملحمة الشاعر الإنجليزي جون ميلتون عن سقوط الإنسان. القصيدة تتناول الزمن المفقود وعالم الطفولة الرائع. يقول الشاعر: «ذات يوم كنت طفلاً/ انثر الفجر على هام الزمان/ أطلق الأحلام من فوق سطوح القلب/ أقواس قزح/ أقطف الأنجم من دالية الروح/ عناقيد فرح/ ويغني في دمي نبض المكان..».

وعلى طريقة الرومانسيين في العودة إلى الطبيعة التي يحل فيها الحب بل الله يعود الشاعر إليها من خلال العودة إلى عالم الطفولة كما رأينا. ويمضي مع شيء من الخلل الموسيقي في السطر الأخير فيقول: «كانت الأرض فراشة/ تتهاوى في حقول الروح أسراب يمام/ والسموات حمامات سلام/ تنقد الحب على بيدر كفي/ فيخضل الغمام».

في قصيدة «الذكريات» يحمل إلينا سلمان زين الدين عالم شاعر رومانسي آخر هو إيليا إبي ماضي وخاصة في قصيدة «وطن النجوم». يقول: «من زمان/ كان ذاك الطفل يمضي/ هاشلاً بين الصخور/ يقرأ الوعر/ ويبقي من مداد القلب ما بين السطور/ يتهجّى الزعتر البري والزوفي وإكليل الجبل».

ويقع في شيء من التقريرية النثرية؛ اذ يتابع القول: «يكتب الأعشاب في كرّاسة الروح/ كما تطبع أم فوق خدي طفلها الأوحد/ آلاف القبل». ويقول: «كان ذاك الطفل مفتوناً بأشياء الحقول/ يرصد الينبوع في يقظته من نومه/ حتى إذا راح يغني جدولاً ملء الينابيع/ وينساب كأفعى/ راح ذاك الطفل يسعى».

ونعود إلى عالم أبي ماضي عن «ذلك الولد الذي دنياه كانت هاهنا» والذي كان «المقتنى المملوك ملعبه وغير المقتنى» إلى قوله عنه: «ولكم تشيطن كي يقول الناس عنه تشيطنا» فنقرأ مع سلمان زين الدين «كان ذاك الطفل شيطاناً صغيراً/ الحواكير مجال حيوي للغوايات الكثيرة/ يمتطيها كل حين/ ليله فيها امتداد لنهاره/ والأفانين أراجيح له/ والثمر العالي قطوف لحجاره».

ويخلص إلى القول متحدثاً عن فعل الزمن في الإنسان وبشيء من التقريرية النثرية أيضاً «من زمان/ كان ذاك الطفل يلهو في فراديس الطفولة/ وهو اليوم على قارعة العمر وحيد/ خارج الفردوس تغشاه الكهولة/ نزل الشيب الرمادي بفوديه/ خبا جمرهما الغض وأعيته الوسيلة. «كبر الطفل وأغوته الحياة/ قضم التفاحة المرة حتى/ لم يعد يملك من فردوسه المفقود/ غير الذكريات».

في قصيدة «هاتف» يتحدث عن الهاتف الصامت وعن انتظار رنينه وصوت من يهمنا أمرهم. يقول «مذ عراك الصمت/ وانتابتك أعراض البرودة/ نام جمري/ وخبا صوتي/ وخانتني القصيدة. «أيها الهاتف/ لم تمعن في إطلاق صمتك/ أين ذاك الدفء يسري في كياني/ كلما أشعلت صوتك/ ناشراً عطر حبيب /أو تلاوين صديق/ أو بشارة».

في قصيدة «صوت» تركيز على الوقع الموسيقي إذ يقول «هاتفيني/ يا ملاكي/ هاتفيني/ يهطل الثلج على جمر جنوني/ صوتك الدافيء كم يثلج صدري/ حين ينثال/ وكم يوري حنيني/ لزمان / لم يزل يفتن قلبي/ ومكان/ لم يزل يدهش عيني».

في «أغنية» يعيد إلى الذاكرة أغنية شعبية تغنيها الأم لطفلها وتعده بذبح طائر الحمام له إذا نام ثم تطمئن أم الحمام بألا تخاف لأنها تكذب على الطفل لينام. أغنية شعبية قديمة غنتها فيروز للرحبانيين بعنوان «يلا تنام ريما».

يقول سلمان زين الدين: «كان طفلاً/ عندما راحت تغني لينام/ وعدته/ حين يغشاه ملاك النوم/ أن تذبح أسراب الحمام/ فغفا الطفل ونام».

لكن كيف ينسجم نوم الأطفال مع التهديد بالذبح. إنهم لن يناموا فعلاً. سمعت الأم الشيطان يغوي الطفل. «سمعته الأم يغويه/ فقالت:/ لا تصدق يا حمام/ إن وعدي خلب/ ليس يدانيه غمام/ سمع الطفل ونام»

العدد 3372 - الأربعاء 30 نوفمبر 2011م الموافق 05 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً