شهدت مدينة أسفي المغربية حديثاً أشغال الدورة السادسة لملتقى المرأة والكتابة الذي نظمه على مدى ثلاثة أيام المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب بتنسيق مع فرع الاتحاد بأسفي، عن موضوع «محكي الأنا - محكي الحياة في الكتابة الأدبية النسائية».
خلال افتتاح أشغال الملتقى أكد رئيس اتحاد كتاب المغرب عبدالحميد عقار أهمية هذا الموعد الثقافي السنوي الذي يجمع نخبة من المبدعات والمبدعين المغاربة والعرب، ولاحظ أن أهمية هذا الموعد لا تكمن فقط في أبعاده الثقافية ولكن أيضا في أبعاده التنموية باعتبار أن الفعل الثقافي مكون رئيسي ضمن أية عملية تنموية متكاملة.
وقد تميز اليوم الأول من الملتقى بتنظيم أمسية شعرية بحديقة فضاء «جمال الدرة» نشطها الشاعر أحمد بلحاج آيت وارهام، وعرفت مشاركة الشعراء فاتحة مرشد وأمينة لمريني وعائشة البصري وأحمد بنميمون من المغرب، إضافة إلى الشاعرة السعودية هدى الدغفق.
بالإضافة إلى هذه الأسماء شارك في الملتقى أديبات وأدباء من المغرب والعالم العربي والمهجر ويتعلق الأمر بحسن المودن ورشيد بن حدو ولحسن حمامة وزهور كرام ولطيفة باقة من المغرب، وزينب الأعرج من الجزائر، وجليلة الطريطر من تونس، ومي خالد من مصر، وجميلة عمايرة وسحر ملص من الأردن، ولينا الطيبي من سورية، والسعودية المقيمة في لندن زينب حفني ، اذ تمت مناقشة موضوع «محكي الأنا - محكي الحياة في الكتابة النسائية».
شكل موضوع «محكي الأنا - محكي الحياة في الكتابة النسائية» مناط بحث وتحليل المشاركين في الملتقى، وقاربت مساهمات هؤلاء المثقفين التي توزعت بين مداخلات وشهادات وقراءات نقدية، المحكي النسائي من خلال نصوص وإبداعات حاولت من خلالها رصد خصوصيات هذا النمط من الحكي واستنباط مكامن التميز فيه وكذلك تسليط الضوء على سياق نشأته وتطوره.
في هذا السياق انبنت مداخلة الباحثة والناقدة جليلة الطريطر من تونس والتي تمحورت حول «مقاربة الهوية الأنثوية من خلال نماذج من الكتابات الذاتية النسائية» على فرضية أساسها وجود اختلاف نوعي بين كتابة الذات وكتابة المتخيل الأدبي من رواية وقصة و... باعتبار أن بناء الذات في الكتابات الذاتية النسائية هو أس الخطاب ولا ينفصل مطلقا عن البعد النوعي «فالمرأة التي تكتب عن ذاتها، خلاف الرجل، تنطلق تجربتها الكتابية الذاتية من موقع كونها امرأة وبالتالي فهي معنية بتشكيل صورتها الذاتية انطلاقا من التجريب السردي».
وترى الباحثة في هذا الصدد أن الخطابات الذاتية الأنثوية «لا تختبر فرضيات متعلقة بالعالم عموما ولكنها تختبر الفرضية الذاتية وفرضية الوجود الذاتي» مضيفة أن حضور المقام الأنثوي في الكتابات النسائية يرتبط بصراع متجدر في الحياة «إذ إن المرأة تبدأ في وعي ذاتها انطلاقا من ثنائية أنوثة - ذكورة التي تتلقاها في البيت على مستوى التربية وفي العادات والتقاليد على مستوى الثقافة وفي الشارع.
امتدادا لتقليد أصيل أضحى سمة ملازمة لملتقى المرأة والكتابة كرم الملتقى في ختام دورته السادسة الأديبة الشاعرة المغربية مليكة العاصمي وذلك تقديرا لإسهامها الأدبي والفكري المتميز واحتفاء بتجربتها في الإبداع والحياة.
والشاعرة مليكة العاصمي من مواليد مدينة مراكش العام 1946 حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في الآداب وتعد من المؤسسات لدراسة الأدب الشعبي في الجامعة المغربية كما تعد من الرائدات اللائي انخرطن في العمل السياسي.
وقد أثرت مليكة العاصمي التجربة الشعرية المغربية بعدد من الإصدارات القيمة منها «كتابات خارج أسوار العالم 1988» و«أصوات حنجرة ميتة العام 1989». وفي تصريح لها بالمناسبة عبرت الشاعرة مليكة العاصمي عن امتنانها لهذا التكريم واعتزازها بالحفاوة التي أحيطت بها وبالبحث والدراسة التي حظيت بها أعمالها «من طرف نخبة رفيعة من النقاد والباحثين والدارسين والشعراء والشاعرات ومختلف الفعاليات الثقافية الرفيعة التي تعتبر من قيم الإبداع والثقافة بصفة عامة والتي شد بعضها الرحال من جهات بعيدة لحضور هذا التكريم بمدينة أسفي»، وقالت العاصمي «اعتبر نفسي محظوظة بهذا التشريف والتكريم» مؤكدة أن «المسار إذا طال العمر سيكون دائما مضيفا ومتحولا ومبدعا ويشق المستقبل». كما حيت الشاعرة والأديبة «التزام الملتقى بالمفهوم الحقيقي للتكريم واحترامه لمقاييس دقيقة تعكسها قيمة الأسماء التي كرمها الملتقى حتى الآن وهن العراقية نازك الملائكة والفلسطينية فدوى طوقان والمغربية خناتة بنونة والفنانة التشكيلية المغربية قيد حياتها الشعبية طلال، وليلى أبو زيد باعتبارها أجيالاً كلها لها أدوار أساسية وإضافات وبصمة في التاريخ وفي فضاء الثقافة بشكل عام وفي مجال البحث والإبداع المغربي والعربي»، معربة عن أملها في أن يتكرر التكريم بهذا المفهوم «حتى تظل له القيمة نفسها التي تعطاه حتى الآن»
العدد 1441 - الأربعاء 16 أغسطس 2006م الموافق 21 رجب 1427هـ