والحكومات والقطاع العام عموماً أصبحت الآن تسيطر على أكثر من 50 في المئة من إجمالي الناتج القومي في جميع الاقتصادات العالمية الكبرى، بما في ذلك ألمانيا، والولايات المتحدة، وبالتأكيد روسيا والصين.
وتظل ردود الأفعال الرئيسية لمقرري السياسات في ظل هذه الأزمة في إطار كسب الوقت. لكن مثل هذا الحل لن يستمر على أي حال، بل إن من شأنه فقط أن يفاقم مشكلة اختلال العدالة الاجتماعية. فالعدالة في الدخل والثروة مصدرها المساواة في حق الحصول على رأس المال وفي حق العمل. وحالياً، الأطراف الوحيدة التي تتمتع بحرية الوصول إلى رأس المال هي الحكومات والبنوك المثقلة بالديون. وبعبارة مختصرة، فالحكومات تستمر في التهام جزء يتزايد باستمرار من الكعكة، ولا تترك خلفها إلا الفتات لرأس المال الخاص. وللأسف، فإن الأمر لا يقتصر على منافسة رأس المال الخاص ومحاولة إخراجه من المشهد. فالحكومات لاعب رديء جداً عندما يتعلق الأمر بتوزيع الموارد والأسعار والقيم. والحقيقة أنه ليس هناك من يمكنه القيام بمهمة توزيع الاستثمارات على الوجه الأفضل سوى السوق التي تعمل بحرية. ونحن نشهد هذا الواقع الآن: ففي عالم اليوم يتعرض النموذج الكينيزي الذي يقوم على «تدخل الدولة» مع إتاحة أسواق شبه محكومة إلى إخفاق ذريع، ومما يستدعي السخرية أن المحللين يعتبرون الأزمة الحالية أزمة توحش للرأسمالية. ومن وجهة نظري، فإننا نشهد تحول الحكومات والسياسيين إلى وحوش.
في عالمنا اليوم نشهد تحقيق مستويات قياسية للمدخرات الخاصة، يقابلها تضاؤل كبير في مدخرات القطاع العام. ومن وجهة نظر اقتصادية فالحل بسيط: تشجيع رأس المال الخاص وإشراكه في الدورة الاقتصادية، بدلاً من زيادة الضرائب أو أثناء المستثمرين عن المخاطرة والسعي إليها من خلال المزيد من القوانين والتنظيمات المقيدة للأسواق؛ فرأس المال الخاص لا يتعرض فقط لضغوط من جانب رأس المال العام تسعى لتحجميه، وإنما تسهم الإجراءات الجديدة في إخراجه من الدورة الاقتصادية تماماً. وهذا مسار كارثي ينبغي تجنبه. يجب علينا أن نستثمر في التعليم، وفي ضمان حرية الأسواق، وفي إتاحة المنافسة، وفي عقد اتفاقيات ثلاثية الأطراف طويلة المدى بشأن التعليم، ومستويات الأجور، وساعات العمل، فهذا هو السبيل نحو تحقيق العدالة.
ستين ياكوبسن
كبير الخبراء الاقتصاديين لدى ساكسو بن
العدد 3471 - الخميس 08 مارس 2012م الموافق 15 ربيع الثاني 1433هـ