رأى المحلل المالي في بنك نومورا طارق فضل الله، أن الحكومات والمصارف المركزية في الاقتصادات المتطورة لا تتدخل مباشرة في أسعار الموجودات تاركة إلى الأسواق تحديد القيمة المناسبة. ولكن ذلك واجه انتقادات من الذين يشعرون أن الفقاعات الداخلية قد يكون بالإمكان تحاشيها من خلال سياسات نقدية نشطة.
لكن الاقتصادي فضل الله، ذكر أن التدخل من قبل السلطات المالية في الأسواق الناشئة يفرض أكثر بسبب أن هذه الأسواق غير ناضجة وغير متطورة وكذلك بسبب قلة توافر السيولة بها.
وقال فضل الله: «ردت السلطات المالية الإقليمية التي فقدت الفرصة لمنع الارتفاع الكبير في قيمة أسعار الأسهم العام الماضي بتفهم ورغبة لاستقرار الأسواق وإعادة الثقة إليها. ومن ضمن الإجراءات الجديدة تم تقليص تمويل الأسهم وتم تشجيع تجزئة الأسهم وتخفيض متطلبات الفائدة وتم السماح لشراء الأسهم مرة ثانية (buybacks) مع وضع بعض الحواجز بشأن تطبيقها». وأضاف «الرغبة في عودة السوق إلى مستواها المنخفض يجب أن تتوازن مع الاستعداد لوضع غطاء يحدد الارتفاع أو المجازفة بدخول مضاربين جدد في الأزمة القديمة والإخفاق في حل دائم. إن تنشيطاً صحياً ومقبولاً مبنياً على قاعدة قوية يحتاج إلى مبالغ كثيرة. والتاريخ أظهر أن الحل الأولي هو الأكثر فعالية وطريقة يمكن من خلالها تقليل الضرر والتعامل مع المشكلة». وقال فضل الله: «قد يكون الخطر الأكبر على أسواق دول الخليج العربية هو الشعور باللامبالاة الذي قد يحدث إذا أخفقت الأسواق في تنشيط الثروات بطريقة مستمرة وتعرض على التجار الفائدة التي يرغبون في جنيها. الأموال هي وسيلة على المدى الطويل والفعالية العالية تسعى للحصول على أفضل مردود وتخطي مخاطر أسواق الأسهم المتعرجة التي تقدم ربحاً متوسطاً وتحاول عرضه». إن المشي في الأسهم المحلية قد يكون جزئياً بسبب الإثارة بشأن الاحتمالات الاقتصادية الإقليمية ولكنه أيضاً بسبب قدرة المستثمرين تحصيل أرباح سريعة على الطروحات الأولية للأسهم وتحويل الادخار إلى ثروات طائلة وأن الأثر النفسي لهذا الحماس بصراحة ليس مثل الذي رافق أسهم الانترنت في السنوات القليلة الماضية حتى هبطت الأسهم ونشفت الكميات. وتساءل هل لايزال أحد يملكpriceline.com أو Softbank؟ وقال فضل الله: «الذي يكتشفه الجميع وعلى حسابهم هو أن العلاقة في الأسواق المالية ظاهرية ومبنية على الملاءمة بدلاً من الحب الحقيقي». وتطرق إلى القلق بشأن الوضع الإقليمي فقال فضل الله: إن القلق السياسي يكاد يكون قد انتهى ولا يجب المبالغة فيه ولكن ظلال النزاع في المنطقة لم يكن أبداً بعيداً عنها ويحمل في طياته مخاطر عدم التأكد وهجرة رؤوس الأموال. وكما هو مفهوم خلال الأوقات الحالية من أن احتمالات زيادة أرباح جميع الشركات المسجلة في البورصات بطريقة مستقيمة إلى مستقبل غير منظور المسجلة هو أمر مضلل. وفي الحقيقة فإن الأرباح العالية في معظم الصناعات يتم تحقيقها فقط من خلال تمديد التحرر الاقتصادي المتواصل والعمل غير المنظم بالإضافة إلى التباطؤ الطبيعي في القدرة التوسعية.
وتقول الاقتصادات المالية: إنه في حال السيولة الوفيرة وانخفاض نفقات رؤوس الأموال فإن هذه الأموال ستغادر إلى الصناعات التي لديها معدل أرباح مرتفعة حتى يحدث التوازن بين المجازفة والأرباح.
وذكر الاقتصادي «هذا ليس دائماً ممكناً في قطاعات محمية بحواجز كبيرة للدخول أو نظم متينة مثل الصيرفة وصناعة الاتصالات التي تحتاج إلى رؤوس أموال طائلة ورخص. والاتصالات مثال على ذلك إذ إنها صناعة دولية معروفة لجميع المستثمرين العالميين والتي بإمكان أي شخص الدخول فيها». وأضاف «الزوبعة التي حدثت في الآونة الأخيرة بشأن أسعار الانترنت وأسعار الاتصالات الدولية وعدم السماح بخدمة الصوت عن طريق الانترنت (Voice over Internet Protocol) تترجم التحديات التي يواجهها هذا القطاع. ولكن هذه الإجراءات غير ذي جدوى وتخدم فقط خمد الأصوات وتضر بميزات المنافسة لكل الأعمال تقريباً وتخدم تأخير أمر هو قادم بالتأكيد مثل طلوع الشمس».
وذكر فضل الله أنه على رغم احتمالات عدم التأكد فإن قيمة السوق لمعظم اللاعبين الإقليميين تظل أكثر ضخامة عند مقارنتها بمثيلاتها الدولية والأسواق الناشئة.
وتنشر شركات الاتصالات الإقليمية أجنحتها لشراء حصص في الأسواق الناشئة في محاولة لتبرير قيمتها ولكن شركة ام تي ان (MTN) في جنوب إفريقيا تعرض ذلك بأسعار مخفضة. وقال فضل الله: مع مرور الوقت فإن الضغط للإصلاح سيكون أقوى وخصوصاً في الدول التي تخطط للدخول في منظمة التجارة العالمية أو تلك التي انضمت إليها. وأضاف «في المستقبل المنظور على أية حال فإن معظم الشركات ستستمر في الحصول على (الحلاوة)، حيث نمو الطلب وقلة الطاقة المتوافرة سيعطيان أرباحاً مبنية على معدل لا يمكن الاحتفاظ به لمدة طويلة». وتطرق إلى سعر الدولار، فقال فضل الله: على رغم الآراء المختلفة التي يعرضها الخبراء عن سعر الدولار فإن احتمال إنهاء البنك المركزي الأميركي تشدده على الدولار يهدد العملة ويجلب مخاطر من ارتفاع كلفة الواردات في دول الخليج العربية ويساهم في التضخم.
ويقول فضل الله: إنه على رغم الحقائق المعروفة الضاغطة على الأسواق فمن الصعب الاحتفاظ بالموقف المتحفظ على المدى القصير وسط توقعات بنمو اقتصادي إقليمي قوي ومعدلات أرباح قياسية. وأضاف «المنطقة متشجعة باستثمارات القطاع الخاص بقيادة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة العربية السعودية والمتوقع أن ينمو بنحو ثمانية في المئة أو أكثر هذا العام. الشعور الحقيقي الجيد والأموال قد تثبت عدم القدرة على المقاومة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وجذب مستثمرين يرغبون في المشاركة في جني الأرباح»
العدد 1483 - الأربعاء 27 سبتمبر 2006م الموافق 04 رمضان 1427هـ