تناول خطباء الجمعة يوم أمس عدة ملفات تعلقت بالشأن المحلي وأخرى بالشأن الدولي، فعلى الصعيد المحلي رفض خطيبا مسجد الإمام الصادق (ع) بالقفول الشيخ حسين الديهي ومسجد الزهراء (ع) بمدينة حمد الشيخ حسن سلطان التصويت الالكتروني، مطالبين الحكومة بالإعلان عن مواعيد الانتخابات وتزويد المرشحين بقائمة الناخبين مرفقة بعناوينهم، وعلى الصعيد الإقليمي قال خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق ان «مسلسل الحروب لن يقف على المسلمين ما دامت «إسرائيل» ومن يساندها على وجه الأرض، وسيبحثون عن بلد آخر يمتصون دمه ويقتلون شعبه، ويسلبون أرضه». قال خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد بالمحرق الشيخ صلاح الجودر ان «القرار 1701 أوقف الحرب على لبنان فلا مدافعَ ولا صواريخَ ولا طائرات على الشعبِ اللبناني الصامد، لقد جاء القرار بعد أن رفض المجتمع الدولي منطق الدمار والخراب، وبعد أن قامت الاحتجاجاتُ الدولية والمسيراتُ والاعتصاماتُ الشعبية ضد هذه الوحشية التي مارسها الجيشُ الصهيوني في لبنان»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي احتكم إلى منطقِ العقلِ علماً بأن المعتدي هو (إسرائيل) راعيةَ الإرهابِ الدولي، والسؤالُ هو: لماذا قامت (إسرائيل ) بحربِها على لبنان؟»، والجوابُ: إنها حلقةٌ في مشروعِ الشرقِ الأوسطِ الجديد الذي تبشرُ به أميركا أبناء المنطقة، المشروعُ الذي يُقسمُ المنطقةَ إلى كنتوناتِ طائفية وعرقية، تكونُ الكراهيةُ والبغضاءُ، والاحترابُ والاقتتالُ أساس التعايشِ بين أبنائها، وهي كما يُعرفها بعض الساسة بالفوضى الخلاقة». وأضاف الجودر أن «الأمة تعيش مرحلة حساسة ومنعطفاً خطيراً، إذ المخطط الأميركي للمنطقة بدأَ بأفغانستان ثم العراق وفلسطين ولبنان، خمسون عاماً والأمة في مآس متتالية ونكبات متعاقبة، من ذل إلى هوان، ومن قهر إلى إبادة، والسبب هو (إسرائيل) وحليفتها أميركا»، مشيرا إلى أنه من «المحتم على الأمة اليوم وهي تعاني ما تعانيه من تسلط الأعداء عليها أن تعود إلى نفسها لتتبين مواقع أقدامها، وتبصر طريق سيرها، فهي في حاجة ماسة إلى عملية تجديد الخطاب الإسلامي، القائم على الاعتدال والوسطية، البعيد عن الغلو والتطرف»، موضحاً أن «الأمة مطالبة بالسعي الحثيث للإصلاح الداخلي بأيدي أبنائها، حتى ينشأ جيلٌ صالحٌ مصلحٌ لأمته، يقومُ ببناءِ صرحِ هذه الأمةِ على الكتاب والسنة، ولا يمكن بحال من الأحوالِ أن تُجدد الأمة ذاتها بخطاباتِ التفرقةِ والتجزئةِ، ولا أن تبني حضارتَها بخطاباتِ الفرزِ الطائفي والتصنيفِ المذهبي، لا يمكنها إلا بتمسكها بكتابِ ربها وسنة نبيها».
الديهي: ماذا يعني عدم إعلان موعد الانتخابات إلى الآن؟،
انتقد خطيب الجمعة في مسجد الإمام الصادق (ع) بالقفول الشيخ حسين الديهي الحكومة لعدم إعلانها مواعيد الانتخابات، مشيرا إلى أن «الانتخابات التي أزمعت قوى المعارضة على المشاركة فيها بعد مقاطعة أربع سنوات، يؤسفني أن أقول إن هناك لعبة كبيرة يخطط لها عند البعض للعبث بالعملية الانتخابية، فما معنى عدم الإعلان صراحة لحد الآن عن موعد الانتخابات؟»، متسائلاً «أهو سر يلعب به على الأطفال؟ تريد أن تقول لهم أريد أن أراكم متعطشين لهذا الموعد (...) ما هذا العبث بعقول الناس؟ وما هذا العبث بمصالح الناس؟»، موضحاً أن «في الكويت حل المجلس وأعلن سريعاً بدء انتخابات في التاريخ الفلاني، أية شفافية وديمقراطية تمتلكها الحكومة التي لحد الآن لا تتجرأ على الإعلان عن موعد للانتخابات، أليس من حق المعارضة أن تتوجس خيفة من أن هناك ملعوباً كبيراً؟». وأضاف الديهي «نشدد دائماً وأبداً على أن تحاط العملية الانتخابية النيابية والبلدية المقبلة بشفافية عالية لمشاركة القوى التي قاطعت الدورة الأولى لمجلس النواب»، مشيراً إلى أن «كل العالم إذا أراد بدء العملية الانتخابية يسلم جداول الناخبين بعناوينهم وليس بأرقامهم السكانية، يسلمها إلى المرشح (...) ومعنى ذلك معرفتك بجميع الناخبين الموجودين في الدائرة للتقليل من إمكان أي تلاعب». وانتقد الديهي «محاولات الحكومة المستميتة من أجل منع المراقبين المحليين والدوليين»، مطالباً بتفعيل مبدأ الشراكة الحقيقية في هذا الانتخابات وليس الاقتصار على ترديد الشعارات التي يراد لها الاستهلاك الإعلامي فقط. كما أبدى الديهي في نهاية خطبته تخوفه مما أسماه «أعداد المجنسين الذين يبلغون الآلاف ويعيشون خارج البحرين»، سائلا: «كيف سيشارك هؤلاء في الانتخابات؟ لماذا يتم العمل بالتصويت الإلكتروني الذي رفضته معظم الدول، هل لأجل أن يصوت هؤلاء من مناطقهم خارج البحرين والصوت يذهب لمن يراد فوزه في المنطقة الفلانية؟ قولوا لنا أين يسكن هؤلاء؟ وأين هي عناوينهم حتى نثق بأن هؤلاء فعلاً يقطنون في هذه المناطق ولهم سكن ووجود في هذه المناطق فنثق بأنهم يقيمون في البحرين؟».
توفيق: على المسلمين الاستفادة من حوادث لبنان
ذكر خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق أن «حرب لبنان تشارف على الانتهاء، وتنفس الناس الصعداء، واطمأن بالهم وارتاحت قلوبهم، ولكن ما مصير المئات من المشردين؟ وما ذنب المئات أو العشرات الذين قتلوا؟ في ذمة من كل هذا حدث؟ ولا تظنوا أن الحرب هدأت بل أعداء الإسلام لن تهدأ نفوسهم حتى يرونا نعلق الصليب على صدورنا أو نشرك بالله سبحانه»، مشيراً إلى أن «مسلسل الحروب لن يقف على المسلمين ما دامت (إسرائيل) ومن يساندها على وجه الأرض، وسيبحثون عن بلد آخر يمتصون دمه ويقتلون شعبه، ويسلبون أرضه، وهذا سيحدث لا محالة ما بقي المسلمون على حالهم من الهوان والضعف والذلة»، مؤكداً أن «على المسلمين في مثل هذا الموقف أيضاً الاستفادة من هذه الحوادث، فيأخذوا حذرهم ويعدوا عدتهم، ولا نقول ان الأمة لا فائدة منها، بل الواجب أن نعمل ما استطعنا وندع الباقي على الله تعالى فهو نعم المولى ونعم النصير وليست العبرة كما تعلمون بالعدة والعتاد، بل العبرة بالإيمان الصادق والعمل الصالح». وقال توفيق: «في كثير من الأوقات نعرض المشكلة ولا نوجد لها حلولاً ونعرف الداء ولا نبحث عن الدواء، والأمة الإسلامية تعرف داءها، وتعرف دواءها ولكنها لا تعرف كيف تتجرعه، وفي أي وقت تتناوله»، مشيراً إلى أن «العامل على تكالب الأمم وهجومها علينا، هو حب الدنيا وكراهية الموت، فإن هذا الحب والكراهية هو الذي يستلزم الرضا بالذل والاستكانة إليه والرغبة عن الجهاد في سبيل الله على اختلاف أنواعه من الجهاد بالنفس والمال واللسان وغير ذلك، وهذا هو حال غالب المسلمين اليوم مع الأسف الشديد»، موضحاً أن «الأحاديث النبوية تشير إلى أن الخلاص ما نحن فيه يكون بنبذ هذا العامل، والأخذ بأسباب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة، حتى يعودوا كما كان أسلافهم (يحبون الموت كما يحب أعداؤهم الحياة)». و أضاف توفيق «لو أن المسلمين التفتوا إلى تحذير الأحاديث من الاستمرار في حب الدنيا و كراهية الموت وعملوا بمقتضاه لصاروا سادة الدنيا، ولما رفرفت على أرضهم راية الكفار، ولكن لابد لهذا الليل أن ينجلي، ليتحقق ما أخبرنا به رسول الله (ص) في أحاديث كثيرة، من أن الإسلام سيعم الدنيا كلها»، مشيراً إلى أن «أولى الخطوات لإنقاذ الأمة من الهزيمة النفسية والمادية هي أن يصلح المسلمون أنفسهم وذلك بتطهيرها من الذنوب والبعد عن المعاصي، وهذا ما أمر الله تعالى نبيه (ص) في الطهارة من الذنوب و المعاصي والبعد عن الرجز من شرك وغيره، وصلاح النفس يكون بإلزامها العبادة وتتبع مساجد الله لأداء فرائضه فيها لا في البيوت، ومراقبتها فالنفس تحب الشهوات وهي أشد أعداء النفس»، مردفاً «الزم نفسك بتلاوة القرآن، ومحاسبة النفس، وكم هم الذين يحاسبون أنفسهم ليعلموا سبب ما هم فيه؟ إنهم قليلون، فبالمحاسبة يقف المسلم على مواطن الضعف وسبب الهزيمة، ودليل ذلك ما أصاب المسلمين في غزوة أحد الشهيرة ما أصابهم من بعد ترك أماكنهم ونزولهم لجمع المغانم». وأكد توفيق أنه لكي تنشط النفس على الطاعة لابد لها من النظر في سير الصالحين، ولقد تأملت أمراً في كتاب الله العزيز فوجدته محفزاً للنفس على العمل، وهي مسألة الأولية، تأملوا قوله تعالى: «إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين» (الشعراء: 51)، مشيراً إلى أن «صلاح النفس له أثر على الفرد والمجتمع، فالفرد الصالح المصلح يؤثر على من حوله وهي المرحلة الثانية لإصلاح الأمة، بعد إصلاح النفس، فصلاح الأسرة من صلاح الأمة، فإذا كانت الأسر صالحة كان المجتمع صالحاً فكانت الأمة صالحة»، موضحا أن تحقيق الصلاح أمر مهم لإصلاح الأمة، ولذلك لا نتوقع انتصار الأمة وهي مليئة بالذنوب ولا يتحقق نصر للأمة وهي لا تعرف ربها إلا في الأزمات ولن تتحقق العزة للأمة حتى نعتز نحن بديننا ونجاهر بديننا وعبادتنا ونفاخر بالقرآن وننشر سنة سيد الأنام (ص)، ولا نجامل على حساب الدين، ولا نتزلف الأعداء، ولا نميع المنهج الرباني الشرعي ليرضى عنا الناس أو الأعداء، فهذا دين ودين الله أحق بالاتباع».
سلطان: أداء الحكومة في الاستعداد للانتخابات «مريب»
دعا خطيب الجمعة في مسجد فاطمة الزهراء (ع) في مدينة حمد الشيخ حسن سلطان الحكومة «إلى الشفافية في مواعيد الانتخابات ومراقبتها لأن أداءها في هذا الشأن مريب وينطبق ذلك على توزيع الدوائر الانتخابية والتصويت الالكتروني، كما أن الحكومة تخفي أعداد المجنسين ولا تتعامل مع أرقامهم بشفافية»، مؤكداً أن «المعارضة ستستمر في الدعوة إلى هذه القضايا لأن ذلك سيوفر مزيداً من الاطمئنان والثقة بالمشروع الإصلاحي». وعلى الصعيد نفسه اعتبر سلطان «قانون مكافحة الإرهاب معول هدم في جسم هذا الوطن وهو شبيه بقانون أمن الدولة الذي لم يوفر حماية للدولة في الزمن السابق، كما أن بنود هذا القانون مخالفة لمواثيق حقوق الإنسان والأعراف الدولية»، مؤكداً أن «القانون يمكن أن يحقق مكاسب آنية للحكومة إلا أنه سرعان ما يفتك بالوطن، وادعوا الحكومة إلى حماية مواطنيها من هذه القوانين الجائرة». وعلى الصعيد الإقليمي أشار سلطان إلى أن انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان هو بمثابة تحقيق للمعادلة القرآنية: «إن تنصروا الله ينصركم» (محمد: 7)، وإن الدماء ستنشر الإباء والصلابة و الإيمان (...) وسيبقى النصر إكليلاً على رغم محاولات المرجفين للتقليل منه
العدد 1443 - الجمعة 18 أغسطس 2006م الموافق 23 رجب 1427هـ