قال نشطاء من المنشقين السوريين ومسؤول تركي اليوم الجمعة إن القوات السورية تواصل هجومها وتزرع الألغام قرب الحدود مع تركيا في محاولة لمنع تدفق اللاجئين والإمدادات للمنشقين.
تأتي تحركات الجيش السوري الذي يمكن رؤيته عبر بساتين الزيتون من قرية بوك ألمظ الصغيرة على الحدود التركية قبل أيام من انتهاء مهلة لوقف اطلاق النار كان قد وافق عليها الرئيس السوري بشار الأسد.
وزادت وتيرة تدفق اللاجئين على مخيمات تركية قريبة لتصل إلى 2800 أمس الخميس مع تصاعد حدة القصف في محافظة ادلب الحدودية السورية.
وقال أحمد الشيخ وهو طالب في كلية الحقوق وناشط "أصبحت ادلب الشمالية كلها بابا عمرو أخرى" في اشارة الى الحي الواقع بمدينة حمص الذي دمره القصف في الشهرين الماضيين.
ومن المستحيل التحقق من التقارير الواردة من العديد من اللاجئين الفارين من سوريا حيث تفرض حكومة دمشق قيودا صارمة على دخول المراسلين الأجانب.
وأمكن رؤية طائرة هليكوبتر بوضوح وهي تحلق فوق الجبال على الجانب السوري من الحدود.
وقال صحفي من تلفزيون رويترز خبير بالمنطقة إنها المرة الأولى منذ بداية الأزمة التي يتبين له فيها تحليق طائرات سورية على مقربة من تركيا.
وأورد سكان القرية تقارير عن سماع دوي المدفعية على طول الحدود.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التركية أثناء قيامه بجولة في مخيمات المنطقة إن هناك نشاطا جديدا على مقربة من الحدود.
واضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه "السوريون يزرعون الالغام على الحدود وخصوصا الجزء الجنوبي من ادلب مما يحد من تدفق اللاجئين."
وقال نشطاء إن زرع الالغام يتركز على الأجزاء الجنوبية من الحدود التركية مع سوريا من بلدة حارم غربا باتجاه الساحل.
وقال ناشط حقوقي من ادلب يدعى محمد عبد الله إن "الاسد يستغل الايام الممنوحة له من قبل المجتمع الدولي ليوقف تدفق اللاجئين الى تركيا وتوصيل اي نوع من المساعدات."
واضاف ان مساحة كبيرة من المنطقة الحدودية بدءا من ساحل البحر المتوسط أغلقت فيما لا يدع سوى ممر بطول عشرة كيلومترات على امتداد واد قرب الريحانية يسيطر عليه الجيش السوري الحر.
واضاف "لكنني لا اتوقع استمرار هذا طويلا لاننا نرى قرى وبلدات قريبة تتعرض لقصف مكثف من طائرات الهليكوبتر والدبابات والمدفعية." الا ان اللاجئين ما زالوا يعبرون الحدود ووصل عددهم يوم الخميس وحده الى 2800.
ويقول الاسد إن حكومته تتعرض للهجوم من متشددين اسلاميين مدعومين من الخارج وينفي أن قواته تستهدف المدنيين.
ويؤكد ان دعم حكومات غربية وعربية للمتمردين لن يؤدي الا الى إذكاء العنف وعرقلة التوصل إلى تسوية سلمية. وفي انقرة طالب وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاسد بالوفاء بوعده بوقف العمليات العسكرية.
واضاف للصحفيين "بلغ عدد اللاجئين الذين دخلوا تركيا في الوقت الراهن 23835.
اذا توافد المزيد من اللاجئين فان على الامم المتحدة والمجتمع الدولي اتخاذ اجراء."
وبموجب خطة تحظى بدعم دولي وافقت عليها دمشق يتعين على القوات الحكومية وقف العمليات والانسحاب من المناطق السكنية بحلول العاشر من ابريل نيسان ثم توقف اطلاق النار خلال 48 ساعة.
وقال المبعوث الخاص للامم المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي عنان امس الخميس ان دمشق ابلغته ان سحب القوات يجري من ادلب والزبداني ودرعا.
لكن الامين العام للامم المتحدة بان جي مون قال اليوم الجمعة ان الصراع في سوريا يتفاقم وان الهجمات على المناطق المدنية ما زالت مستمرة.
ويمثل تدفق اللاجئين مبعث قلق بالغا لتركيا التي كانت تعتبر دمشق حليفا اقليميا لكنها الان في طليعة المعارضة الدبلوماسية للاسد وتوفر الملاذ للمدنيين وقوات الجيش المنشقة عنه.
وتخشى تركيا من ان يؤدي انهيار كامل في سوريا الى تفجير موجة من اللاجئين مشابهة للموجة التي تدفق خلالها نصف مليون شخص على الاراضي التركية قادمين من العراق خلال حرب الخليج في اوائل التسعينات.
ويشير مسؤولون في انقرة الى مثل هذا التطور باعتباره احد الاشياء القليلة التي قد تجعلها تفكر في اقامة منطقة آمنة على الجانب السوري.
وسوف يجعل وجود قوات سورية على مسافة قريبة على هذا النحو مثل تلك الخطوة محفوفة بالمخاطر.
وقال عبد الله ان القوات الحكومية تحاول قدر استطاعتها عزل اللاجئين وقطع الطريق على المساعدات للمتمردين قبل الحدود بمسافة.
والطريقان السريعان الرئيسيان المؤديان الى تركيا من حلب وعاصمة محافظة ادلب تقطعهما حواجز الطرق التي اقامها الجيش.
وقال عضو في الجيش السوري الحر ذكر ان اسمه أبو سيف "إن الوسيلة المستخدمة لوقف تدفق اللاجئين هي القصف المكثف للقرى أو المدن الاستراتيجية على الحدود مع تركيا.
بعد ذلك يقومون بزرع الألغام حول هذه البلدات والقرى". وقال أحد نشطاء المعارضة ان تدفق اللاجئين إلى تركيا يختلف كثيرا من يوم إلى آخر وذلك لأن قوات الحكومة تعثر على مناطق مفتوحة وتغلقها.
ثم يبحث اللاجئون عندئذ عن معابر اخرى ثم يتدفقون من خلالها حتى يتم اغلاقها.
واحد المعابر الخطرة بشكل خاص هو نهر العاصي الذي يقع على الحدود ويشتهر بتياراته القوية. ويمكن رؤية خيام الجيش السوري رابضة وسط الاراضي الزراعية الخصبة على الجانب الاخرى.
وقال محمد حجازي الذي انتخب ممثلا للاجئين في مخيم بوينيوجون وهو احد عدة مخيمات اقامتها السلطات التركية على الحدود "وراء الخيام هناك مواقع المدافع الرشاشة التابعة للجيش. إذا اتاح الأسد الفرصة للناس للهرب لرأيت مئات الالوف من السوريين هنا."
واضاف حجازي "في كل مرة يتم إعطاء مهلة للنظام تكون كارثة. الأسد يفسر ذلك على أنه تصريح بالقتل بلا حدود لحين تحديد مهلة أخرى."