يعتبر شهر مارس/ آذار من الشهور الساخنة في تاريخ البحرين السياسي، كما يقول النقابي المحرقي عبدالله راشد مطيويع، فقد شهد صفحات كثيرة من تاريخ النضال العمالي ضمن الحركة السياسية العامة.
وشهد مطلع السبعينات حركة عمالية نشطة، سعت لتحقيق عددٍ من المطالب الخاصة والعامة، من قبيل حرية تشكيل النقابات العمالية وتحسين الأجور ومعالجة البطالة بتبني شعار «بحرنة الوظائف»، رافقتها مسيرات واضرابات واعتقالات، واستبقت ولادة البرلمان الأول. عن أحداث تلك الفترة الساخنة كان لـ «الوسط» هذا اللقاء مع عضو اللجنة التأسيسية عبدالله راشد مطيويع.
يقول: بداية الأحداث كانت مع الإضراب في قسم صيانة الطائرات بمطار المحرق (شركة طيران الخليج) يوم الأربعاء الثامن من مارس 1972، بعد استقدام مجموعة من العمّال الباكستانيين، في حدود 45 عاملاً، وطلب من العمّال البحرينيين تدريبهم. هذا الإجراء اتخذته إدارة الشركة بالتشاور مع الحكومة نتيجة للإضراب الموجع الذي دام 9 أيام عام 1970 من الأول حتى التاسع من مايو، حيث شل الحركة في مطار البحرين. وكان زعماء الإضراب آنذاك حميد القائد، يوسف صباح البنعلي، عزيز محمد جناحي، محمد بونفور، أحمد سند البنكي، هيا السليطي، وأنا، مع آخرين في اللجان الفرعية بأقسام الشركة مثل تموين الطائرات (الهنكر) والحجز.
كانت تلك الشرارة الأولى، حيث سرت حالة من التذمر والتساؤلات بين العمّال عن مصيرهم، ولم يعد من وسيلة للتفاهم مع الشركة سوى الإضراب، الذي برهنَ أنه السلاح الأمضى. فتوقف العمل في قسم الصيانة كاملاً، وتوقفت حركة الطيران بالمطار جزئياً، واعتصم العمّال في أقسامهم ثم تجمعوا بالمقر الرئيسي في رأس الرمان، وأعادوا طرح مطالبهم من جديد: تشكيل نقابة عمّالية، زيادة الأجور بنسبة 25 في المئة، توفير المواصلات، إتاحة الفرصة للبحرينيين للعمل وتحقيق شعار «بحرنة الوظائف»، ورفض تدريب العمّال الأجانب.
وشكّلت لجنة من العمّال للتباحث مع الشركة، لكن مساعيها باءت بالفشل عندما ردت الشركة: عودوا إلى العمل أوّلاً ثم نفكر في مطالبكم، وهو ما رفضه العمّال. وكانت لجان قد تشكلت في أماكن أخرى مثل بابكو، ألبا، الصحة، عمال المقاولات.
التدرب على الطيران
وتضامناً مع عمّال قسم الصيانة أضرب يوم الخميس (9 مارس) موظفو دائرة التموين، وتبعه إضراب باقي الأقسام في مرافق الشركة بالمحرق والمنامة، مطالبين بحرية العمل النقابي وزيادة الأجور لتتناسب وغلاء المعيشة؛ وتدريب العمّال البحرينيين على الأعمال الفنية والحصول على الترقيات والعلاوات، ومن بينها علاوة العمل ليلاً، بالإضافة إلى فرصة التدرب على الطيران، حيث سبق أن تقدّم عددٌ من البحرينيين للتدرب كطيارين ورفض طلبهم، ومن بينهم الطيار الشيخ راشد بن حسن الخليفة، وأحمد الجامع، ويوسف صلاح الدين، وعبد الرحمن فضل وأنا، لكن الوحيد الذي تمكّن من تحقيق هذا الحلم وعلى حسابه الخاص عبد الرحمن القعود.
يوم الجمعة (10 مارس) واصل العمّال إضرابهم، وأرسلت مجموعة من قوات فرقة الشغب لمراقبة الموقف، وكانت لديهم تعليمات بالسماح للعمّال بمغادرة مكان الاعتصام، وعدم السماح لأي عامل بالعودة للعمل، في محاولة لإفشال الإضراب بتضييق الخناق على العمّال المضربين وعزلهم والاستعانة بعمالة أخرى. وفي يوم السبت (11 مارس) ترددت إشاعات عن إضراب في وزارة الصحة، بعد أيام من تعليق عمّال مستشفى السليمانية لافتات على جدار المختبر بشأن مطالبهم، ولكن الوزارة لم تستجب لهم، ما أجبر العمّال على إعلان الإضراب يوم السبت في جميع أقسام وزارة الصحة.
وبعد ذلك قابل وزير الصحة آنذاك علي فخرو المضربين وطلب منهم انتداب لجنة لمقابلته والبحث في مطالبهم، فرفضوا خوفاً من التعرض للاعتقال، فردّ عليهم بأنني أضمن لكم حريتكم، وإذا اعتقل أحد منكم سأستقيل.
توسع الاضرابات
ليلة السبت بدأت حملة اعتقالات طالت بعض أعضاء اللجنة التأسيسية، واعتقل علي الشيراوي في المطار بعد عودته من المؤتمر التأسيسي للاتحاد الوطني لطلبة البحرين الذي انعقد في دمشق.
يوم السبت بدأ إضراب عمّال المنطقة الصناعية التي تضم حوالي 12 شركة مقاولات، وخرجوا في مسيرة إلى وزارة العمل، وبعد التهديد بتفريقهم تم التوصل إلى اتفاق مع العمال بنقلهم إلى الوزارة بالباصات، حيث بقوا أمامها حتى الواحدة والنصف دون أن يتحرّك أحدٌ من المسئولين لمعرفة ما يريد هذا التجمّع السلمي. وقدّمت اللجنة التأسيسية مذكرةً سلمتها باليد إلى وزير العمل وأخرى إلى وزير العدل، تضمنت انتقاداً للحكومة بعدم الاهتمام بمطالب العمال والتقاعس في الرد عليهم طيلة 7 أشهر.
في يوم الأحد (12 مارس) تجدّدت المسيرات العمّالية، وكانت أكثر تنظيماً، وتركزت الهتافات على العمل النقابي والأجور، وانضمت مجموعات عمالية جديدة للاضراب. وكان العمّال يؤكدون على عدم التوجه للمدارس لكي يبقى طابع التحرك عمّالياً بحتاً. ورافق ذلك استنفار أمني أمام مصنع الألمنيوم وشركة طيران الخليج والمنطقة الصناعية ومصنع التكرير. واتجه العمّال إلى وزارة العمل على أمل مقابلة الوزير وسلمت له رسالة تطالبه بمعالجة الوضع. ثم قرر العمّال التوجه إلى مبنى الحكومة حيث يعقد مجلس الوزراء جلسته، وعند التجمع أمام البوابة الشرقية، جاء عدد من الوزراء أمام المبنى، وكان يقف خلفهم هندرسون وشور وهيكنز، وفرقة من الشرطة. وطلب وزير العدل من العمّال أن يشكلوا لجنة تمثلهم، فأجمعوا على اللجنة التأسيسية التي طالبت بفتح الباب وإبعاد الشرطة تجنباً للاستفزاز، إلا أن اللجنة الحكومية (الوزراء) رفضت الطلب، مع ذلك طرح العمال مطالبهم الرئيسية: تشكيل نقابة، وهو طلب قدم قبل ستة أشهر لوزير العمل دون تلقي رد؛ وتوفير العمل للعاطلين وتطبيق شعار «بحرنة الوظائف»؛ وزيادة الأجور؛ وإطلاق سراح العمّال المعتقلين ووقف حملات الملاحقة والتفتيش.
طلبتم الجزء وسنعطيكم الكل
وردّ وزير العمل بالقول: إنكم تطلبون الجزء (النقابات)، وأنا أقول لكم أن الحكومة ستعطيكم الكل (الدستور)، وهو ينظم حقوقكم وواجباتكم، وستصدر مراسيم أميرية بذلك خلال أسبوعين. أما عن عن بحرنة الوظائف فهي تحتاج إلى وقت وقد شكلنا لجنة تجتمع يومياً لرسم الخطط التنفيذية. أما زيادة الأجور فإنّ هذا الخلاف بينكم وبين الشركات التي تعملون بها ونحن سنطالب بتكوين لجان لكلّ شركة وستقابلها لجنة من الوزراء. أما إطلاق سراح المعتقلين فقال إننا الآنَ في حالة طوارئ، ويمكن أن يكون قد جرت بعض الاعتقالات، وربما ألقي القبض عليهم لاشتراكهم في الفوضى وتخريب بعض الممتلكات العامّة. فرد العمّال أنّ الاعتقالات تمت قبل حدوث الاضطرابات، ولم نتمكّن من النوم في منازلنا بسبب ملاحقة الشرطة. فقال وزير العدل: «إنني كوزير للعدل أقول لكم انه لن يُعتقل أيّ شخص مجدداً وهذا وعد منّي. والمجموعة التي ألقي القبض عليها سيُحقّق معها وإذا لم يوجد ضدها شيء سيطلق سراحها. وختم بقوله: «مطالبكم ستتحقق. بس... ارجعوا للشغل».
وحين طالبه أعضاء اللجنة التأسيسية بتطبيق الباب الثالث من قانون العمل 1957، رد الوزير بأن الجو الآنَ متوتر وليس في الإمكان الاجتماع، وتعالوا غداً حاملينَ مطالبكم وسنقابلكم، فقلنا إن هذا الجو من أنسب الأجواء للمفاوضات.
الحوري والمحرقي
في صباح الإثنين (13 مارس) بدأت الأحداث تأخذ مجرى آخر، قمع أمني وردود فعل من العمّال، رغم حرصهم على التحرك السلمي وعدم إتاحة الفرصة للطرف الآخر لتخريبه، ما سبب إرباكاً للسلطة، لأن استمرار الحراك السلمي يمنح العمّال تأييداً أوسع من الجمهور. وحين وصلت مسيرة العمّال من المنطقة الصناعية إلى قرب الشيراتون يتوسطهم أعضاء اللجنة التأسيسية لمقابلة اللجنة الوزارية كما وعدت أمس. كانت فرقة الشرطة في حالة استنفار، وما أن توقف العمّال حتى أُطلقت القنابل المسيلة للدموع. كانت نوعاً جديداً خانقاً، ومختلفاً عما استخدم في أحداث 1965 التي عرفناها جيداً وخصوصاً أهالي المحرق، وقد أطلقت بشكل مباشر إلى صدور العمّال الذين كانوا في الصف الأوّل. بعدها تفرقت المسيرة على صوت إطلاق الرصاص الحي (الشوزن). وجاء الرد من الطلبة لمساندة العمّال، حيث بدأوا يرشقون الشرطة بالحصى. ولن أنسى ما حييت مشهداً تجسّدت فيه روح الجسارة والاقدام والشجاعة، حين فتح المناضل العمّالي جليل الحوري (رحمه الله) صدره صارخاً: «اضرب اضرب... يامرتزق». وتمكنتُ بصعوبة من سحبه بعد أن نجا من موت محقق.
تفرق العمّال وانتقلت مجاميع منهم إلى منطقة الحورة، وهناك دارت مناوشات أخرى بالحجارة والمسيل والرصاص والهراوات، وأقام العمال متاريس في أكثر من شارع في طريق سيارات الشرطة التي وصلتها امدادات أخرى. وتكرّر ذلك في منطقة النعيم وحول مدرسة علي بن أبي طالب الابتدائية ومنطقة العوضية. يومها جاءني أحد العمال الغاضبين من الحالة بالمحرق، قائلاً: هؤلاء لا يفيد معهم إلا العنف، وتوعد بضربهم بالقنابل. فسألته عن أي قنابل تتحدث؟ قال أنا أعرف كيف أصنع هذه القنابل. قنبلة واحدة صوتية سوف تردعهم. فسألته: وكيف ستجلب قنابلك من المحرق إلى المنامة وجميع العابرين يتم تفتيشهم؟ فقال عن طريق البحر بالهوري (القارب). وهنا ارتسم أمامي ما سيؤول إليه إضرابنا العمالي السلمي من بطش.
حاولت إقناعه بالإقلاع عن هذه الفكرة لعدم إعطاء الطرف الآخر الفرصة التي يريدها، فحملق بوجهي لبرهةٍ، ثم ركب دراجته النارية وانطلق صوب المحرق. ويبدو أنه أتلف قنابله البدائية، فقد رأيته في اليوم التالي يهتف مع العمال «الوحدة الوحدة يا عمال».
في الصباح التالي كان عددٌ من العمّال متجمهرين أمام دوّار القفول حيث موقف سيارات شركة بابكو، فتدخلت فرقة الشغب بالهراوات لتضربهم دون سابق إنذار، ووقعت أكثر من إصابة.
دخول الطلبة على الخط
في صباح يوم الاثنين أيضاً (13 مارس) خرج الطلاب من المدارس، وهو حدثٌ ترك الكثير من التبعات المؤثرة في تطور الحوادث. من الواضح أن العمّال حدّدوا موقفهم من مسألة عدم خروج الطلاب في التحرك، بشهادة المعلمين والمعلمات بأن العناصر التي دخلت المدارس لإخراج الطلاب كانت عناصر غير عمالية، ومما يثير الريبة البيان الذي عمّمته وزارة التربية والتعليم على جميع مديري ومديرات المدارس بالسماح لكل من يريد ترك المدرسة من الطلاب بالخروج، وترك أبواب المدرسة مفتوحة، ما يدلّل على وجود تدبير مسبق لضرب التحرك العمّالي، بدس عناصر تقوم بأعمال تخريب كما حصل من تكسير لأضواء الإنارة لفندق دلمون، وإحراق مكتب المحامي المرحوم حميد صنقور حيث كان مستشاراً للجنة التأسيسية.
كان الإضراب شمل مصنع الألمنيوم (ألبا) وزلاقة السفن ودائرة الكهرباء، وقسم من عمّال شركة نفط البحرين (بابكو)، وشركات المنطقة الصناعية في ميناء سلمان الذين يتجاوز عددهم ثلاثة آلاف عامل. وزادت الاعتقالات العشوائية وملاحقة أعضاء اللجنة التأسيسية، فاعتقل أكثرهم والبقية لم يعودوا يبيتون في منازلهم. واتخذت اللجنة قراراً بالعودة إلى الإضراب في مواقع العمل من جديد وليس المسيرات في الشوارع بعدما حدث من مصادمات.
في يوم الثلثاء (14/ مارس) خرجت مظاهرات عمّالية في المنامة، وتم التصدي لها بمسيلات الدموع، وجرح عدد من المتظاهرين. كما تم مهاجمة العمال المعتصمين لإجبارهم على ترك أماكن عملهم وفك الاعتصام، ووقعت إصابات. كما تم إحضار مجموعة من البدو من بلد مجاور هاجمت عمال بابكو في سياراتهم بالهراوات.
حملة الاعتقالات
وشملت حملة الاعتقالات عدداً من الطلبة والمدرسين، وأنزلت قوات أمنية أخرى في دوارات الشوارع الرئيسية والمطار وأمام مصنع الألمنيوم ومبنى الإذاعة وخزانات النفط في عراد وسترة.
في اليوم التالي (الأربعاء 15 مارس) هاجمت الشرطة عمال (ومبى ديلونج) المعتصمين في مكان عملهم واستخدمت الهراوات وقنابل الغاز الخانق. ولاحقتهم خارج العمل حيث كانوا يصرون على عدم العودة إلى العمل دون تحقيق أي من مطالبهم. كما أطلقت عيارات نارية لإرهاب العمال.
كان اتصال العناصر المتبقية من اللجنة التأسيسية مازال قائماً مع وزير العدل رئيس اللجنة الحكومية التي شكلت لمعالجة النزاع العمالي، وهم وزراء العدل والعمل والبلديات والزراعة، بالإضافة إلى وزير الصحة فخرو الذي طلب مقابلة أعضاء اللجنة في بيته بترتيب من محمد قاسم الشيراوي، حيث تعهد لهم بأن أحداً من العمال لن يُعتقل، وأعطى أعضاء اللجنة ضمانة بحرية التحرك دون أن يعترضهم أحد، وذلك من أجل الاتصال بالعمال وحثهم على العودة للعمل.
كانت الحكومة تصر على أن تكون هناك لجان عمالية في مجالات العمل في الوقت الذي يرفض العمال ذلك قائلين بأن أحداً لا يضمن لنا عدم اعتقال أي لجنة ننتخبها مادام الحال هكذا بالنسبة لأعضاء اللجنة التأسيسية، وطالبوا بضمانات. والوزير فخرو الوحيد الذي قدم ضماناً بعد المفاوضات معه، فتشكلت أول لجنة عمالية في الصحة ولعبت لاحقاً أروع الأدوار، حيث فاق نشاطها آنذاك، عمل الكثير من نقاباتنا اليوم.
كان للنشطاء العماليين سلمان كمال الدين وشاكر عقاب والمحاري وعمر الشملان وآخرين، دور رئيسي فيما حصل لاحقاً من تحقيق مطالب عمال الصحة. وللأمانة التاريخية لقد أوفى الوزير فخرو بما وعد حيث وافق على تشكيل اللجنة العمالية.
في شركة الألمنيوم (ألبا)، دارت مناوشات بين قوات الشغب وعمال الألمنيوم، حيث هاجمت الشرطة المصنع لضرب العمال بمسيلات الدموع والرصاص، وظل العمّال داخل وحدات المصنع في حالة تأهب بالرافعات وأواني غرف الألمنيوم المليئة بالألمنيوم المصهور، لسكب الماء في الأحواض الذي سوف يؤدي لتعطيلها. وطلبت الشركة من العمال تكوين لجنة للتباحث مع الإدارة، وتشكلت اللجنة واجتمعت مع مسئولي الشركة حيث طرحت مطالب العمال المشروعة. وأوضح مسئولو الشركة أنها مستعدة لتلبية المطالب ولكن الحكومة لا تقبل ذلك بحجة أنها ستبحث الأمر في جميع الشركات، وذلك لتبرئه ذمتها مما سيترتب على هذه السياسة. وأصدرت الشركة بياناً تعلن فيه عن حل اللجنة المنتخبة من العمال، وتطالب بتشكيل لجنة عمالية أخرى للجلوس مع اللجنة الوزارية الرسمية لبحث المطالب نفسها!
في شركة طيران الخليج عقد اجتماع مع وزير التنمية يوسف الشيراوي حيث أبدت الشركة استعدادها لتحقيق مطالب العمال، إلا أنّ الوزير رفض ذلك بحجة أن تحقيق مطالب عمّال هذه الشركة، سيجعل عمال الشركات الأخرى يصرون على مطالبهم، فضلاً عما يعنيه ذلك من تبعات في المستقبل على تدفق الرساميل الأجنبية. وقد حدث الشئ ذاته في شركة ألبا التي أوضحت في بيان أصدرته أن المسئولين الحكوميين يرفضون الاستجابة لمطالب العمال.
في أعقاب هذه الحركة تم إعتقال جميع أعضاء اللجنة التأسيسية لعمال البحرين وبعد أسابيع من التخفي استطاع مطيوع السفر في 24 أبريل/ نيسان 1972 إلى دولة خليجية لتجنب الاعتقال، وشارك في مؤتمرات عدة ممثلاً للاتحاد العام للعمال والموظفين وأصحاب المهن الحرة.
ومع الانفراجة الأولى في 74 التي رافقت المجلس الوطني تم الإفراج عن المعتقلين، وعاد مطيويع للوطن. وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني 1976 اعتقل لمدة 8 سنوات توقيفاً لا حكماً حتى أطلق سراحه في أبريل 1984.
في آخر المطاف... يتذكر مطيويع لحظة من لحظات التجلي لشاعر بحريني وهو في زنزانته يقول لأصحابه: «أُريك أوال تؤول لأهل الدار. أريك أوال تصير، وتكبر كالأطفال». ويعلّق قائلاً: لقد كبرت أوال كما يكبر الأطفال لكنها لم تؤل إلى عشاقها الذين قدّموا التضحيات طوال العقود الماضية، وليس المتسلقين والطارئين على السياسة من شرايب البطح.
العدد 3493 - الجمعة 30 مارس 2012م الموافق 08 جمادى الأولى 1433هـ
شكرا لكم
شكرا على هذا السرد التاريخي لهذه الفترة الحساسة من نضال الشعب البحريني.