العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ

غزة... «الزيتون حياتنا»

كان زيت الزيتون هو الذي مكننا من البقاء على قيد الحياة في الأوقات الصعبة»، وفقاً لأحمد الصوراني من لجنة الإغاثة الزراعية الفلسطينية. ويضيف «خلال الحرب الأخيرة عاش كثير من الناس، الذين لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم، على الخبز وزيت الزيتون فقط ولفترات طويلة».

ويذكر الصوراني أنه حتى خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي، كان لتوافر الزيتون وزيته دور مهم في استمرار العيش، موضحاً، «لقد مكن آلاف الأسر الفلسطينية الفقيرة جدّاً من البقاء على قيد الحياة، وعندما يفرض الجيش الإسرائيلي حظر التجوال علينا، يصبح الزيتون والزيت هما مصدر غذائنا الرئيسي، فمعظم الطلاب يأخذون سندويتشات الزعتر وزيت الزيتون للمدرسة كطعام غداء».

مصدر العيش الرئيسي هذا تم استهدافه من قبل إسرائيل عبر السنين، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 ذكرت منظمة أوكسفام أنه قد تم تدمير 112.000 شجرة زيتون في قطاع غزة منذ العام 2000.

ويقول الصوراني: «وفقاً للسلطات الإسرائيلية؛ فإن «المنطقة العازلة»، التي تفرضها إسرائيل لمنع الفلسطينيين عن أراضيهم، هي 300 متر من حدود الخط الأخضر الفاصل بين غزة وإسرائيل».

ويضيف «لكن في واقع الأمر تمتد المنطقة العازلة لأبعد من 600 متر، وتشمل 30 في المئة من الأراضي الزراعية في قطاع غزة».

وتذكر الأمم المتحدة مناطق تصل إلى 2 كيلومتر من الحدود في غزة يتعذر الوصول إليها بسبب الممارسات الإسرائيلية من إطلاق النار، والقصف، والتوغل في المناطق الحدودية للقطاع.

وبحسب لجنة الإغاثة الزراعية الفلسطينية؛ فقد تم تدمير أكثر من 42 في المئة من 175.000 دونم (الدونم الواحد هو 1000 متر مربع تقريباً) من الأراضي الصالحة للزراعة في القطاع، وذلك خلال الاجتياحات والعمليات الإسرائيلية.

وتفيد تقارير منظمة الصحة العالمية بأن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة دمرت وحدها ما يصل الى 60 في المئة من القطاع الزراعي.

ويقول الصوراني، أنه على رغم حملة إسرائيل المنهجية لتدمير أشجار الزيتون وجعل الوصول للأراضي الزراعية شبه مستحيل، «إلا أن بعض المناطق في قطاع غزة لاتزال تحتوي على أشجار الزيتون الموجودة منذ مئات السنين، وهي موجودة على وجه الخصوص في أحياء الزيتون، والشجاعية، والتفاح».

ويضيف الصوراني أن عدد الأشجار القديمة ضئيل نسبيّاً، ومتوسط عمر معظم الأشجار الموجودة هو حوالي خمس سنوات.

ولمواجهة أوضاع المزارع التي أصبحت قاحلة بشكل متزايد في قطاع غزة، تخطط وزارة الزراعة الآن للمقاومة غير العنيفة لمخططات إسرائيل للقضاء على القطاع الزراعي الفلسطيني.

ويقول أحمد فطاير من الوزارة إنه على مدى السنوات التي تضمنت وأعقبت الإحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، وضعت السياسات الإسرائيلية والحوافز الاقتصادية بهدف إجبار المزارعين الفلسطينيين على الابتعاد عن زراعة الأشجار في أراضيهم والعمل في دفيئات مشاتل الخضراوات أو كعمال في إسرائيل.

وبعد قيام الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل وتجريف الأراضي الزراعية الفلسطينية، وجد الفلسطينيون صعوبة، إن لم يكن استحالة، في زراعة أشجار الزيتون الخاصة بهم.

ويقول فطاير: « لقد أنشأنا مشتلاً لزراعة مليون شجرة زيتون في مختلف أنحاء قطاع غزة، ولا سيما في المنطقة العازلة التي دمرت الى حد كبير».

ويسرد فطاير مجموعة كبيرة ومدهشة من فوائد واستخدامات شجرة الزيتون: «بالإمكان زراعتها في الشوارع، وساحات المدارس، وأمام المنازل، ويمكن للزيتون أن يتحمل الجفاف الشديد، والمياه المالحة، كما يمكن تخزينه لفترات طويلة واستخدامه في مختلف الصناعات مثل المواد الغذائية، وعلف الحيوانات، والفحم، والسماد، والأدوية».

ويضيف «تكفي شجرتان أو ثلاث أشجار زيتون لتوفير الزيت والزيتون اللازمين للاستهلاك السنوي لعائلة فلسطينية يبلغ متوسط عدد أفرادها ثمانية».

ويقول أحمد الصوراني: «بالإضافة للجوانب التغذوية والاقتصادية؛ فإن أشجار الزيتون مهمة لأسباب أخرى متعددة ... فالفلسطينيون يرون في شجرة الزيتون رمزاً للأرض، والاستقلال، والسلام والكرامة أيضاً».

ويضيف «نحن نستخدم زيت الزيتون في كل شيء، حتى لشعر الرأس. وعندما نمرض نفرك أجسادنا بزيت الزيتون. بل إنه مصدر لمستحضرات التجميل: فنحن نستخدمه في صنع الكحل غير السام. كما أن أوراق شجرة الزيتون لها فوائد طبية ويمكن استخدامها في المستحضرات الصيدلانية، وذلك في صورة شاي لعلاج مرض السكري وآلام المعدة».

وبالنسبة للأعداد الكبيرة من الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة (1.6 مليون نسمة يعيشون في 365 كيلومتراً مربعاً)، فكان يتم تلبية احتياجاتهم من الزيت والزيتون من مزارعي الضفة الغربية المحتلة.

ويفيد تقرير منظمة أوكسفام للعام 2010 بأن «الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة أثر على استيراد الزيتون والزيت من الضفة الغربية إلى حد كبير». ويبين التقرير زيادة واردات زيت الزيتون «التي تم تخفيض سعرها لأنها وصلت لتاريخ انتهاء صلاحيتها».

فيقول الصوراني: «نحصل الآن على كمية صغيرة من الضفة الغربية، والباقي يأتي من سورية، ولبنان، ومصر، وأسبانيا، لكننا مازلنا نفضل زيت الزيتون من فلسطين، و»سورري» هي شجرة الزيتون والزيت المفضلة عندنا التي يعود أصلها إلى العصر الروماني».

ومثل أشجار الزيتون، فأشجار النخيل لها أهمية تاريخية خاصة بجانب أهميتها التغذوية والاقتصادية والثقافية للفلسطينيين. ويضيف الصوراني «إنها مصدر مهم للتغذية، وهي أشجار مثمرة للغاية ولا تكلف الكثير في زراعتها والحفاظ عليها».

ويوضح أحمد فطاير أنه «يمكن زراعة أشجار النخيل في متر مربع أو مترين فقط» في حين تنتج شجرة نخيل واحدة ما يصل الى 200 كلغم من التمور».

وتتضمن خطة وزارة الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي تربية أشجار النخيل أيضاً.

«شتلة نخيل واحدة قد تعطي بعد حوالي سبع سنوات نفس ناتج شجرة النخيل المثمرة وعشر شتلات أخرى»، وفقاً لفطاير الذي يضيف «ثم تعطي العشر الشتلات بعد سبع سنوات محصول عشر نخلات منتجة ومئة شتلة جديدة».

ووفقاً لتقديرات وزارة الزراعة، سيكون هناك نحو ثلاثة ملايين شتلة بحلول العام 2020، وسيكون عدد كبير منها مثمراً.

وتتضمن فوائد الزراعة الناجحة للنخيل: المواد الغذائية (دبس التمر، والحلويات، والزيت)، والمنسوجات (الأثاث، والقماش)، والزراعة (علف الحيوانات)، والورق.

العدد 3555 - الخميس 31 مايو 2012م الموافق 10 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً