جاء المرسوم بقانون (78) لسنة 2006 الصادر عن جلالة الملك يوم 14 سبتمبر ايلول الماضي بإضافة المجمعات السكنية الجديدة الى الجداول الخاصة بالإنتخابات وتحديد عدد اللجان الفرعية للإقتراع والفرز ليستثير الكثير من الناشطين والمهتمين، ومنهم أعضاء في البرلمان، وقد وددنا من خلال هذا الموضوع استطلاع آراء نواب وبلديين، لكننا وجدنا المشاركة من جانب النواب محدودة للغاية خلاف مبادرة الأعضاء البلديين للإدلاء بآرائهم، فقد كان محور الإستطلاع هو: هل جاء المرسوم ليعيد تشكيل الخريطة الإنتخابية بصورة سلبية، وما هي نقاط الخلاف في المرسوم الجديد؟
وتبدأ الإجابة من عضو المجلس البلدي لبلدية المنامة ممثل الدائرة الثانية مجيد ميلاد بأن توزيع الدوائر الانتخابية في المحافظات غير عادل، فيما رأى عضو المجلس البلدي لبلدية المنطقة الشمالية محمد علي سلمان بأن التوزيع لم يراع الكثافة السكانية ومستوى الخدمات في الدوائر الانتخابية.
ويشير ميلاد «إن التوزيع غير عادل إذا ما قارناه بعدد السكان من دائرة إلى أخرى، ومن محافظة إلى أخرى؛ ولدينا مثال على ذلك وهي الدائرة الثانية في العاصمة، فعدد الناخبين فيها 13 ألف و 650 مقسمين على 6 مجمعات، أما الدائرة الثامنة في العاصمة أيضا، فعدد الناخبين ألف و 800، والفارق بين الدائرتين يقارب 12 ألف ناخبا!».
ويستطرد» هذا بالنسبة للعاصمة، ولنأخذ مثالا من الشمالية؛ الدائرة الرابعة بها 22 ألف ناخب أما الدائرة الثامنة فتحوي 9 آلاف و800 ناخب وإذا ما قارنا بين المحافظة الجنوبية في دائرتها الثانية وعدد ناخبيها 400، وبين المحافظة الوسطى في دائرتها الثانية وعدد ناخبيها 10 آلاف، سنعرف حينها الفرق الكبير في عدد الناخبين في دوائر المحافظة الواحدة والمحافظات الأخرى، وهذا يدلل على أمر واحد وهو أن توزيع الدوائر الانتخابية ظالم بكل مقاييس الكلمة».
ويقول: «هناك أمر غريب في الدائرة الثانية في العاصمة، فبدل أن تزيد مجمعاتها في النيابي قلت، مع العلم بأن عدد النواب أقل من عدد البلديين في العاصمة، فكانت الدائرة ستة مجمعات في الانتخابات البلدية وهي: 301، 302، 304، 305، 306، 307، أما في الانتخابات النيابية فأصبحت خمسة مجمعات وهي: 301، 304، 305، 306 و 307، وهذا يعطي مؤشرا بأن الدوائر مظلومة بصورة كبيرة، وتقسيم الدوائر غير منصف، وهناك دائرة سماهيج والدير تساوت مثلا في الانتخابات البلدية والنيابية».
سلمان: الكثافة السكانية هي المعيار العالمي
في الإطار نفسه ينوه عضو المجلس البلدي لبلدية المنطقة الشمالية محمد علي سلمان بأن المقياس العالمي لتوزيع الدوائر الانتخابية يعتمد على الكثافة السكانية، قائلا: «التغيير في توزيع الدوائر الانتخابية لن يكون إيجابيا بتاتا بالنسبة للمجالس البلدية، وكأن العمل البلدي ربط بالعمل النيابي وهو أمر غير صحيح بكل المقاييس... هناك فرق بين مستوى احتياجات الدوائر للخدمات الأساسية والبنى التحتية، فلا يمكن مثلا أن نقارن وضع مدينة حمد مع بقية القرى في الشمالية من حيث الاحتياجات، وكما هو معلوم لدينا قرى تكاد الخدمات الأساسية تنعدم فيها، وهناك دوائر قليلة في كثافتها السكانية ولكنها بحاجة إلى خدمات أساسية أكثر من أية منطقة أخرى».
ويضيف سلمان «كل المجالس البلدية متضايقة من التوزيع غير العادل، فهل يعقل أن يكون عدد الناخبين في المحافظة الجنوبية كاملة يعادل عدد الناخبين في دائرة واحدة، ولنتصور الضغوطات التي ستلقى على كاهل الممثل البلدي».
محفوظ: أكثر من مرشح في الدائرة الواحدة
ويعلق عضو المجلس البلدي لبلدية المنطقة الوسطى عباس محفوظ على دمج الدوائر الانتخابية، مشير إلى أن إعلان الدمج حدد عدد الدوائر الانتخابية، لكنه لم يحدد عدد المرشحين في الدوائر، والقانون يتيح وجود أكثر من عضو بلدي في الدائرة الواحدة.
ويؤكد محفوظ أن «دمج الدوائر الانتخابية فيه إجحاف كبير لبعض أعضاء المجالس البلدية، إذ سيتحملون أعباء إضافية نظرا لكبر حجم ومساحة دوائرهم، خصوصا في القرى التي تحتاج إلى متابعة حثيثة من قبل العضو البلدي مع الجهات الخدمية، هذا إلى جانب ازدياد كمية الاتصالات التي يتلقاها العضو ما سيؤثر من دون أدنى شك على نشاطه ومتابعاته للقضايا ومشكلات الناس».
ويقول : «إن الدمج غير مبرر أبدا، إذ لا يوجد أي ارتباط بين مسئوليات عضو المجلس البلدي وعضو البرلمان، فالممثل النيابي يمثل الوطن ككل ويشرع للجميع، وإذا ما أخذنا مسألة الدوائر فإنه يستفيد منها في الانتخابات فقط ولا يعني صغر الدائرة أو كبرها شيئا، على عكس عضو المجلس البلدي الذي سيحمل أعباء جديدة كلما كبر حجم الدائرة. وإذا ما أردنا التحدث عن المعيار الصحيح فهو عدد الناخب.ين مضروبا في المساحة الموجودة».
ويتفق ميلاد مع محفوظ وسلمان في معيار الكثافة السكانية إضافة إلى المساحة الجغرافية، ويقول: «باستطاعتنا إضافة معيار ثالث لتوزيع الدوائر الانتخابية وهو مدى توافر الخدمات في كل دائرة، وليس من الصعب تقسيم الدوائر بشكل عادل بحيث ينال كل مواطن حقه في اهتمام الدولة بحسب ما نص عليه القانون، وبحسب ما تشير إليه المواثيق والقوانين الدولية التي وقعتها مملكة البحرين».
عيسى: أسباب الدمج غامضة!
من جهته، يوضح عضو المجلس البلدي لبلدية المحرق حسين عيسى بأن أسباب الدمج في الانتخابات غير معلنة وغامضة، قائلا: «لا ندري لماذا أعلن الدمج أساسا، هل هو على أساس جغرافي؟ أم أنه أعلن على أساس طائفي؟ وكان الأجدر بالحكومة أن تقوم بعمل دراسة وافية وعلمية لكي يكون بمقدورها أن تسرد الحجج العلمية الداعمة لهذا القرار».
ويبين عيسى بأنه يحمل قرار الدمج بنية حسنة - بحسب قوله - ويشير» لنتوقع الأفضل، ونتمنى أن يكون ما ذهبنا إليه هو ما حدث فعلاً، فإذا ما أخذنا ذلك بنية حسنة، فإن سبب تأخر الإعلان، وقرار الدمج وتقليص الدوائر الانتخابية يأتي لأن لدى الحكومة قاعدة واضحة للدمج، ولنيتها الموائمة في تحديد موعد الانتخابات البلدية والنيابية وذكرى العيد الوطني، أنا أضع في عين الاعتبار هذا الاتجاه، أما إذا كان هناك أي سبب آخر لما تم فالعلم عند الله».
ميلاد: تقليص الدوائر بحجة المصروفات أمر غريب!
ويعرج ميلاد على مسألة تقليص الدوائر الانتخابية من 50 إلى 40، موضحا بأن «السبب المعلن لتقليص الدوائر غير مبرر، فلا يمكن تبرير ذلك بتقليص المصروفات على حساب الانتخابات. أضف إلى ذلك أن قرار تقليص الدوائر وتوحيدها لا يكون قرارا فوقيا، فالدولة تنطلق في كثير من قراراتها على أساس مشورة ذوي الاختصاص، ونسأل هنا: لماذا لم تتم استشارة أعضاء المجالس البلدية في جدوى التقليص من 50 إلى 40، مع أن البلديين هم أعلم الناس بفحوى التقليص إذا ما كان في مصلحة الوطن والمواطن».
ويواصل «كان من المفترض زيادة أعضاء المجالس البلدية، بمعنى زيادة عدد الدوائر بدل تقليصها، وذلك ليتمكن الأعضاء من تطوير الخدمات في دوائرهم وليسهموا في تطور التجربة البلدية والاتجاه نحو الإدارة المحلية الفعلية».
يستدرك ميلاد «هناك مسألة أخرى تتعلق بالإعلان المتأخر عن دمج الدوائر الانتخابية، فمع العلم بأن توزيع الدوائر غير عادل، مع ذلك لم ترض الجهات المعنية بقبول أن يكون عدد الوفاقيين 22، وكذا الأمر بالنسبة إلى تأخر الإعلان عن الدمج، وأجزم بأن الغرض وراء ذلك هو غرض سياسي بحت، ومن المفترض على الدولة أن تعتمد على الشفافية والديمقراطية في تعاملها مع شعبها ومع المعارضة وغيرها، وأن تكون سباقة في الإعلان عن قرار دمج الدوائر وتقليص عددها... لحد الآن، لا يملك أي أحد في البحرين، سوى الجهاز المركزي للمعلومات، تفاصيل المعلومات المتعلقة بالدوائر الانتخابية وناخبيها».
ويبقى البلديون، والبرلمانيون ينتظرون بشغف موعد الانتخابات الذي لم يعلن عنه حتى الآن... وبعيدا عن الانتخابات الموعودة، يظل دمج الدوائر الانتخابية، وتقليصها الشغل الشاغل للبلديين في كل المجالس البلدية، وربما يفكر من قرر الترشح مرة أخرى ألف مرة، قبل أن يقرر الترشح مجددا، آخذا في الاعتبار المهمات الجسام التي ستضاف إلى مهماته الصعبة، خصوصا في قرى البحرين التي تئن من نقص الخدمات والبنى التحتية. هذا إلى جانب زيادة أعبائه التي ستخلق تلقائيا مع زيادة عدد الناخبين في الدوائر الانتخابية. ويبقى أن نسأل: هل صحيح أن توزيع الدوائر وتقليص عددها، والإعلان المتأخر عن الدمج هو ضرب مباشر لمشروعات التحالف الرباعي؟ والسؤال الأهم: متى سيعلن عن موعد الانتخابات، وكم سيكون عدد المترشحين في دوائر البلديات الانتخابية؟
العدد 1484 - الخميس 28 سبتمبر 2006م الموافق 05 رمضان 1427هـ