قال أستاذ مؤسسات الأعمال بقسم الاقتصاد بجامعة نورثويسترن في إيفانستون بولاية إلينوي بالولايات المتحدة الأميركية، رونالد براوتيغام، خلال زيارته إلى فرع الجامعة في قطر: «إن الملكية الحكومية أو التدخل الحكومي الكبير في تنظيم الاحتكارات الطبيعية قد لا يكون ضرورياً لتلافي الأسعار الاحتكارية المرتفعة».
وناقش براوتيغام قضية مهمة في مجال السياسات الاقتصادية؛ إذ اعتبر في كلمته أمام الطلبة وأعضاء هيئة التدريس أن «الخصخصة هي الحل الأمثل للاستفادة من الأنواع العديدة للاحتكارات الطبيعية».
وقال براوتيغام: «لقد بدأت هذه الخصخصة هنا في قطر وفي المنطقة»، موضحاً أن العديد من صناعات البنية التحتية كتوصيل الكهرباء والغاز الطبيعي تميل إلى كونها احتكارات طبيعية.
وقد أدلى براوتيغام بهذه التعليقات خلال محاضرة عن «المبررات الاقتصادية: عندما تتدخل الحكومات في الصناعات التي تعد احتكارات طبيعية». إذ عُقدت المحاضرة كجزء من سلسلة محاضرات ونقاشات بجامعة نورثويسترن - قطر تحت عنوان «تجربة إيفانستون: أساتذة كبار من جامعة نورثويسترن».
من جانبه، قال عميد جامعة نورثويسترن - قطر ورئيسها التنفيذي، إيفريت إي. دينيس: «تأسس برنامج تجربة إيفانستون من أجل نقل أفضل ما لدى جامعة نورثويسترن الأم إلى فرعها في الدوحة»، لافتاً الى انه يمكن وصف براوتيغام بأنه مؤلف، وخبير سياسات، ومدرس حائز على جوائز، واقتصادي بارز. وبينما تتواصل التحولات الاقتصادية العميقة في المنطقة، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى لفهم التفاعل بين الحكم والاقتصاد وما يمثله من أهمية للقادة في حقل الإعلام» .
مؤكداً براوتيغام أنه لا حاجة لتدخل الحكومة في احتكار ما إذا كان بمقدورها عرض حق الامتياز في مزاد علني، أو إذا كانت السوق تنافسية مع قدر محدود من «الكلفة المتناقصة»، أو إذا كان هناك «منافسة متعددة البدائل» واسعة النطاق.
فعلى سبيل المثال، يعد النقل، باعتباره أحد صناعات البنية التحتية، مجالاً «متعدد البدائل»؛ إذ تتنافس السكك الحديد مباشرة مع وسائل بديلة أخرى كالنقل بالشاحنات أو السفن على مسارات مماثلة.
وأضاف براوتيغام «إذا لم تتسن السيطرة على أرباح الاحتكار الطبيعي من خلال مزاد علني تنافسي أو منافسة متعددة البدائل، فحينئذ يجوز للحكومة استحداث آليات تنظيمية تنشأ عنها شركة تتميز بكفاءة التشغيل».
وأوضح أنه «يمكن القيام بذلك من خلال تنظيم الحوافز وسقف مرجعي للأسعار» .
ووفقا لبراوتيغام، فإنه نادراً ما يكون هناك داع للتدخل الحكومي الشديد، كما تظهر التجارب المستفادة من مجالات الكهرباء وخطوط الأنابيب (خدمة البريد). ففي الحالة الأخيرة، ساهمت خدمات التواصل الحديثة مثل تويتر وفيسبوك والبريد الإلكتروني في تنظيم أسعار الخدمات البريدية دون الحاجة لتدخل الحكومة.
وختاماً، شدد براوتيغام على أن صناع السياسات ينبغي عليهم إعادة النظر في الحاجة إلى تملك الحكومة للاحتكارات الطبيعية، والاتجاه بدلاً من ذلك نحو الخصخصة المصحوبة بتدخل حكومي محدود إذا اقتضت الضرورة. ويتوقع براوتيغام أن يتنامى الاتجاه نحو الخصخصة في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ولاسيما في أعقاب الربيع العربي.
وأوضح أن قطر قطعت خطوات نحو خصخصة بعض الاحتكارات الطبيعية؛ إذ حولت شركة قطر للاتصالات المملوكة إلى الدولة إلى شركة مساهمة عامة في العام 1998، كما قامت في العام 2000 بنقل الأصول المملوكة إلى وزارة الكهرباء والماء إلى المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء، وهي هيئة يسيطر عليها مستثمرون محليون بنسبة 57 في المئة. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت الهيئة العامة للجمارك والموانئ عزمها خصصة عمليات ميناء الدوحة وميناء جديد سيتكلف مليارات الدولارات مقرر افتتاحه بحلول 2014-2015.
وبالإضافة إلى عمله كخبير اقتصادي في مكتب سياسة الاتصالات بالبيت الأبيض، ومستشار اقتصادي للبنك الدولي، تم تعيين براوتيغام ضمن هيئات التحرير في مجلات عديدة رائدة في الاقتصاد، ومنذ 1997 - 1999 عمل رئيساً للجمعية الأوروبية لأبحاث الاقتصاد الصناعي
العدد 3472 - الجمعة 09 مارس 2012م الموافق 16 ربيع الثاني 1433هـ