لا يتوقف المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني بملابسه السوداء بالكامل عن الحركة في المنطقة الفنية ويعكس فريقه اتلتيكو مدريد المنتمي لدوري الدرجة الأولى الاسباني لكرة القدم صورة الرجل الذي كان كلاعب خليطا من القوة التي لا ترحم والمهارة.
في المقابل يبدو مواطنه مارسيلو بيلسا بملابس التدريب الواسعة والنظارات فوق عينيه كمن يفكر بعمق لتمنحه صورة المدرب الفيلسوف الذي يؤمن أن الطريقة الوحيدة لتحقيق الفوز هي مهاجمة المنافس مهما كانت الظروف.
وأمس الأول (الأربعاء) تفوقت طريقة سيميوني الأقل جمالا على الأسلوب الراقي لأستاذه حين تغلب اتلتيكو 3/صفر على بلباو في نهائي كأس الأندية الأوروبية.
ونال بيلسا الكثير من الإشادة لنجاحه في تحويل طريقة اللعب المعروفة في بلباو والتي كانت تعتمد على القوة البدنية ليصبح أحد أفضل الفرق في اسبانيا التي تعتمد على كثرة التمريرات على رغم القيود التي تفرضها عليه سياسة النادي الذي لا يضم سوى لاعبين منتمين لإقليم الباسك.
وقاد بيلسا غريب الأطوار الذي درب سيميوني لأربع سنوات في منتخب الأرجنتين فريق بلباو لأول نهائي أوروبي منذ 35 عاما ووصل به أيضا لنهائي كأس ملك اسبانيا إذ سيواجه برشلونة يوم 25 مايو/ أيار الجاري في أول مواسمه مع الفريق.
ويعد مدرب برشلونة بيب غوارديولا أحد المعجبين بطريقة بيلسا التي طبقها في فريقه بالاعتماد على الإيقاع السريع وكثرة التمريرات والضغط على المنافس في نصف ملعبه.
لكن ذلك الأسلوب المغامر يمكن أن يتسبب أيضا في كشف دفاع فريقه مثلما أدرك مشجعو منتخب تشيلي خلال 3 هزائم مهينة أمام البرازيل وهزيمة ثقيلة بثلاثية نظيفة على أرضه أمام باراغواي تحت قيادة بيلسا وكلها في منافسات رسمية.
وبدت العلامات الأولى يوم الأربعاء في الاستاد الوطني بمثابة إنذار إذ اندفع اتلتيكو للهجوم منذ البداية بينما فقد بلباو الكرة 3 مرات في منطقة دفاعه.
وبعد افتتاح التسجيل في الدقيقة السابعة سارت المباراة كما أرادها اتلتيكو تماما غذ نجح في إفساد طريقة لعب بلباو السلسة وقام بتدخلات قوية في وسط الملعب مع شن هجمات خطيرة.
وقال بيلسا إنه ربما لعب بالطريقة التي أرادها سيميوني.
وأضاف «أردنا اللعب بطريقة معينة لكننا لم نصنع السيناريو المثالي من أجل ذلك. نجح المنافس في تحويل السيناريو إلى الطريقة التي تلائمه والتي سيطر من خلالها على اللعب».
وتابع «أشعر بأني أتحمل المسؤولية الأساسية عن المسافة بين ما كنا نستطيع تحقيقه وما حققناه فعلا».
وعزز سيميوني مسيرته التدريبية التي بدأت بطريقة جيدة في بلده الأرجنتين لكنها تراجعت بصورة حادة بعد سلسلة من الإخفاقات.
ففي عامه الأول في عالم التدريب قاد لاعب وسط منتخب الأرجنتين سابقا سيميوني والذي وصف دائما أنه يلعب وهو يضع سكينا بين أسنانه فريق استوديانتس للفوز بأول ألقابه في الدوري الأرجنتيني منذ 35 عاما ليصبح من المدربين الذي ترغب الفرق في التعاقد معهم، وانتقل بعدها للعمل مع ريفر بليت ليتوج بلقب آخر بعدها بعام.
لكن كل شيء سار بطريقة سيئة في الموسم التالي إذ خاض ريفر 11 مباراة من دون أي فوز ليتذيل الترتيب ويترك سيميوني -الغاضب الذي كسرت ذراعه حين ضرب بها مقاعد الاحتياطيين من فرط استيائه ذات مرة- النادي.
وتولى سيميوني بعد ذلك مهمة شاقة بتحوله لتدريب سان لورينزو المثقل بالديون وبقي معه لعام واحد وسط احتجاجات من المشجعين بعد سلسلة أخرى من النتائج السيئة.
وفي تلك اللحظة بدا وكأنه يواجه خطر التحول لمدرب رحالة ينتقل من ناد إلى آخر . لكن بعد فترة في إيطاليا مع كاتانيا إذ أنقذه من الهبوط عادت أسهمه لترتفع مرة أخرى.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي تولى تدريب اتلتيكو الذي حقق معه نجاحا كبيرا كلاعب بالفوز بثنائية الدوري والكأس في اسبانيا في 1996، وقال سيميوني: «تحقيق الفوز كلاعب أمر رائع دائما فالمتعة تزيد حين تكون في أرض الملعب. يمكن أن تصرخ وأن تركض وتقوم بلفة احتفالية. وكمدرب علي أن أكون أكثر تحفظا وأن أشاهد من خارج الخطوط».
وأضاف «أنا فعلا سعيد لتقديم لقب آخر لمشجعي اتلتيكو. هذه المرة كمدرب. أنا مدرب شاب وهذا موقف قوي بالنسبة لي بالتأكيد. أشكر المشجعين على مشاعرهم تجاهي».
العدد 3534 - الخميس 10 مايو 2012م الموافق 19 جمادى الآخرة 1433هـ