أكد رئيس قسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة البحرين شمسان المناعي خلال ورشة «التواصل مع الأطفال خلال الأزمات» إن التواصل مع الأطفال هو المدخل الرئيسي لتنمية شخصياتهم من خلال تبادل الكلمات والأفكار والمشاعر معهم، جاء ذلك خلال البرنامج الإرشادي لتدريب العاملين في مجال الطفولة ضمن فعاليات دورة «التكيف مع الأزمات» الذي تقوم بتنظيمه اللجنة الوطنية للطفولة تحت رعاية وزيرة حقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، ضمن حملة الوحدة الوطنية «وحِدة وحَدة».
وأوضح شمسان أن التواصل هو عملية إنتاج ونقل وتبادل المعلومات والأفكار والآراء والمشاعر من شخص إلى شخص آخر بقصد التأثير فيه وإحداث الاستجابة المطلوبة، ويتكون التواصل من ثلاثة عناصر رئيسية وهي المرسل، وهو مصدر الرسالة أو النقطة التي تبدأ عندها عملية الاتصال والرسالة وهي الموضوع أو المحتوى (المعاني أو الأفكار) الذي يريد المرسل أن ينقله إلى المستقبل وتتم عادة التعبير عنها بالرموز اللغوية أو اللفظية أو غير اللفظية أو بهما معاً والوسيلة، وهي الطريقة أو القناة التي تنتقل بها الرسالة من المرسل إلى المستقبل، مبيناً أننا نتواصل مع بعضنا البعض ومن خلال تعابير الوجه (العبوس أو الابتسام) أو الإشارات، وبالصمت (الجاف أو الدافئ)، كما أننا نتواصل بالكلمات والألفاظ، فالكبار في العادة لا يواجهون أية صعوبة في التواصل مع الأطفال خاصة عند توجيهاتهم لكيفية استخدام المقص مثلاً أو في شرحهم لهم لمدي خطر السيارات، لكن تكمن الصعوبة لديهم في التعبير عن المشاعر سواء مشاعرهم أو مشاعر الأطفال.
وأشار إلى أن التواصل الوجداني العاطفي مع الطفل أنجح الطرق وأهمها، نظراً لأننا نمتلك المشاعر والعواطف سواء كمربين أو معلمين، ولكن الكثير منا يفتقد التعبير عن هذه العواطف والمشاعر والتي هي أساس البناء النفسي لنمو الطفل، وافتقادنا لذلك هو بسبب ثقافة مجتمعنا التي تجعل العواطف في أسفل سلم طرق التواصل ليس مع الطفل فقط، ولكن حتى بين الكبار بعضهم البعض مثل التواصل العاطفي بين الزوج والزوجة.
وقال شمسان إن الأطفال هم أشد الفئات العمرية تأثراً بالأوضاع الناجمة عن الظروف الصعبة، ويرجع ذلك إلى قلة خبرتهم المعرفية والحياتية، ومحدودية آليات التكيف التي يمتلكونها، ناهيك عن أنهم يعيشون في عالم من الخيال الواسع الذي يصور لهم الأحداث بصورة أكبر بكثير من حجمها الحقيقي، ولذلك فإن أهم أنواع التواصل هو التواصل بلغة الجسد، حيث تأثر عليهم بنسبة 55 في المئة، ولذا على المربين أن يجيدوا مهارات لغة الجسد للتواصل مع الأطفال مثل تعبيرات ألوجهه ولغة العين وغيرها من التعبيرات التي من شأنها أن توصل رسائل إيجابية مشبعة بالتفاؤل والحب للطفل لكي يجعلوه يشعر بالأمن كحاجة أساسية لحياته ويمثل الشكل التالي تأثير لغة الجسد في عملية التواصل بالنسبة لوسائل التواصل الأخرى.
وأوضح أن آثار الظروف الصعبة أثناء الأزمة لها عدة جوانب في حياة الطفل، تتمثل غالبيتها في التهديد الموجه نحو تلبية احتياجاته المادية والنفسية الأساسية، والتي تعتمد بشكل مباشر على أفراد أسرته والراشدين من حوله، ولذا فإن للبيئة المتوافرة له أهمية خاصة في مساعدته على استعادة قدرته على التكيف، والعودة إلى النمط الطبيعي، وعلى رغم أن الأطفال من مختلف الفئات العمرية يتأثرون بالأوضاع الصعبة، إلا أنه يبقى هناك تفاوت كبير بينهم في درجة وكيفية تأثرهم بها، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية، إذ يلعب إدراك الطفل للحدث الصعب دوراً رئيسياً في تحديد المعنى الخاص والذاتي وهذا يتوقف على المميزات الشخصية الخاصة بكل طفل، هذا بالإضافة إلى طبيعة مرحلته العمرية، وأسلوب تعامله مع الوضع الصعب، ويشمل ذلك حدة القلق وقدرته على التحدث عن الحدث، والمعنى الخاص الذي يعطيه كل طفل للحدث بحسب حصيلته المعرفية والتجريبية والخيالية، وأيضاً وفقاً لتوافر جهاز الدعم العائلي والذي يلعب دوراً مساعداً أو معوقاً للطفل في عملية تكيفه، موضحاً أن مرور الأطفال بالأوضاع الصعبة تؤدي إلى ردود أفعال تؤثر على عدة نواح من حياتهم، كالنوم المتقطع وحدوث الكوابيس المتكررة التي تتخللها مشاهد الحدث، وظهور سلوكيات عدوانية موجهة ضد الآخرين، والعزوف عن الطعام أو الإفراط في تناوله، وانخفاض الأداء المدرسي، هذا بخلاف ردود الفعل الفسيولوجية كالتبول اللاإرادي وازدياد حالات الإثارة والتوتر، وظهور حالات من الإمساك أو الإسهال، والتعلق القَلِق بالوالدين من خلال الخوف من الانفصال عنهما، وتضاؤل الاشتراك في النشاطات الخارجية وقلة اهتمامه باللعب والخوف الواضح من البرامج التلفزيونية التي تحتوي مشاهد عنيفة.
العدد 3520 - الخميس 26 أبريل 2012م الموافق 05 جمادى الآخرة 1433هـ