العدد 3495 - الأحد 01 أبريل 2012م الموافق 10 جمادى الأولى 1433هـ

الخنسا... في «نصيبك في الجنَّة»... قصّ بطريقة عادية

في رواية «نصيبك في الجنة» تروي الكاتبة اللبنانية نرمين الخنسا أموراً عادية وبطريقة عادية ومع ذلك فهي تقصّ بسرد سلس وبتشويق يجعل القارئ يغفل عن عادية الموضوع وعادية الكلام. والمقصود بالعادي هنا الكلام المأخوذ من سير الحياة العادي بعيداً إلى حد ما عن الانتقائية التي تميز العمل الفني حتى حين يتناول الواقع بتفاصيله.

وربما صح القول في عمل نرمين الخنسا الأخير إنه يروي ويسرد بسلاسة لكن القاريء قد يفتقد «الرواية» فيه بمعنى الرواية المكثفة التي تقرع أمام القارىء أبواب الاحتمالات العديدة.

لكن روايتها تضعها أمام خيارين «هذا» أو «ذاك» في شكل شبه آلي. ومع المتعة التي يأخذها القارىء من كتاب نرمين الخنسا هذا ومع السرد الناعم السلس الذي تقدّمه له يبقى هناك شعور مسيطر عليه وهو أن هذا العمل ربما كان أصلح لقصة قصيرة منه لرواية وأن الكاتبة استطاعت بقدرتها أن تخفف من أثر ذلك. وقد جاء الكتاب في 133 صفحة متوسطة القطع وصدر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» في بيروت.

تبدأ الرواية من النهاية... والبطلة في الطائرة متوجهة إلى باريس بعد تجربة حب مرة. وعلى غرار قول الشاعر القديم: «وتلفتت عيني ومذ خفيت عني الديار تلفت القلب» تكتب نرمين برهافة مؤثرة عن الموضوع.

تقول البطلة وهي كاتبة رواية عند وصف انطلاق الطائرة: «تحاشيت النظر من النافذة لحظة الإقلاع والتفت إلى الناحية الأخرى في محاولة مني للهروب من الذكريات ومن تلك الأمكنة التي عشقتها مقررة الابتعاد عنها لعدة أشهر والتخلص منها حتى المشهد الأخير. «غابت المدينة تحت السحاب بعدما تباعدت تفاصيلها شيئاً فشيئاً فتلاشت وغارت معها هموم كثيرة أودعتها هناك عند شواطئها ومفارقها وبين حجارتها متسائلة ماذا سيحمل لي الزمن من جديد؟ وبما ستعدني تلك الأيام الآتية؟ وهل سيمحو البعاد كل هذا الشوق والحنين؟»... «يا رب» قلت وأنا ألقي برأسي إلى الوراء وكأنني ألقي حملاً ثقيلاً عني متنهدة بصوت خافت في محاولة مني لإغماض عيني للغوص أكثر في داخلي ولترتيب أفكاري الشاردة وحصرها في أهداف الرحلة.. النسيان.. النسيان!» وفي الطائرة كان يجلس بقربها شاب حاول جهده لفتح حديث معها. وفي وصف ظريف لادعاء الرجل وكذبه تروي لنا أنها كانت تحمل نسخة من روايتها الأخيرة حين سألها عن الكاتبة فلم تخبره أنها هي نفسها الكاتبة. وادّعى أنه يعرف الأخيرة وله معها علاقات ومغامرات وأنه سيعرفها عليها في المستقبل. وتصف دخول الطائرة في مطبات هوائية أرعبت الركاب فتقول بطريقة مؤثرة «عشرون دقيقة مرت ونحن على هذه الحال. عشرون دقيقة جعلت من هذه الطائرة معبداً جماعياً يطير بجناحين ومسرحاً لكل الانفعالات البشرية.. فذاك الرجل يسحب مصحفاً صغيراً من جيبه بحماسة ويقرأ منه بعض الآيات القرآنية وبمشاركة جاره الذي استعان بحبّات سبحته الزرقاء يحاول معها تهدئة زوجته التي ضمت ابنها وهي تبكي إلى صدرها... فيما كانت تلك السيدة ترتجف وهي تخفي وجهها بين ساقيها وتمسك بيد سيدة أخرى كانت ترسم إشارة الصليب على صدرها وعلى وجهها».

أما القصة الحقيقية فتبدأ مع عامر الذي كانت تلتقي به «في معظم المناسبات الثقافية التي كنت أوجد فيها». شخصية قوية وثقافة واسعة والمهنة محام. كان قد فقد زوجته قبل سنوات ثلاث وبدا أنه يهتم بالبطلة التي كانت تشعر بأنها في سن لم تعد فيها احتمالات الحب واردة خاصة أنها اشرفت على الخمسين. لعامر - وهو اسم الرجل - وآراؤه وتصرفاته ولقاءاتهما القسم الأعظم من الرواية؛ اذ كرّست له وللعلاقة به الصفحات الواقعة بين الرقم 21 والرقم 133. ركز عامر على البطلة ولاحقها باهتمامه وبإعجابه وكانت هي في حال من التردد والخوف من صدمة جديدة تضاف إلى صدمات أصابتها في علاقات سابقة جعلتها تعتقد أن «نصيبها في الجنة» مستعيرة هذا القول من إحدى جاراتها ممن فاتهن قطار الزواج.

وتعلقت «ريان» بعامر واستيقظت عواطفها بعد أن كانت في شبه رقاد بسبب الخوف من خيبة أمل جديدة. تقول إنها بعد أن قررت منح نفسها «قسطاً جديداً من العاطفة ليدفأ هذا القلب من وطأة الجليد... تواترت اللقاءات بيني وبين عامر... وراحت علاقتنا تتنامى وتزداد حرارة يوماً بعد يوم لتشرق أيامي بصباحات جميلة وأحلام وردية نثرت دروبي بعطر من الكلمات والأحاسيس الجديدة. «علاقتي بعامر جعلتني اتصالح مع نفسي ومع أنوثتي التي أخذت أفرد لها مساحات أوسع في خريطة اهتماماتي فبدأ أنواع جديدة من أساليب التبرج والعطور تغزو خزانتي».

العدد 3495 - الأحد 01 أبريل 2012م الموافق 10 جمادى الأولى 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً