ما أن بدأت النشطة سلمى سعيد (26 عاما) في توزيع بيان يدعو لمقاطعة جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة المصرية في مدخل شارع متفرع من ميدان التحرير امس الثلاثاء حتى التف حولها أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين طالبين منها التوقف. وتقدم رجل يرتدي جلبابا محذرا سلمى مما زعم أنه ضرب تعرضت له نشطة أخرى كانت تفعل نفس الشيء في وسط الميدان على أيدي إخوان.
ويخوض انتخابات الإعادة التي ستجرى هذا الشهر محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان وأحمد شفيق آخر رئيس للوزراء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. وكان شفيق قائدا للقوات الجوية مثل مبارك. وبدا الخلاف واضحا بين متظاهري التحرير - الذي كان بؤرة الانتفاضة التي أسقطت مبارك في مطلع العام الماضي- حول الخطوة القادمة في احتجاجهم الذي بدأ يوم السبت. وكان مئات النشطاء نزلوا إلى الميدان في ذلك اليوم وأغلقوا مداخله معلنين الاعتصام فيه مطالبين بإعادة محاكمة مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار ضباط الشرطة في قضية اتهموا فيها بالتآمر لقتل متظاهرين خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وقتل خلالها نحو 850 متظاهرا. وصدر يوم السبت حكم بالسجن المؤبد على مبارك والعادلي لكن المحكمة برأت كبار مساعدي العادلي لعدم كفاية الأدلة مما دفع كثيرين للاعتقاد أن الرئيس السابق قد يحصل على البراءة لدى الطعن على الحكم أمام محكمة النقض.
وقال الإخوان الذين تحلقوا حول سلمى إن المقاطعة تصب في مصلحة شفيق. وقالت الناشطة "نحاول أن نوقف الانتخابات. أنا شخصيا قاطعتها من الجولة الأولى. "ليس لدينا أي ثقة في نزاهة الانتخابات. انتخابات الإعادة التي تجرى تحت حكم العسكر ستأتي بشفيق" مشيرة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ إسقاط مبارك. وقال المجلس العسكري إن الفترة الانتقالية ستنتهي بحلول الأول من يوليو تموز لكن مصريين يقولون إنه سيسعى لاستمرار نفوذه من وراء الستار وإنه يؤيد شفيق. ويواجه عدد كبير من المصريين صوتوا لصالح مرشحي الوسط في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي اختيارا مرا بين مرسي وشفيق الذي يتوقع بعض المصريين أن ينتقم ممن شاركوا في الانتفاضة وأن يبث الحياة في النظام القديم كاملا. وطالب الإخوان قبل يومين بتطبيق قانون صدر وقت الترشح للرئاسة يمنع شفيق من مباشرة حقوقه السياسية. وقالت لجنة الانتخابات الرئاسية إن القانون به شبهة عدم دستورية وسمحت لشفيق بالترشح رغم سريان العمل به.
ويدعوا الإخوان لانتخاب مرسي إذا تبين أنه لا مناص من خوض جولة الإعادة في وجود شفيق منافسا لمرشحهم. وأمسكت امرأة قصيرة القامة ببعض أوراق سلمى ومزقتها وداست عليها بقدمها وهي تصرخ "أتريدون أن ينجح شفيق؟ أتريدون أن ينجح شفيق؟" وإذ زادت سخونة الجدل هتفت امرأة وردد وراءها عدد من الشبان "بيع بيع بيع الثورة يا بديع" في إشارة إلى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع. لكن أعضاء الجماعة تجنبوا أي اشتباك معهم. ويقول نشطاء إن جماعة الإخوان التي أحجمت عن المشاركة في الانتفاضة من بدايتها لم تشارك في احتجاجات تلت سقوط مبارك وقتل خلالها البعض وفضلت الحصول على مكاسب انتخابية ويقولون إن الجماعة لم تبد اهتماما جادا إلا متأخرا بالقصاص لقتلى الانتفاضة وضمان حصول أسرهم على ما يقولون إنها حقوق مالية مناسبة.