العدد 3389 - السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ

نادر سراج في مؤلف ضخم عن لغة الشباب

يقول الباحث الاكاديمي نادر سراج في كتابه الجديد «الشباب ولغة العصر ... دراسة لسانية اجتماعية» إن هناك في هذا المجال إشكالية يجب الاعتراف بها. وفي خلاصة أخيرة قال سراج: «ما نخلص إليه في هذه الدراسة هو أن ثمة إشكالية حقيقية ذات مظهر سلوكي لغوي علينا أن نعترف بوجودها وأن تدخل في وعي الجمهور ناشئة وآباء ومربين وأساتذة ولغويين بحكم أنها باتت تدخل حيز الممارسة الفعلية لدى أبنائنا».

وأضاف يقول: «فناشئتنا ينزعون بشكل مطرد إلى أن يشاكلوا الغرب بثقافته ويتشبهوا بأبنائه أفراداً وجماعات في السلوك والمظاهر والممارسات لذا نراهم يعبرون عن أنفسهم ويكتبون بالانجليزية وبحدود أقل بالفرنسية ولا يكتبون العربية إلا نادراً وبصعوبة. «والملاحظ هنا أن الانجليزية كلغة حية تعبر أكثر فأكثر من العام إلى الخاص في سيرورات حياتهم. فهي لا تدخل في سلوكيات فئة من شبابنا بوصفها لغة الدراسة والاطلاع والثقافة العالمية والترقي الاجتماعي فحسب بل هي اللغة المنشودة التي يلجأون إليها لكتابة رسائلهم ويومياتهم ولقرض الشعر وصوغ مشاعرهم الخاصة ورقياً أو إلكترونياً... وما نراه اليوم هو نموذج عن الانزياح القيمي في المشهد اللغوي العربي لصالح اللغات الأجنبية». والملاحظ كما يقول، أن المقترضات الدخيلة «تؤخذ عادة من قبل مستخدمي العربية على تنوع بيئاتهم بمعانيها وتسمياتها وبلغاتها الاصيلة أو بصيغ مترجمة أو باخرى معربة تعدل تراكيبها وفق الأمزجة الشبابية وبحسب سياقات الاستخدام المستجدة... ولكنها لا تؤخذ في أغلب الأحيان بمعانيها القاموسية بل بأخرى تواطأ عليها الشباب وباتت تتوافق مع طبيعة استخداماتها الجديدة في قاموسهم الخاص بالألفاظ الذي يسترسلون في تكوينه واستخدامه حتى يمسي أشبه ما يكون «بلغة» خاصة بهم». «وهذه الظاهرة ليست حكراً على البيئات الشبابية اللبنانية بل هي تنسحب على بيئات عربية أخرى وما من متلق - متوسط - سيدرك بلا عائق تواصلي المحمول الدلالي لجملة يطلقها شباب قاهريون عن زميل لهم بالقول: «كان في الباي باي» أي أنه لا يفهم أي شيء».

وقال سراج إن هذه الظاهرة «لا ننظر إليها من جانب سلبي محض. فهي واحدة من نتائج ومفاعيل العولمة التي تتمدد معالمها وذيولها على كل الصعد وهي تحمل في إحدى وجوهها آثار التلاقح الحضاري ونتائج التماس اليومي للناطقين بلغة الضاد مع مختلف اللغات الحية».

وتحدث عن طريقة عمله وجمعه للمواد من مصادر مختلفة وغزيرة فقال: «وكما أظهرت المعطيات المجموعة من المسموعات أو المقروءات أو الاستشهادات الموثقة من وسائل الإعلام (...) فهم يدمغون هذا المشهد اللغوي الدينامي بطابعهم الشبابي المتميز». «لذا نراهم يلجأون باطراد إلى اعتماد مبدأ الاقتراض اليومي نسجاً على منوال من سبقهم أو انتهاجاً لطرق صوغ جديدة تتماشى مع أمزجتهم وطرق تفكيرهم واهتماماتهم فيبتدعون المقترضات ألفاظاً مفردة أو مركبات أو مختصرات ويتناقلون مختلف صيغها المتناسلة عبر وسائل الإعلام الجديد أو سلاح المستضعفين - كما أطلقت عليه فضائية عربية ونعني بذلك الـ sms او facebook او chatting او twitter ورسائل الخلوي والرسائل المتلفزة أو شريط الرسائل المتحرك ويفاخرون بنسبتها إليهم باعتبارها ماركتهم الشبابية المسجلة». «ولا ننسى... الإشارة أيضاً إلى شيوع ظاهرة المختصرات التي باتت المفضلة في العناوين الصحافية الفرعية أو «الترويسات» وتحديداً في ما يتصل بالموضوعات الاقتصادية والمالية والجامعية والتربوية والسياسية أخيراً (س. س.) في إشارة إلى سورية والسعودية في ما يتعلق بشئون لبنان بينهما».

«وآخر هذه المقترضات واحد شائع جداً في صفوف خريجي الجامعات الطامحين إلى التوظيف وهو الـ c.v... وهو للمناسبة يجمع بصيغة عربية «سيفيات».» وقال: «فعسى أن نقر بوجود هذا التمايز التعبيري ونقرأ بعناية المسار التطوري لهذه الظاهرة اللغوية الاجتماعية ونعي ظروف انتشارها ونرصد كيفيات تشكل ألفاظها وتراكيبها ونتبين مفاعيلها التي تمددت حتى تعددت توصيفاتها: «العربيزية» والعربيسية والعربيزي والأرابيش». وأضاف «وكما يتبين لنا من وفرة المقتطفات الصحافية التي عدنا إليها (نحو 1500)... فالصحافة العربية ما غابت عن متابعة هذه المسألة لغوية المظهر وسلوكية المضمون وتربوية البعد... وللحقيقة فقد كان للصحف دور أساسي في تسليط الضوء على نشوء ظواهر مواكبة للتفاعل الحادث بين إفرازات العولمة وطغيان الموجات الاستهلاكية مثل ثقافة «الفاست فود» و»ثقافة الديجيتال».»

وقد جاء الكتاب الغني بمحتوياته في 405 صفحات كبيرة القطع وبلوحة غلاف للفنان التشكيلي شارل خوري وصدر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» في بيروت

العدد 3389 - السبت 17 ديسمبر 2011م الموافق 22 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً