كان 2011 عاماً حافلاً بالدراسات والأبحاث المبذولة من أجل فهم أعمق للغات التي تتواصل من خلالها الحيوانات بمختلف فصائلها وأنواعها، بحسب تقرير نشره موقع «ديسكفري نيوز».
وعلى رغم ذلك؛ مازال هناك سؤال ملح يطرح نفسه: هل نتمكن في المستقبل القريب من إجراء محادثة مفهومة مع أحد فصائل الحيوانات بحيث يفهم كل منا الآخر؟
صفير الدولفين
يحاول الباحث بقسم العلوم البيولوجية بجامعة «أرهوس» بيتر مادسن، الإجابة عن هذا السؤال من خلال دراساته التي يجريها مع فريق البحث لفهم طريقة التواصل اللغوي للدلافين. وقد اكتشف مادسن أن أصوات الصفير التي تطلقها الدلافين ليست عشوائية، إنما هى تعبر عن حديث يجرى بين الدلافين في عملية تشبه تبادل الأحاديث بين البشر.
ويشار إلى أن أحاديث الدلافين تقوم على مشاركة المعلومات بشأن هوية كل منهم للبقاء على اتصال دائم فيما بينهم.
وأوضح مادسن أن الدلافين تطلق الصفير عن طريق إحداث اهتزازت في أنسجة الفقرة الأنفية، مشيراً إلى أن الدلافين تعمل على تغيير تدفق الهواء وشد العضلات التي تتحكم في تلك الأنسجة من أجل إطلاق صفارات ذات ترددات مختلفة.
وأضاف مادسن: «إن الطريقة البيولوجية للتحكم في الأنسجة الأنفية لدى الدلافين لإطلاق الصفير، هىي ذاتها التي نستخدمها نحن البشر لإحداث الأصوات عن طريق التحكم في الحبال الصوتية.
وفى جهود موازية، ابتكر مهندس الصوتيات جون ستيوارت وجاك كاساوتس من منظمة Speak Dolphin، جهاز «كيما سكوب» الذي يكشف عن التفاصيل الصوتية لصفير الدولفين في خطوة هامة من أجل ترجمة دقيقة لما تعنيه تلك الأصوات.
وأشار كاساوتس إلى أن «كيما سكوب» اكتشف بالدليل الدامغ أن الدولفين يستخدم الأصوات أيضاً في عملية الإبصار، كما يستخدم البشر الموجات فوق الصوتية لرؤية الجنين في رحم الأم.
ذكاء الشمبانزي
ومن الأبحاث الواعدة أيضاً في 2011، تلك التي أجرتها الباحثة ليزا هويمبوار بمركز أبحاث اللغة بجامعة ولاية جورجيا، والتي أفضت إلى التعرف الى أنثى شمبانزي ذكية تسمى «بانزي»، وقد كشفت هويمبوار في الاجتماع رقم 162 لجمعية الصوتيات الأميركية بسان دييغو، أن «بانزي» تستطيع أن تفهم 130 كلمة إنجليزية، بالإضافة إلى فهمها لكلمات منطوقة بوسيلة اصطناعية وهي «لغة الموجة الجيبية»، ما يؤكد أن مقدرة «بانزي» على تحليل وإدراك الكلمات لا ترتبط بصوت أو عاطفة شخص معين.
وأوضحت هويمبوار أن التحليل السمعي للكلام يقوم على أساس موحد لدى جميع الثدييات، وهو ما يعني أن إدراك الكلام ليس حكراً على البشر وحدهم.
وأضافت أن الكثير من الحيوانات لديها قدرة فطرية على إدراك الكلام وفهمه، ولكن تلك القدرة تكون كامنة، مشيرة إلى أن مقدرة «بانزي» على فهم الكلام تعود إلى تواجدها في بيئة بشرية غنية بالكلمات والمفردات، بالإضافة إلى أن «بانزي» قد تعلمت الربط بين الكلمات ومعانيها منذ سن مبكرة، وهذه هي العوامل نفسها التى تسمح للإنسان أن يدرك ويفهم الكلام.
وتشير نتائج التجارب إلى أنه يمكن للشمبانزي إتقان لغة البشر بالتعليم والخبرة، للتواصل مع الإنسان عن شعورها وحاجتها.
هل نفهم لغة الكلاب؟
أما نباح الكلاب فإنه لا يترجم إلى كلمات وعبارات، لكنه يترجم على هيئة حالات شعورية كالغضب أو الوحدة أو الخطر، يتفوق في فهمها أطفال العاشرة على البالغين وفق دراسة «بيتر بونجراكز» من جامعة «إيوتفس لوراند» ببودابست.
ويقول الباحث المساعد في الدراسة كسابا مولنر: «إن إدراك المعنى الحسي وراء نباحات الكلاب هو سمة موجودة في جينات الإنسان ويمكنها أن تتحسن بالتدرب».
ويؤكد فريق البحث أن المقدرة على إدراك الإنسان للمعاني الحسية لنباح الكلاب على الأساس السمعي يبدأ من سن مبكرة.
وقد أخضع بونجراكز وفريقه، الأشخاص تحت التجربة من أطفال وبالغين لسماع صوت نباح الكلاب في حالات شعورية مختلفة، وقد نجح جميعهم في تمييز نباح حالة الغضب، إلا أن الأطفال في سن العاشرة هم من تمكنوا بنجاح من فهم معنى باقي أنواع النباح وما يرتبط بها من حالات شعورية.
وربما تساعد نتائج تلك التجربة في تدعيم نظرية «اللغة العالمية» التي تشير إلى أن لغات جميع الثدييات يمكن تفسيرها وترجمتها على أساس موحد يقوم على المعاني الحسية والشعورية، والتي يستطيع الإنسان فهمها وإدراك معناها، ومن المنتظر أن تركز الأبحاث في المستقبل على تصنيف الأصوات الشعورية الملفوظة من الحيوانات
العدد 3430 - الجمعة 27 يناير 2012م الموافق 04 ربيع الاول 1433هـ