العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ

تحديات كبيرة أمام الدبلوماسيون الأميركيون في بغداد

بعد رحيل قوات بلادهم

مع انسحاب آخر الجنود الأميركيين من العراق تضطلع وزارة الخارجية الأميركية بعملية معقدة ومحفوفة بالمخاطر قد يحدد نجاحها أو فشلها ما إذا كانت مشاركة الولايات المتحدة المكلفة التي استمرت تسع سنوات في البلاد ستؤتي ثمارها في نهاية المطاف.

وسيسعى الدبلوماسيون الأميركيون الذين يحميهم آلاف المتعاقدين الأمنيين لمراقبة التطور السياسي العراقي وسيمضون قدماً في برامج مساعدات مدنية تهدف إلى إظهار مزايا الصداقة مع الولايات المتحدة. هدفهم هو ضمان التحالف مع ديمقراطية ناشئة مجاورة لإيران وواحدة من أهم الدول المنتجة للنفط زادت أهميتها الاستراتيجية لواشنطن بشدة وسط اضطرابات سياسية تجتاح منطقة الشرق الأوسط. لكن محللين يقولون إنه دون حماية الجيش الأميركي فإنهم قد يجدون أنفسهم محاصرين في خنادق دبلوماسية حصينة بينما يكافح موظفون في الولايات المتحدة لإعداد الترتيبات اللوجستية المتعلقة بتنظيم وتأمين واحدة من أكبر المهام الدبلوماسية التي تضطلع بها بلادهم على الإطلاق.

وقال باتريك كنيدي الذي يشرف على ملف الانتقال الضخم بوصفه وكيل وزارة الخارجية لشئون الإدارة «من الواضح أن هذا أمر لم تقم به وزارة الخارجية من قبل قط». وأضاف «لدينا أشخاص ممتازون في وزارة الخارجية من ناحية مهارات الإدارة والمشتروات واللوجيستيات والاتصالات والمهارات الطبية». لكن محللين عراقيين ليسوا على الدرجة نفسها من الثقة إذ يشيرون إلى انفجار قنبلة مؤخراً داخل المنطقة الخضراء الخاضعة لحراسة مشددة ببغداد كمؤشر على المخاطر التي تنتظر القوة المدنية الأميركية المكلفة بتحقيق السلام بعد الصراع المكلف الذي استمر طويلاً في العراق.

وقال الخبير الأمني بمركز التقدم الأميركي، برايان كاتوليس «أعتقد أن هناك الكثير من المخاوف الخطيرة جداً بشأن قدرة الوزارة على قيادة كل هذا نظراً للتخفيضات التي واجهتها على مدى سنوات ومدى الصعوبة التي واجهتها للعمل في المناطق شبه الحربية». وسعت الولايات المتحدة والعراق خلال فترة طويلة للتوصل إلى اتفاق كان سيبقى بموجبه آلاف الجنود الأميركيين بالبلاد للعمل كمدربين عسكريين لكن هذه المحادثات انهارت في أكتوبر/ تشرين الأول ما اضطر وزارة الخارجية إلى التحرك بمفردها. وسيتبقى عدد ضئيل من أفراد الجيش الأميركي في البلاد ليساعدوا السفارة في مبيعات الأسلحة وتدريب القوات العراقية. وقد تستأنف المحادثات العام المقبل بشأن ما إذا كان يمكن أن يعود المزيد من الجنود الأميركيين من أجل مهام تدريبية مستقبلاً.

من ناحية أخرى يقول مسئولون أميركيون إن 16 ألف شخص تقريباً سيشاركون في الجهود الدبلوماسية الأميركية بالعراق. سيكون هناك نحو ألفين من الدبلوماسيين والموظفين الاتحاديين. أما الأربعة عشر ألفاً المتبقون فسيكونون متعاقدين يضطلع نصفهم تقريباً بالأمن بينما يقوم الباقون بكل شيء من تشغيل المطابخ إلى ورش إصلاح السيارات. وستركز العملية على السفارة الأميركية ببغداد التي تشبه القلعة وتمثل البعثة الدبلوماسية الأميركية الأكبر والأعلى كلفة على مستوى العالم علاوة على قنصليات الولايات المتحدة في البصرة وأربيل وكركوك وجميعها محصنة لمقاومة هجمات المتشددين. وتم تقليص حجم البعثة الأميركية بالعراق بالفعل. وكان المسئولون يتصورون في البداية فتح المزيد من القنصليات وتوسعة نطاق العمليات الأخرى بموجب خطة قدرت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أن كلفتها ستصل إلى 30 مليار دولار على مدى خمس سنوات. وقال كنيدي إن عدد الموظفين العاملين في المجال الدبلوماسي سيكون نفس عددهم تقريباً في السفارات الأميركية الكبرى على مستوى العالم. وتبلغ موازنة هذه العملية نحو 3.8 مليارات دولار للعام المقبل ليصبح إجمالي الإنفاق الأميركي بالعراق بما في ذلك برامج الإعانات والمساعدات العسكرية نحو 6.2 مليارات دولار. ولا يمثل هذا المبلغ شيئاً يذكر إذا ما قورن بنحو 750 مليار دولار أنفقتها الولايات المتحدة على الحرب لكنه يوازي أكثر من ربع موازنة عمليات وزارة الخارجية الأميركية. وتواجه وزارة الخارجية الأميركية بالفعل تخفيضات لموازنتها فيما يسعى نواب جاهدين لتقليص العجز الهائل في موازنة الولايات المتحدة الاتحادية لهذا فإنه ليس واضحاً ما إذا كان الكونغرس سيواصل ضخ الأموال في هذا المشروع. وتثير العملية الأمنية الضخمة مخاوف جديدة منها إدارة العقود و»قواعد الاشتباك» لهيئة مدنية اعتادت التفاوض على المعاهدات وليس الهرولة للمعارك بالأسلحة النارية. ومنحت وزارة الخارجية عدة عقود أمنية مدتها خمس سنوات منها عقد قيمته 1.5 مليار دولار لشركة «تريبل كانوبي» لحماية الموظفين خلال تحركاتهم في أنحاء بغداد وعقد قيمته 974 مليون دولار لشركة (إس.إو.سي) لحماية المجمع نفسه. ومنحت عقود أخرى لمجموعة «جلوبال ستراتيجيز ودينكورب انترناشونال» لحماية القنصليات في البصرة وأربيل وكركوك. وقالت المسئولة السابقة بالخارجية الأميركية في العراق، ستيفاني سانوك وتعمل الآن بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «سيكون الأمن القضية الأبرز لوزارة الخارجية ومن الصعب جداً التخطيط له». من وجهة نظر عسكرية العراق شبه خال. وهذا يعني أن على الرغم من وجود المتعاقدين الأمنيين فإن تحركاتهم ستكون محدودة جداً». وبالنسبة للدبلوماسيين الأميركيين وغيرهم من المسئولين الاتحاديين الذين يعملون بالعراق فإن يوم العمل ينطوي على الأرجح على إجراء المكالمات الهاتفية من وراء حواجز خرسانية وتحت حراسة مشددة. وتشمل التهديدات المحتملة هجمات يشنها متشددون سنة ومليشيات شيعية علاوة على احتمال اندلاع صراع عرقي. وستزود المنشآت الدبلوماسية بأجهزة رادار لرصد قذائف المورتر والصواريخ التي تنطلق نحوها بينما يرجح أن تقيد التحركات النادرة على مستوى البلاد. ويقول المسئول الكبير بالبنتاغون سابقاً في عهد إدارتي كل من دونالد ريغان وجورج بوش الابن وتخصص في فحص التعاقدات الأميركية في العراق وأفغانستان «لن يستطيعوا التحرك كثيراً. هذا واضح». هم بالطبع في محيط قتالي. ماداموا ينكرون هذا فإن هذا يعني أن هناك الكثير من المشاكل التي يتهربون منها»

العدد 3390 - الأحد 18 ديسمبر 2011م الموافق 23 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً