قامت الحكومة المصرية بعملية إغلاق وسائل الاتصالات في وقت باكر من (25 يناير/ كانون الثاني ) عبر حجب موقع تويتر وخطوط الهواتف الجوالة المرتبطة بالذين جرى تحديدهم بأنهم محتجون ضد النظام. ومع استمرار العملية التي دامت خمسة أيام، فقد تقريباً جميع المصريين إمكانية الوصول إلى موقع «فيسبوك»، و «بلاك بيري»، وخدمات الرسائل النصية القصيرة، وكلف هذا الإغلاق المؤقت البلاد خسارة نشاطات اقتصادية تقدر بنحو 90 مليون دولار.
كانت هذه ردة فعل النظام تجاه قدرة المعارضين السياسيين على التنظيم، والتواصل وتبادل المعلومات من خلال تكنولوجيا وسائل الإعلام الاجتماعية والهواتف الجوالة.
أما ردة فعل الحكومة السورية فقد كانت مختلفة تماماً في مواجهة المحتجين ضدها – وذلك بصورة رئيسية من خلال إنهاء حظرها الطويل على «تويتر» و «فيسبوك» وغيرهما من أدوات وسائل الإعلام الاجتماعية. قال مسئول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم ذكر اسمه، إنها نتيجة عملها هذا أصبحت في وضع أفضل لتعقب ما يقوله الناس ويفعلونه، بحيث تستطيع «ملاحقتهم خارج الإنترنت لأنشطتهم عبر الإنترنت».
درس المسئول الذي لم يرغب في ذكر اسمه الطرق المختلفة التي تتبعها الحكومات إما لحظر الاتصالات على شعبها أو لمحاولة استخدامها ضدهم. تتمثل مهمته في العثور على طرق لوصل مستخدمي الإنترنت والهواتف الجوالة في العالم من خلال أدوات ومعلومات يمكنهم استخدامها للالتفاف على العوائق، ولإطلاعهم على المخاطر التي يواجهونها بينما يتصلون عبر الإنترنت وعلى الطرق التي يمكنهم من خلالها الاتصال بصورة أكثر أماناً في حال كانوا يعيشون في ظل حكومات تفضل لهم أن يبقوا صامتين.
وأوضح المسئول أن هذا الأمر لا يتعلق بمحاولة تغيير الأنظمة. بل يتعلق بكيفية دفاع كل فرد عن حقه الأساسي في حرية الكلام، والتجمع، والاحتجاج، وإنشاء الجمعيات. ولا يتعلق الأمر فقط بالمدونين المناهضين للنظام أو بالمعارضين عبر الفضاء الإلكتروني ممن قد يحتاجون إلى المساعدة. فبغض النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، يتعرض حالياً الكثيرون من مستخدمي الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر للأخطار ولكنهم قد لا يدركون ذلك.
وأشار المسئول إلى أن الاحتجاجات الأخيرة التي جرت عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت «أناساً لم يكونوا يعتبرون أنفسهم بالضرورة نشطاء قبل أن يشاركوا فعلاً في هذه الأشكال من الحركات»، وهم يتعرضون للخطر عندما يحاولون الحصول على معلومات من الخارج أو نشر تجاربهم، وصورهم، وأفلام الفيديو على الإنترنت.
وأكد المسئول أن العديد من هذه الأخطار لا مبرر لها لأنهم ببساطة لا يملكون المعلومات التي يمكنهم استخدامها لحماية أنفسهم. وتابع أن «هؤلاء هم بالفعل الذين يحتاجون للمساعدة. إنهم جميع الناس. إنهم المجتمع بكامله في أماكن عديدة، أناس يحاولون مجرد إبلاغ قصصهم وسماع قصص الآخرين».
واعتبر المسئول أن «في حال نهض إنسان من فراشه في الصباح، وأراد مجرد الوصول إلى مدونة، فقد لا يشكل هذا نشاطاً يلحق به مخاطر عالية. ولكن إذا أراد أن يخطط لتنظيم احتجاج أو الانخراط في أشياء معينة، فقد لا تكون بعض الأدوات التي يستخدمها الآن ملائمة للقيام بذلك العمل». يتولى مكتب برامج حرية الإنترنت في وزارة الخارجية الأميركية مهمة العمل مع العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية من أجل تزويد مثل هؤلاء بالمعلومات التي تمكنهم من اتخاذ قرارات أكثر فطنة وذكاء.
أين يمكن الحصول على المساعدة
هناك الكثير من هذه المعلومات المتوافرة بالفعل الآن على الإنترنت. وهناك العديد من المواقع، وأفلام الفيديو على يوتيوب، والإرشادات والمواد الأخرى التي تقدم النصائح، والمعلومات عن أفضل الممارسات والتعليمات بشأن استخدام أجهزة إخفاء الهوية، وأجهزة الكمبيوتر الوسيطة، وبرامج الالتفاف على الحظر، وأدوات أخرى تجعل من الأصعب على الحكومات تعقب نشاطات مستخدم الإنترنت.
فعلى سبيل المثال، يمكنك زيارة موقع www.howtobypassinternetcensorship.org أو تحميل «دليل المدونين والمعارضين على الفضاء الإلكتروني» (PDF3.46MB)، الذي أعدته منظمة مراسلين بلا حدود. كما تقدم المنظمة غير الحكومية، تجمع التكنولوجيا التكتيكية، عروض فيديو، ومجموعات من الأدوات وغير ذلك من المعلومات الممكن إنزالها من الإنترنت لتركيبها من أجل المساعدة في حماية البيانات وهوية المستخدم.
كما تقدم أيضاً وزارة الخارجية الأميركية التمويل لمنظمات غير حكومية لمساعدتها في تقديم برامج تدريب داخل البلدان أو من أجل تطوير أدوات جديدة. وأصبحت البرامج الجارية للمجتمع المدني ونظام الحكم، كالتدريب على الصحافة، تشهد إضافات جديدة إلى المناهج الدراسية. لا يتعلم الصحافيون والنشطاء الطموحون مجرد كيفية استخدام شبكة الإنترنت بصورة أكثر فعالية وحسب، إنما يتعلمون أيضاً كيفية القيام بذلك بطريقة أكثر أماناً.
وأشار المسئول السابق ذكره إلى أن «هناك محاولة لتضمين ذلك، قدر الإمكان، في الاتجاه السائد من خلال جميع البرامج التي تمولها وزارة الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ليست هناك أية تدريبات أو تكنولوجيات مأمونة الاستعمال بالكامل، لأن العديد من الحكومات تعمل باستمرار للتغلب على أحدث الأدوات التي يمكن لمواطنيها الحصول عليها». وتابع المسئول أيضاً أن «جهود بعض الحكومات لفرض مدونة لقواعد السلوك على الإنترنت يشكل إشارة غير مشجعة أخرى إلى أن بعض الحكومات تسعى لتحقيق المزيد من السيطرة على ما يمكن فعله على الإنترنت بطريقة تسير ضد قدرة الناس في ممارسة حقوقهم».
وحثّ الناس على الدفاع علناً عن حقهم في «الاتصال بالناس وبالمعلومات التي يرغبون الاتصال بها»، تماماً كما يدافعون عن حقوقهم في حرية التعبير والتجمع خارج الإنترنت.
وأنهى المسئول كلامه بأن مثل هذه القيود غير مقبولة، «لأن ذلك سيكون له تأثير في نهاية المطاف أكبر بكثير مما تستطيع أن تولده التكنولوجيا على الإطلاق»
العدد 3381 - الجمعة 09 ديسمبر 2011م الموافق 14 محرم 1433هـ