الحلقة الرابعة والأخيرة من ندوة«الوسط» عن توزيع الدوائر الانتخابية النيابية تبحث سيناريوهات المعارضة لتغيير الدوائر الانتخابية ودور المحكمة الدستورية وموقفها من الطلبات التي يقدمها المواطنون بشأن هذا الموضوع وموقف أصحاب الرأي الآخر، كما ستتم مناقشة مسئولية مقاطعة الانتخابات الماضية بشأن هذا الملف وطرق تغيير الدوائر عالميا ومقترح المحافظة الغربية (السادسة) الذي قدمه النائب جاسم عبدالعال.
وفي الوقت الذي غاب خمسة مشاركين بأعذار مختلفة عن الندوة وهم كل من تيار الأصالة والمنبر الإسلامي والمستقلين والجهاز المركزي للمعلومات ودائرة الشئون القانونية، فقد شارك فيها كل من الباحثة في النظم والدوائر الانتخابية فريدة غلام وعضو شورى الوفاق جلال فيروز وأمين عام المؤتمر الدستوري عزيز أبل والنائب جاسم عبدالعال وممثل الكتلة الإسلامية محمد عباس آل عباس وكان الحوار الذي يختتم في هذه الحلقة.
أنصار الحكومة «ملكيون أكثر من الملك»
* ما هي السيناريوهات الممكنة لتغيير الدوائر الانتخابية في البحرين؟
- عزيز أبل: قانونياً ودستورياً يوجد إمكان في تغيير نصوص المرسوم بقانون رقم الخاص بممارسة الحقوق السياسية، وهناك سيناريو آخر يمكن للمعارضة أو النواب استخدامه وهو الطعن الدستوري في توزيع الدوائر الانتخابية إما من حيث الشكل أو المضمون، وربما لا تقبل المحكمة بالطعن في الشكل لأن تشكيلها تم بالطريقة نفسها وبالتالي فإنها لن تقبل الطعن في تشكيلها، لكن يمكن القبول بالطعن في المضمون.
والمشكلة تكمن في أحد النواب الإسلاميين السلفيين الذي تصدى لمناقشات المطالبة بالتغيير إذ كان يتبنى رأي الحكومة بشكل كامل وأن ما تقوله الحكومة هو الصحيح، والمشكلة الأخرى هي أن أنصار الحكومة من النواب «ملكيون أكثر من الملك»! ولا يقومون بتصحيح الخطأ بل يقومون في حالات بتغيير المواد القانونية إلى الأسوأ! وأعتقد أنهم سيدفعون هم وأبناؤهم غدا ثمن هذه الأخطاء في حال تطبيقها عليهم أيضاً! وهذا أيضا ليس في صالح الحكم نفسه لأن هذا التوزيع غير العادل والتشريعات التي تحد من الحرية لا تؤسس للاستقرار.
سيناريوهات عدة لتعديل الدوائر
* ماذا لو رفع مواطنون يتفقون معكم في هذا الرأي قضية في المحكمة الدستورية بعدم دستورية التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية؟
- عزيز أبل: يمكن ذلك ولكن المشكلة الفنية هي أن المحكمة لا تتقبل الطعون من المواطنين مباشرة، إذ لابد وأن يرفعوا القضايا في المحكمة الصغرى والتي بدورها ترفع الموضوع للمحكمة الدستورية، لكن ماذا لو رفضت المحكمة الاختصاص في القضية، حينها يموت الطلب ولا يرفع للمحكمة الدستورية كما انه لا يمكن حالياً رفع القضية الموضوعية لعدم وجود انتخابات في الوقت الحالي، ففي حين يستطيع مجلس النواب وبقرار يصدر منه الطلب من المحكمة الدستورية النظر في ذلك... مع العلم بأنه حتى المواطن الأميركي لا يستطيع الطعن في دستورية أي من القوانين مباشرة.
- محمد آل عباس: هناك سيناريوهات عدة لتعديل الدوائر الانتخابية أولها تقديم اقتراح برغبة وهي آلية للتشاور بين أعضاء المجلس للوصول إلى أفضل السبل للموافقة على الاقتراح ومن ثم رفع الموضوع للحكومة على أساس أن ذلك يقع ضمن صلاحياتها المخولة لها من قبل جلالة الملك وبالتالي يمكنها ان تستجيب وتحدث تعديلا طفيفا من أجل تحقيق التعاون بين السلطتين وتعزيز الثقة بين الطرفين وعلى أن تتم الاستجابة من قبل الحكومة التي دائماً ما تؤكد على «التعاون بين السلطتين» وذلك لطلب ممثلي الشعب.
ولقد كنت والأخ جاسم عبدالعال نأمل في أن يتحقق هذا الأمر من باب التعاون وبالتالي نكون حققنا تقدماً إيجابياً في هذا الملف ولو بشكل طفيف، لكن التركيبة المحافظة الحالية لمجلس النواب حالت دون ذلك فاللجنة التشريعية لم تجتمع إلا بشق الأنفس ورفضوا المقترح جملة وتفصيلا واختفى التقرير الذي أعدوه بشأن هذا الطلب! وكنا نتوقع ان يجهض مناقشة تقرير اللجنة التشريعية في جلسة مجلس النواب ولكنه بلا شك سيعطينا الفرصة لأن نكشف للرأي العام المحلي والخارجي الظلم الواقع على شعب البحرين.
أما السيناريو الآخر فهو تقديم مقترح بقانون لتغيير المواد القانونية التي تخول السلطة التنفيذية رسم الدوائر الانتخابية وذلك بإعطاء هذه الصلاحية لمجلس النواب، لكننا نتوقع ألا يرى هذا المقترح النور بسبب التركيبة.
أما السيناريو الثالث فهو التقدم بطعن دستوري وأن نخضع التوزيع الحالي للمعايير الدولية وسنجد بالتأكيد أنها لا تنطبق عليه، كما أننا واثقون من أن حكم المحكمة الدستورية سيكون في صالح عدم دستورية التوزيع وبالتالي تكون هناك فرصة لإحداث تعديل على الدوائر من قبل السلطة التنفيذية. ونعتقد أن التعديل سيكون أفضل لوجود الحكم الدستوري، لكن قانون المحكمة الدستورية لا يجيز للأفراد التقدم بهذه الطعون مباشرة ما يحيلنا للمحكمة الصغرى ونعتقد أن عدم الاختصاص سيطرح من أجل وقف الدعوى وإنهائها وبالتالي فإن النظام سيكون محصناً بشكل أكثر من السابق.
وهناك سيناريو رابع آخر وهو أن يتقدم المجلس بطعن للمحكمة الدستورية، فبالنظر إلى مثال مشابه عندما تقدمنا سابقاً في الطعن في دستورية المرسوم بقانون لسنة بشأن العفو عن المتورطين في التعذيب في الحقبة السابقة، صوت سبعة نواب فقط في جلسة المجلس لصالح التقدم بطلب الطعن بينما رفض الباقون! هذا هو المشهد الذي يجب التعلم منه!
والمشكلة تتركز في عدد كبير من النواب الحاليين... فكيف تريد من نائب يمثل مواطناً فقط يستطيع الاجتماع بهم جميعاً في فندق نجوم التنازل عن هذا الامتياز لنائب يمثل ألف ناخب! بما في ذلك سهولة الفوز وقلة عدد المنافسين... وبالتالي فإن الإمكانات موجودة، لكنها تفتقر إلى الإرادة من قبل النواب.
أمر آخر متعلق بالموضوع نفسه، وهو أن البحرين صدقت على العهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية وهما عهدان متطوران حضاريان ويتيحان الكثير من فرص العدالة لشعب البحرين ومنها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وبالتالي أسأل: ألا يعتبر التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية ضرب لهذه المبادئ فضلا عن مخالفتها لدستورنا؟!
إن انتقائية السلطة تتمثل في أحد التصريحات الحكومية بأن الدوائر الانتخابية لن تعدل إلا بعد إلى عاماً من أجل التريث ودراسة التجربة، لكننا نجد اليوم الحكومة تريد تغييرها في الدوائر البلدية... فما الذي حدث؟! ألا يتضح ان تصريحات التبرير للحكومة متناقضة؟!
آليات دولية لتغيير الدوائر
* دولياً هل توجد آليات لتغيير الدوائر الانتخابية؟
- فريدة غلام: توجد هذه الآليات في عدد من دول العالم، ففي بريطانيا توجد لجنة الحدود التابعة للهيئة المشرفة على إدارة العملية الانتخابية ويرأسها رئيس مجلس العموم المنتخب وتعقد جلسات علنية مع المواطنين بشأن وضع الدوائر الانتخابية وتستقي آراءهم ويتم تعديل هذه الدوائر بناء على ذلك، ومن ثم تعرض على المواطنين مجدداً للحصول على آرائهم وانطباعاتهم، وفي فرنسا أيضاَ يناقش التوزيع على الغرفتين، لكن الغرفة المنتخبة (البرلمان) هي من يقرر الشكل النهائي للتوزيع، وكذلك الوضع في الهند.
ولابد أن نذكر أن الفترة الزمنية المطلوبة لإعادة النظر في توزيع الدوائر الانتخابية في بريطانيا تتراوح بين إلى سنة، وفي الهند كل سنوات، وفي أميركا يكون للمحكمة العليا دور كبير في المحافظة على صحة تمثيل المواطنين بالتساوي، أما في سويسرا فتوجد الكنتونات التى تمثل الدوائر الانتخابية إذ يتم تغيير عدد النواب الممثلين لهذه الكنتونات، وهو الأمر الذي لا يتأثر بعدد الدوائر الانتخابية وإنما من أجل التأكد من تساوي الثقل الانتخابي في كل دائرة على حدة.
توزيع الدوائر كان أحد أسباب «المقاطعة»
* هل كانت مقاطعة الانتخابات في العام سبباً في عدم تقدم مشروع تغيير الدوائر الانتخابية؟
- جلال فيروز: بل كان من أسباب المقاطعة عدم توازن وعدالة رسم الدوائر الانتخابية، وكان التفكير في أن هذا الرسم سيفرز مجلساً لا يعطي للمعارضة التي تحظى بحضور شعبي واسع الثقل يمكن من خلاله إحداث التغيير، لكن في الوضع الحالي تضع المعارضة على رأس أجندتها الاهتمام بهذا الملف الذي سيدرج ضمن برنامج عملها بعد فوزها في الانتخابات.
كما أن ملف توزيع الدوائر الانتخابية مهم جداً وكان السبب وراء حل مجلس الأمة الكويتي، علاوة على موضوع الحملات الانتخابية لصالح تحقيق العدالة بين المواطنين، وأرى أن نظام الدائرة الانتخابية الواحدة نظام يصلح للبحرين وهو من أجل مصلحة المواطنين والحكومة معا، إذ يتيح للقوائم والأفراد التقدم بطلبات الترشح ويعطي للأقليات فرصة للفوز خصوصاً مع مساحة البحرين وعدد سكانها المحدودين.
- جاسم عبدالعال: من الظلم تحميل المقاطعة وزر كل الأخطاء التي يقوم به الآخرون على رغم أنني اعتقد بأنها ساهمت في جزء من تركيبة هذا المجلس، والآن اعتقد ضرورة فتح حوار مع القيادة السياسية بشأن هذا الموضوع وشرح المعاناة التى يتكبدها المواطنون من أجل الدفع بإصلاح التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية ولا أظنها ترضى باستمرار هذا الظلم.
- محمد آل عباس: إن دخول المعارضة للبرلمان يمكن ان يفضي إلى نوع من التوافق بين القوى الفائزة، كما أدعو إلى استخدام الصلاحيات السياسية وأن تكون هناك تحالفات بين الكتل جميعها من أجل حسم هذا الموضوع وأظن أن الإرادة السياسية في المجلس القادم ستكون أفضل وأنضج وأكثر توازناً وعملا من أجل تحقيق المصلحة العليا للوطن وأظن أنه توجد هناك الكثير من الآليات لتحقيق ذلك بما في ذلك طلب التحكيم الدولي أو الاستفادة من عضوية البحرين في الاتحاد البرلماني الدولي أو الاستفادة من التجارب الأخرى.
مقترح البحرين... دائرة واحدة
- جلال فيروز: لا أتفق مع سهولة إمكان تغيير الدوائر بعد فوز المعارضة بعدد من المقاعد النياب
العدد 1399 - الأربعاء 05 يوليو 2006م الموافق 08 جمادى الآخرة 1427هـ