دعا نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي إلى تشكيل تحالف يضم جمعيات المجتمع المدني للطعن في قانون مكافحة الإرهاب. وصرح الدرازي لـ «الوسط» بأن الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان ستسعى لتفعيل هذا التحالف.
واعتبر الدرازي التصديق على هذا القانون «مأساة حقيقية للبحرين»، مشيرا إلى إمكان استغلال هذا النوع من القوانين من قبل القضاء لعدم وضوح الأحكام الواردة فيه والتي يمكن أن تخضع للتفسير الشخصي.
وقال: «إن هذا القانون لا يأتي لمكافحة الإرهاب، وإنما تطال أحكامه الحريات العامة، كما أنه يعكس عدم ثقة الحكومة بالشعب والنواب، بل عدم ثقتها بنفسها كحكومة».
الوسط - عبدالله الملا
يعيش الشارع البحريني حالة من التوجس تجاه قانون «مكافحة الارهاب» الذي مرّ سريعاً في مجلس النواب وسافر إلى مجلس الشورى الذي مرره كلمح البصر، وفي ظل المؤاخذات التي يطرحها التيار المعارض للقانون سواء في المجلس النيابي أو الجمعيات السياسية، تشير التوقعات إلى قرب تشكيل تحالف للطعن في دستوري قانون مكافحة الارهاب. وفي هذا الصدد ندد نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان عبدالله الدرازي بقانون مكافحة الإرهاب، معتبراً «الطريقة التي مرر بها القانون غير قانونية، وتتعارض مع اللائحة الداخلية، إذ لم يسمح لأحد بطرح وجهة نظره، فنحن كجمعية كان لنا وجهة نظر، عبرنا عنها عن طريق رفع رسالة إلى كل من الملك والمجلس الوطني بجناحيه، (النواب والشورى)، لكن للأسف لم نتلق رداً من أي من هؤلاء». جاء ذلك بعد الدعوة التي وجهها المتحدث الرسمي باسم الكتلة الإسلامية النائب محمد آل الشيخ، إلى تشكيل تحالف للطعن في دستورية هذا القانون.
وفيما يتعلق بتشكيل تحالف للطعن في دستورية القانون، أشار الدرازي إلى أنه «قبل ما يقارب السنة، دعت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان إلى اجتماع شاركت فيه 33 جمعية من جمعيات المجتمع المدني، بالتالي فمن الممكن تفعيل هذا التحالف هذه المرة من أجل الطعن بدستورية قانون مكافحة الإرهاب».
آمال التعديل معلقة على المجلس النيابي المقبل
واستطرد الدرازي «المطلوب من هذا التحالف توعية الناخبين للضغط على المرشحين في مناطقهم، من أجل وضع القوانين المجحفة تحت أولويات شعاراتهم الانتخابية القادمة، فليس قانون مكافحة الإرهاب فقط هو ما نأمل تعديله من المجلس المقبل، بل هناك أيضاً ما يسمى بقانون التجمعات، وقانون الحقوق السياسية، وهي قوانين لا يمكن غض الطرف عنها»، آملاً أن يتم التحرك السريع عبر المجلس النيابي المقبل.
واعتبر الدرازي أن «لا حاجة لنا في هذا القانون، لأن العقوبات الموجودة فيه سبق وذكرت في قانون العقوبات، بالإضافة إلى مسألة تعريف الإرهاب الواردة في هذا القانون، والتي لا تتناغم مع تعريف الأمم المتحدة للإرهاب، بالتالي فإن تمرير هذا النوع من القوانين يسيء لسمعة المملكة كونها عضواً في مجلس حقوق الإنسان»، مناشداً الملك بعدم التصديق على مثل هذا القانون، الذي سيشكل التصديق عليه «مأساة حقيقية للبحرين». وأوضح الدرازي لـ «الوسط» أن «قانونا من هذا النوع يسهل استغلاله، لعدم الوضوح في الأحكام الواردة فيه، التي من الممكن أن تخضع لتفسير شخصي من قبل القاضي»، معتبراً أن هذا القانون يعكس «عدم ثقة الحكومة بالشعب وبالنواب، وحتى عدم ثقتها بنفسها كحكومة».
الدرازي: «مكافحة الإرهاب» بعيد كل البعد عن مكافحة الإرهاب!
وأكد الدرازي أن «هذا القانون بعيد كل البعد عن مكافحة الإرهاب، فهو أقرب ما يكون لمكافحة الحريات، فالقانون المطروح يتعارض مع كل المواثيق الدولية، وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبالتالي فهو قانون متأخر جداً بالنسبة إلى التطورات الحادثة في العالم»، معتقداً أن تمرير هذا القانون ربما يكون بسبب ضغوط خارجية أميركية، وخصوصاً أن البحرين مرتبطة باتفاق ثنائي للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة. في الإطار نفسه، أكد النائب محمد آل الشيخ لـ «الوسط» «ضرورة تشكيل تحالف للطعن في دستورية قانون مكافحة الإرهاب، على أن يضم هذا التحالف مؤسسات المجتمع الحقوقية والهيئات القانونية الأهلية، إلى جانب قوى النيابة الرافضة لهذا القانون». داعياً من سيشارك في هذا التحالف إلى «جمع الوثائق المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب من أجل تقديم طلب الطعن في عدم دستورية هذا القانون، خصوصاً أن الأرضية مهيأة ومتاحة بسبب عدم مناقشة مواد القانون في جلسة النواب التي بحثت مشروع القانون، وكان هذا الإجراء مخالفاً لنصوص اللائحة الداخلية ومتعارضاً مع أعراف وتقاليد المجلس خلال الأعوام الأربعة الماضية طالما أنه يخالف الأسس الأولية للتشريع، فالمشرع يجب أن تكون له رؤى ومبادئ يستند إليها من أجل الموافقة على أي مشروع، غير أن هذا الأمر كان غائباً في قانون مكافحة الإرهاب وهو ما يسهل عملية الطعن في دستوريته».
وصرح آل الشيخ أن «الكثير من النواب بعد انتهاء الجلسة أكدوا أنه ليس من صالح القانون أن يمرر من دون نقاش، وهو ما أكده نواب محافظون من مختلف الكتل، وهذه الأصوات نفسها وافقت على مشروع القانون، لذلك لابد أن يكون هذا الملف على سلم أولويات أجندة مجلس النواب القادم».
آل الشيخ: «مكافحة الإرهاب» يتعارض مع الميثاق والدستور
وأوضح آل الشيخ أن «قانون مكافحة الإرهاب يخالف الأعراف والتقاليد والأحكام المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقات الدولية، ويتعارض مع الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور والميثاق. وما يؤكد صحة وجهة نظرنا، مطالبات الهيئات الدولية المستقلة التي تنادي بالمطالب نفسها التي كنا نطالب بها، التي عرضناها على المجلس ووضعنا فيها مذكرات تفصيلية شارحة».
واستطرد «في الوقت الذي كنا نأمل فيه الوصول إلى توافق بشأن إصدار تشريع يحظى بقبول من جميع القوى الوطنية وجميع ألوان الطيف السياسي في المجلس، إلا أن قوى محافظة في المجلس وقوى سياسية في الخارج تكالبت من أجل الإسراع في إصدار هذا التشريع من دون نقاش خشية من سقوطه سقوطاً مدوياً تحت قبة البرلمان، ما حدا بالشخصيات المعارضة الانسحاب من الجلسة تعبيراً عن موقفهم الوطني تجاه عدم إتاحة الفرصة للنقاش، وبالتالي تمرير هذا القانون عنوة وكأن السلطة التشريعية هي التي مررت القانون على رغم التدخلات والاملاءات التي فرضت على التركيبة المحافظة التي نعتبر أنها خذلت الشعب في هذا الأمر».
وأشار آل الشيخ إلى أنه «قد تم تمرير جملة من التشريعات، وعلى رأسها قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات والمسيرات وقانون حرمان المحكومين من الحقوق السياسية والمدنية مدى الحياة ضاربة عرض الحائط المعاهدات والاتفاقات الدولية التي صدقت عليها، وهو ما يمكن اعتباره تخليا عن المسئوليات المناطة بمملكة البحرين تجاه الشرعية الدولية والمجتمع الدولي وهو ما حدا بهذه المنظمات أن تصدر تقارير وبيانات تؤكد ما ذهبنا إليه». وأضاف آل الشيخ أن «ما حصل يعتبر إخلالاً بمبدأ السيادة القانونية للدولة وفيه تسطيح للسلطة التشريعية التي يطلب منها تمرير التشريعات والقوانين من دون نقاش حقيقي يفضي إلى توافق يؤكد حاجة المجتمع إلى مثل هذه التشريعات». وذكر آل الشيخ أنه «بمجرد صدور هذا القانون المرفوض شعبياً وسياسياً سيكون عرضة لعدم الالتزام به كونه لا يراعي المبادئ الأساسية المتعارف عليها في القوانين الدولية، وبالتالي ستنتج عن ذلك تصادمات ليست بسبب وجود جرائم إرهابية بل هي بسبب غلو القانون في مواده المجرمة للنوايا واستنادها إلى مبدأ الظنية في الجرم، لذلك نعتبر أن جميع ما سيؤول إليه القانون وما يستتبعه من جرائم ما هي إلا مخالفات قانونية، الأصل فيها البطلان على اعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل، وهذا عينه ما ذكرناه سواء في اجتماعات اللجان أو في المجلس أو في التصريحات الصحافية للصحف المحلية والخارجية وهو ما تذكره الهيئات العالمية اليوم، لذلك فإن الطعن في دستورية القانون بهدف إسقاطه هو أمر ملح، لأن البحرين لا تعيش فراغاً تشريعياً في هذا المجال فقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية يفيان بالغرض مع إدخال بعض التعديلات، فضلاً عن ذلك فإن التشريع يجب أن يستند إلى حاجة المجتمع»
العدد 1429 - الجمعة 04 أغسطس 2006م الموافق 09 رجب 1427هـ