لا يجد كريم بن منصور اثناء تصفحه لاعلانات الوظائف باحدى وكالات التوظيف اية وظيفة يمكنه من خلالها ان يستغل الدرجة التي حصل عليها في الاقتصاد.
وتبدو علامات الكآبة على بن منصور وهو يتصفح اعلانات الاعمال البسيطة.
وتنهد قائلا «حقيقة أنا أشعر بالخيبة، هذه الحالة تقلقني والمستقبل يخيفني، الوقت يمر بسرعة وأنا مازلت عالقا... طرقت جميع الابواب الممكنة للحصول على عمل لكن من دون جدوى».
وتتكرر هذه القصة في جميع انحاء شمال افريقيا والعالم الثالث. فالخريجون الذين يضحون بالكثير لاستكمال التعليم الباهظ الكلف سرعان ما يكتشفون ان سوق العمل ليس به وظائف تناسب مهاراتهم التي اكتسبوها وفي بعض الاحيان لا يكون به اي وظائف على الاطلاق.
ويلجأ الكثيرون الى الاعمال البسيطة كمورد رزق اما في بلدانهم او كمهاجرين الى الدول الغنية.
وتقدر منظمة الهجرة الدولية ان نحو ألفا من اصحاب المهارات المهنية بينهم اطباء وممرضون ومهندسون ومحاسبون ومديرون ومعلمون يغادرون افريقيا كل عام ما يؤدي الى حرمان القارة من الخبرات والمواهب.
ويقول البنك الدولي ان عدد التحويلات من الخارج المسجلة رسميا تضاعف على مدى العقد الماضي ليصل الى مليار دولار العام منها مليارا تذهب الى الدول النامية.
وعادة ما يكتشف المهاجرون الافارقة ان مواهبهم لا تستغل في الدول التي يهاجرون اليها بسبب اختلاف انظمة التعليم وقواعد منح تصاريح للعمل.
ففي لندن تعمل روضة فرجاني (72 عاما) وهي تونسية حاصلة على درجة في الادب الانجليزي كمساعدة مبيعات في احد المتاجر وقبل ذلك كانت تغسل الصحون في احد المطاعم.
وتقول «هذا العمل ليس واعدا لكني أربح مالا لا يمكن أن يتوفر في بلدي إذ فرص العمل نادرة يوما بعد يوم... أنا متأكدة أنني سأحصل على شغل أحسن بمرور الوقت».
وعملت تونس جاهدة كي توفر الوظائف لمواطنيها. وتفوقت الدولة التي كانت تعتمد على الزراعة على جيرانها بتطوير صناعات مثل الاقمشة وتجميع قطع السيارات وتصنيع المواد الغذائية واجتذاب ملايين السياح الى شواطئها.
كما انها تطور صناعات خارجية مثل مراكز الاتصالات التي تخدم المتحدثين بالفرنسية. ويفضل المستثمرون تونس بسبب استقرارها السياسي ورخص كلف التشغيل فيها وزيادة عدد الشبان الذين تلقوا تعليما جيدا ويتوقون للحصول على وظائف.
وتتوقع تونس ان ينمو اقتصادها بنسبة , في المئة هذا العام مقارنة مع المتوسط الذي حققته على مدى الاعوام العشرة الماضية وهو خمسة في المئة.
ويقول مراقبون ان الدولة المطلة على البحر المتوسط والتي يسكنها عشرة ملايين نسمة تبذل اقصى ما في وسعها لاجتذاب المستثمرين الاجانب الى قطاع الخدمات وتقنية المعلومات بسرعة حتى يتسنى لها تحقيق النمو الاقتصادي الذي تحتاجه لتلبية الطلب على الوظائف.
ويشكل الخريجون شريحة كبيرة من ألف شاب يدخلون سوق العمل كل عام.
ويقول كريم وهو واحد من خريج يبحث عن عمل مقارنة مع قبل نحو عقد «ندرس اليوم لنكون عاطلين عن العمل غدا».
وتقول السلطات ان الاقتصاد بحاجة لمزيد من الاشخاص من اصحاب الخبرة في مجال تقنية المعلومات التي يعتقد على نطاق واسع انها محرك النمو في المستقبل. ووفقا للبيانات الرسمية للعام فلا يتلقى سوى عشرة في المئة من الطلاب دورات تدريبية في تقنية المعلومات فيما يشكل الحاصلون على درجات في مجال تقنيات المعلومات نحو نصف الباحثين عن وظائف.
ويقول محمد الفريوي وهو محلل اكاديمي: «اذا الدولة لا تستطيع استيعاب كل طلبات الشغل فيجب عليها اصلاح النظام التعليمي لتخلق كفاءات قادرة على تلبية حاجيات الاسواق الجديدة». وبلغ معدل البطالة الرسمي , في المئة وتقول السلطات ان تحقيق النمو الاقتصادي بشكل اسرع سيساعد على تراجع هذا المعدل الى , في المئة بحلول العام
العدد 1400 - الخميس 06 يوليو 2006م الموافق 09 جمادى الآخرة 1427هـ