ركزت الجلسة الأولى من اليوم الثاني لمنتدى الاتصال الحكومي على حملات التوعية والتثقيف باعتبارها من أهم المساحات في عمل إدارات الاتصال والعلاقات العامة في المؤسسات الحكومية، وكيفية توظيف هذه الحملات في تصحيح مفاهيم الجمهور ورفع مستوى الوعي لديهم. كما ناقشت الجلسة أهم العناصر التي تجعل من هذه الحملات أداة فاعلة في التأثير على الجمهور وكيفية تنفيذ هذه الحملات بصورة احترافية، وذلك من خلال استعراض تجارب ريادية لحملات توعية ناجحة من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.
جاء ذلك خلال جلسة العمل التي حملت عنوان «تجربة حملات التوعية الحكومية في أميركا وبريطانيا» التي جاءت ضمن جلسات «منتدى الاتصال الحكومي الأول 2012» الذي نظمه مركز الشارقة الإعلامي يومي 26 و27 فبراير/ شباط الجاري في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وذلك بحضور نخبة من قادة الرأي والفكر في العالم وكبار الشخصيات السياسية والاقتصادية وحشد من أبرز الإعلاميين ووسائل الإعلام العربية والدولية.
وشهدت الجلسة مشاركة اثنين من كبار خبراء حملات التوعية والعلاقات العامة، هما الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية العلاقات العامة الأميركية (PRSA) جيرارد فرانسيس كوربت؛ والرئيسة المنتخبة لمعهد العلاقات العامة CIPR في المملكة المتحدة سو ولستنهولم.
وقد استهل كوربت أعمال الجلسة، التي أدارتها الإعلامية ديانا مقلد، مديرة البرامج في تلفزيون المستقبل، بتسليط الضوء على واقع العلاقات العامة في الولايات المتحدة، موضحاً أن هذا القطاع شهد تطوراً ملحوظاً رافقه وضع معايير جديدة تنظم عمل شركات العلاقات العامة.
ولفت كوربت إلى أن الدور الأساسي لحملات العلاقات العامة يكمن في خدمة المجتمع، لكن نجاح هذه الحملات يتطلب التدخل في الوقت المناسب وبشكل فاعل، مع ضرورة توفر البنية التحتية التي تلبي متطلبات هذه الحملات، فضلاً عن وجود قيادات تتمتع بالقدرة على التدخل وتنفيذ مضامين هذه الحملات بالسرعة والكفاءة المطلوبة.
وأورد كوربت نماذج عن دراسات حالة أجريت في الولايات المتحدة، مستعرضاً على وجه التحديد تجربة وزارة الدفاع الأميركية. ففي عام باشرت الوزارة استخدام التكنولوجيا ووسعت من نشاطها لتشمل المجالات البيئية والتفاعل بشكل أوسع مع المجتمع، وذلك انطلاقاً من قناعتها بأهمية مواكبة ما يشهده هذا العصر من انتشار للتقنيات الجديدة، كما أن تحول أميركا إلى دولة مستهدفة من جماعات وأعمال إرهابية، جعل الوزارة تستعين بالتكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة للتعامل مع هذا الاستهداف.
من جهتها، توجهت سو في بداية كلمتها بالشكر الجزيل إلى صاحب السمو حاكم الشارقة وجميع القائمين على المنتدى لما بذلوه من جهود حثيثة لإنجاح الحدث.
وفي معرض حديثها عن دور وفاعلية حملات العلاقات العامة ووسائل الاتصال الحكومية، استعرضت سو تجربة شبكة السكك الحديد التي تربط لندن بمدن أخرى، حيث أوضحت أن المشروع واجه رفضاً ومعارضة واسعة لكونه سيؤدي إلى اقتطاع جزء من المناطق الخضراء في لندن، ما أبرز أهمية وضرورة التواصل مع المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه. وبالفعل تم إطلاق حملة تواصل شارك فيها أكثر من 59 ألف شخص للوقوف على اراء وردات فعل الجمهور حيال المشروع، ورافق ذلك الحديث عن مبادرة لدفع تعويضات للمتضررين من المشروع، حيث لقيت هذه الفكرة قبولاً واسعاً أفضى إلى تقدم 350 ألف شخص للحصول على التعويضات، وقد تم بالفعل قبول 60 ألف طلب وتم دفع مبلغ وصل إلى 25 مليون جنيه استرليني.
وفي السياق نفسه، لفتت سو إلى أهمية بناء الثقة مع الجمهور المستهدف بما يضمن إيصال الأفكار المطلوبة وإحداث الأثر المنشود، وذلك عبر وسائل متعددة قد تشمل الاستعانة بشركاء ممن يحظون بثقة كبيرة لدى الجمهور، مثل المحلات التجارية والعلامات التجارية الكبرى.
وإجابة على سؤال عن كيفية تطبيق استراتيجيات العلامات العامة في منطقة الخليج، أوضح كوربت أن «وسائل الإعلام الاجتماعي موجودة وبقوة في المنطقة ولاسيما بين الأجيال الفتية، وهذه ميزة يمكن للمؤسسات والشركات أن تستثمرها بشكل كبير للتواصل مع عامة الجمهور، كما أن الاستعانة بالدراسات والبحوث ستضمن لهذه المؤسسات والشركات الوصول إلى النتائج المرجوة وتطبيق استراتيجيات العلاقات العامة بشكل فاعل». كما تناول كوربت في حديثه كيفية استهداف فئات معينة في المجتمع، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، عبر حملات التواصل الاجتماعي والعلاقات العامة، موضحاً أنه يمكن تحقيق ذلك عبر إجراء البحوث التي تنظر في كيفية التوجه إلى جهات أو فئات معينة، وبعد تعريفهم بشكل واضح وصحيح، يمكن إيجاد أفضل السبل للتواصل معهم، مثل فتح قنوات لهذه الفئات بما يتيح لهم التواصل مع بضعهم والتباحث في المواضيع والقضايا الخاصة بهم.
وشدد كوربت على أهمية دمج الإعلام الاجتماعي في المناهج الدراسية، نظراً لكون الجمهور أصبح يعرف عن الإعلام الاجتماعي أكثر مما يعرف عن أي وسيلة تواصل أخرى. ويجب أن يدرك واضعو المناهج أهمية إدراج بعض ممارسات الإعلام الاجتماعي في سياق المناهج
العدد 3461 - الإثنين 27 فبراير 2012م الموافق 05 ربيع الثاني 1433هـ